الرئيسية
جيريكو والميدوزا .. لمحات مضيئة من تاريخ الفن (48)
يعتبر ثيودور جيريكو Theodore Gericault (1791-1814) احد ابرز رسامي المدرسة الرومانسية الفرنسية.درس في صباه على يد الفنان الكلاسيكي پيير گورن Pierre Gurein الذي كان شديدا غير متسامحا معه فكان السبب في ان يترك جريكو ستوديو استاذه ويتوجه للعمل في متحف اللوف Louvre كمرمم للوحات ومن ثم مستنسخا للوحات المشاهير من امثال روبن وتيتيان وفيلاسكز ورمبرانت.
ولشدة ولعه باكتساب المهارات العليا في الرسم كان ينفق وقتا طويلا في اسطبل قصر فرساي لرسم الخيول والفرسان ودراستها من حيث التشريح الاكاديمي ودينامية الحركة والتوازن.
بعد ذلك سافر الى ايطاليا وامضى وقتا في روما وفلورنسا ونابولي وتأثر بالمدرسة الكلاسيكية الايطالية واستلهم روح وعبق منهج مايكل انجلو.
وبالرغم من ان جيريكو عرف عن طريق لوحته "تحطم الميدوزا" The raft of the Medusaذائعة الصيت، الا انه رسم العديد من الروائع لمشاهد العسكر والخيالة كما انه برع بشكل خاص في رسم البورتريه.
وكانت لوحة الميدوزا قد استمدت شهرتها بسبب تصويرها الحادث الحقيقي لتحطم سفينة فرنسية باسم الميدوزا والتي اصبحت فضيحة على المستوى الوطني وذلك لتخلي الكابتن عن مسؤوليته تاركا السفينة تغرق فيهلك جميع ركابها وطاقمها.
ومما تجدر الاشارة اليه هنا هو ان في وقت رسم هذه اللوحة عام 1819 كان الرسام الشاب يوجين ديلاكروا Eugene Delacroix معجبا بجيريكو وكان قد تبرع ان يكون تحت خدمته كموديل لشخصيات السفينة.
اما بورتريهات جيركو فقد كانت لها قيمة خاصة بسبب الشخصيات المختارة وبراعته في تصوير تعابير الوجوه التي تعكس الدواخل النفسية للشخصيات ومشاعرها وعواطفها بالشكل الذي يشعر فيه المشاهد وكأن عيون الشخصيات المرسومة تشي بحالاتها النفسية والعقلية.
وهو الذي رسم عشرات الاشخاص المصابين بامراض عقلية كما رسم الكثير من الموتى واجاد في التفريق بين تعابير وجه الشخص الميت والشخص النائم، اضافة الى رسم الاشخاص العاديين، وكان ذلك بمثابة ظاهرة ملفتة للنظر في ذلك الوقت حيث لم تكن بورتريهات الرسامين الكبار الا للملوك والامراء والاثرياء والمشاهير.
تعرض جيريكو الى حادث سقوط من على ظهر الحصان فتعقد شفاءه بسبب ماكان يعاني من مرض السل الذي نخر عظامه لسنوات فتوفى بسن الثالثة والثلاثين وهو في اوج نبوغه الفني.
مصدق الحبيب