صحيفة المثقف

فيروز / سعود الأسدي

 

وفتّحَتْ لي شبابيكُ الرُّؤَى أمَلا

به نسيتُ تباريحي وآلامي

 

وماءُ غسّانَ* أضحى مورداً شَبِماً

من فيضِهِ ينهلُ الحرّانُ* والظامي

 

أعَدْتِ لي  بدمشقِ الشامِ رونقَها

من عهدِ آرامَ* فاسترجعتُ أحلامي

 

والشامُ أهْدَتْ حروفًا* للوَرَى  ذَهَباً

والشامُ* شمسٌ أنارَتْ كلَّ إظلامِ

 

بها الكواكبُ والدنيا قد ازدهرَتْ

بكلّ حرفٍ كثغرِ الصبحِ بسّامِ

 

يا فجرَ آرامَ أيقظْ أمةً هَجَعَتْ

فما تمرُّ بهمْ إلاّ بنُوّامِ

 

سألتُ عنهم هشاماً ساهرًا فبكى

والشامُ يبكى عليها حظُّها الدامي

 

والياسمينُ على أعتابها انتحرَتْ

زهورُهُ بينَ حسّادٍ ولُوّامِ

 

وَمَرَّ بي المتنبي ساخطًا ومضى

من فوقَ أدهمَ في الهيجاء دَهّامِ

 

وقال : مذْ ألفِ عامِ انتمُ هَمَلٌ

وقد رَماكم ببلوَى ذُلّكمْ رامِ

 

وقال : ماذا جَرَى للشام ؟ قلتُ له :

داءٌ خبيثٌ وأعيا كلَّ حَجّامِ

 

سحائبٌ فوق أرض الشام عابرةٌ

وهي الأعاريبُ تستقوي بظُلاّم

 

وقد  أتَوْنا بتكفيرٍ وما فتِئوا

يُكَفِّرون بفتوَى باسم إسلام

 

واستجلبوا الغَرْبَ يرمي أمتي حِمَماً

من كلِّ عِلْجٍ وموتورٍ وهَدّامِ

 

ولا يزالون في التجييشِ تدفعُهم

إليه أحقادُ أعداءٍ وأخصام

 

ويشترون بأموالٍ لهم ذِمَماً

والذمُّ يأتيهمُ من كلِّ ذمّامِ

 

وينبحون بإعلامٍ لهم ظهرتْ

زيوفُهُ بين تلفيقٍ وإيهامِ

 

وفي  "الجزيرة " أقزامٌ لهمْ قَزَمٌ

بئسَ المُسمَّى بلا حَمْدٍ وإكرامِ

 

تبّا لهم كيف خانوا أمةً أُمِرَتْ

بالعدل في نَصِّ قرانٍ وأحكامِ

 

أما كفاهُمْ مآسٍ للعراقِ أتَتْ

منهم وجاءوا بتدمير وإجرامِ

 

واحرّقلباهُ يا بغدادُ من حُرَقٍ

قد أُضرِمَتْ في فؤادي أيَّ إضرامِ

 

ولي ببغداد جَدٌّ* والمقامُ له

عال وفي الشام أخوالي وأعمامي

 

وللعروبةِ في القطرين أمّتُها

وليس تُصْغي لكذّابٍ ونمّامِ

 

يا أمّتي أقدمي كي يُستجابَ إذا

داعٍ دعاكِ إلى عزمٍ وإقدامِ

 

فالمجدُ لا يُبتنى إلا بتضحيةٍ

من كلّ شهمٍ بيوم الروعِ صمصامِ

 

والنصرُ آتٍ وللأعرابِ خزيُهُمُ

ولم يكونوا سوى سُرّاقِ أغنامِ

 

والدهرُ يمهلُ لكنْ ليس يُهْمِلُهُم

حتى يُداسوا بأنعالٍ وأقدامِ

 

........................

*ماء غسّان :أسم ماء في حوران نزلت به أولاد جفنة

وهم سلالة يمنية عربية هجرت بلادها عند انفجار

سد مأرب في القرن الثالث الميلادي وكانوا مسيحيين

أعتنقوا المسيحية المونوفيزيّة ، ومن ملوكهم الحارث بن جبلة

والمنذر بن الحارث وكان حسان بن ثابت شاعر الرسول

الكريم صلى الله عليه وسلم  يلم  بهم ويمدحهم وينال

عطاياهم ، ومن قصائده فيهم :

للهِ درُّ عصابةٍ نادمتُهُمْ     يوما بجلّقَ في الزمان الأوّلِ

أولادُ جفنة حولَ قبر أبيهُمُ   قير ابن ماريةَ الكريمِ المفضلِ

والقصيدة من روائع الشعر .

*الحرّان : العطشان عطشاً شديداً .

*آرام : أبو الشعوب الآرامية أي السوريّة .

*سورية : تعني الشمس وهي التي أهدت إلى

شعوب العالم حروف الهجاء .

*هو مقام جدّي عبد القادر الجيلاني ،

وهو إمام زاهد من كبار الصوفيين ،

عاش في بغداد ، ومن آثاره "الفتح الربّاني"

و" والغُنية لطالبي طريق الحق"و"فتوح الغيب" .

كما له ديوان شعر .توفي عام 561 هجرية .

ومن أحفاده الشيخ الصوفيّ محمد الأسد وله مقام

في قرية دير الأسد الجليلية التي تحمل اسمه .   

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2176 الأثنين 09/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم