الرئيسية

من أنواع التكافل الاجتماعي في الإسلام (2): التكافل السياسي والدفاعي والأدبي والعلمي / رشيد كهوس

وله حقه في النصح لمن يتولى أمر الأمة، فمجتمع العمران كله متكافل في تشييد صرح السياسة الرشيدة والإسهام في توطيد أركانها ودعائمها، وتأييدها ظاهرا وباطنا، وإنكار الفساد والانحلال والانحراف، يؤكد هذه المسئولية الجماعية هذا الحديث الشريف: عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ - وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه) ([1]).

ويؤكده كذلك هذا الحديث الثاني: عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ رضي الله عنه قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَالأَشْتَرُ إِلَى عَلِىٍّ كرم الله وجهه فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: لاَ إِلاَّ مَا في كتابي هَذَا - قَالَ - وَكِتَابٌ في قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ (الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، أَلاَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ([2]).

 

- التكافل الدفاعي:

على كل مسلم في المجتمع الإسلامي أن يتكافل مع بقية أفراد مجتمعه المسلم لحماية بيضته والدفاع عنه، وإذا أسر العدو فردا من أفراد المجتمع الإسلامي في المشرق وجب على آخر رجل في المغرب أن يهب مع إخوانه لحمايته وتخليصه من أيدي العدو، وإذا هجم العدو على بلد مسلم وجب على الأمة أجمعها أن تعلن الاستنفار والنفير العام لإنقاذه من أيدي المتعدين الغاصبين، ولا يعذر فرد من الأفراد إلا الزمنى ومن به عذر شرعي. يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} (النساء:71)، ويقول جلا وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ،إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (التوبة:38-39). ويقول تبار وتعالى:{انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (التوبة:41).

 

- التكافل الأدبي:

المقصود بهذا النوع التكافل هو شعور كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي بشعور الحب والود والعطف نحو الآخرين، ثم يحسن معاملتهم في السراء والضراء، والمنشط والمكره.

عن يزيد بن أسد رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا يزيد بن أسد؛ أحب للناس ما تحب لنفسك)([3]).

 

- التكافل العلمي:

فالعالم في مجتمع الإسلام يعلم الجاهل، والجاهل يحرص على التعلم من العالم، ولا يكتم العالم من علمه شيئا، بل ينفق منه على الصغير والكبير والرجل والمرأة،عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه قَالَ:  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَتَمَ عِلْمًا مِمَّا يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ فِي الدِّينِ، أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ) ([4]).



([1]) ( رواه الأئمة: البخاري في صحيحه باب الجمعة في القرى والبوادي، ومسلم في صحيحه باب فضيلة الإمام العادل، والترمذي في سننه باب ما جاء في الإمام العادل، وأحمد في مسنده مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما) .

([2]) (رواه الأئمة: وأحمد في مسنده مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ابن ماجه في السنن باب المسلمون تتكفأ دماؤهم، الدار قطني في سننه كتاب الحدود والديات وغيره، وعبد الله بن علي بن الجارود أبو محمد النيسابوري في المنتقى من السنن المسندة، باب ما جاء في رد السرايا على العسكر).

([3]) مسند الإمام أحمد حديث أسد بن كرز.

([4]) رواه الأئمة: ابن ماجه في سننه باب من سئل عن علم فكتمه، ابن حبان في صحيحه كتاب العلم، أحمد في مسنده مسند أبو هريرة، الحاكم في مستدركه كتاب العلم.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2231 الأثنين 01 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم