صحيفة المثقف

إمتزاج وإنعراج!!

صادق السامرائيإنعراج: إنحراف

المجتمعات كيانات ممتزجة متفاعلة بآليات تديم قوتها وقدرتها على التواصل والرقاء، وقادة الدول يجتهدون في توفير أسباب ودوافع التمازج، ليحققوا سبيكة وطنية ذات قدرة صامدة وإرادة واعدة، ولكي تتحقق الإنتاجية العالية والإبداع الأصيل والعمل المشترك المتكاتف، لبناء الوطن والحرص عليه والشعور بالمسؤولية تجاهه.

ولا يمكن لمجتمع أن يكون إذا ضعفت فيه أواصر وعوامل الإمتزاج أو غابت وإنتفت تماما.

لأنه سيتحول إلى محلول غير متجانس، تتحجر مكوناته وتتكور وتتصادم، فيكون وجودا مهلهلا ككومة من الحصى يسهل إختراقها.

بينما هذه الكومة لو خلطت بالرمل والإسمنت لتصلدت وصارت منيعة على الإختراق.

ويمكن مقارنة ما بين مجتمعات حَصَويّة البنية وأخرى سمنتية القوام، وبين هذا وذاك تكون درجات المجتمعات والشعوب.

وليس من السهل تدمير المجتمعات السمنتية، لأنها قد أدركت أن سلامتها تتحقق بتلاحمها وتمازجها الوطني، ويكون من السهل بعثرة المجتمعات الحَصَوية، لأنها بلا وعي وإدراك لمَعين الكينونة المتكاتفة.

ولهذا فأن العديد من القوى تخترقها وتبعثرها كومة هنا وأخرى هناك، وتعمل على تحويلها إلى موجود كونكريتي معزول بما تأتي به من مواد تشد الحَصى المستحوَذ عليه.

وهذه المواد عاطفية إنفعالية سلبية تأسرها وتعميها وتصادر عقلها، فتتحول إلى حالة دِمْيَوية قطيعية سهلة الإمتهان والإستخدام لتحقيق مصالح الطامعين بوجودها.

فهل من وعي وإدراك لآليات الطرد المركزي، التي تحاول فصل مكونات الكيان المجتمعي وتحويله إلى موجودات متناثرة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم