صحيفة المثقف

الى من يشيطّن حراك الشباب العراقي المنتفض بوجه الفساد

قاسم ماضيكثيرة هي الاصوات التي تنعق بإتجاه شيطنة إنتفاضة الشباب العراقي المندلعة منذ مطلع تشرين الماضي ومازالت فصولها مستمرة برغم القتل والتنكيل بل أن ذلك ساهم في إتساع نطاقها في بغداد ومعظم محافظات الجنوب والفرات الاوسط، لم يدر بخلد الذين إنخرطوا في عملية تشويه هؤلاء الشباب المنتفض بوجه الفساد ونظام المحاصصة الطائفي الذي يعد مصدر إنتاج الفساد في العراق منذ 2003 وحتى الان حيث أمّن جميع الفرقاء السياسيين من مختلف الطوائف لنظام ضمن لهم مغانم متجددة في عملية تدوير للمناصب السياسية ضمن ما يسمى العملية السياسية التي إنبثقت من ذلك الحين والتي لم يجن منها العراقيون سوى خيبة الامل على شتى الصعد فالتعليم والصحة والاقتصاد والرياضة والثقافة وغيرها من القطاعات ما تزال متعثرة بسبب سياسات تلك النخبة الحاكمة التي ختارت ان تتبنى أولويات حزبية وطائفية على حساب الاولوية الوطنية العراقية لقد ساهمت هذه النخب في تشويه الهوية العراقية من خلال خطابها الاعلامي والسياسي الموجه للجماهير ظنا ً منها بأن ذلك الاسلوب الكفيل الذي يجعل الجماهير توالي تلك الاحزاب والنخب السياسية حيث غالبا ً ما تسوّق تلك الاحزاب اجنداتها الطائفية والقومية والسياسية بشكل مسموم في محاولة لكسب قاعدة جماهيرية لها في المشهد الانتخابي الى جانب ضمان عنصر الموالاة، وعبر 16 عاما ً من المعايشة لهذه الاحزاب وبعد أن خبر هؤلاء الشباب ألاعيب تلك النخب وكشفوا زيفهم وأيقنوا أخيرا ً بأن هؤلاء ليسوا سوى جماعات إقطاعية تمارس السياسة وهمها الوحيد تنفيذ أجندات القوى الاقليمية التابعة لها، والقبض على الثروة والاغتناء السريع لجماعاتهم وقادة مليشياتهم الذين أشاعوا ثقافة فاسدة بين أبناء المجتمع، تلك حصيلة تمثل إستنتاجا ً لمختلف فئات الشعب العراقي الذي هب ثائرا ً بعد ان أستنفذ صبره عبر مسيرة 16 عاما ً من الوعود والعهود، وكغيري من العراقيين كنا نمني النفس في بناء عراق ديمقراطي تسموا فيه مبادئ دولة المواطنة والقانون على أي إعتبار فلن نلمس غير مجتمع وبلد تم تمزيقه على أسس مذهبية وقومية واثنية وتلك أولى خطوات تدمير العراق من قبل تلك الاحزاب الدينية التي حكمت العراق وماتزال تحكمه بقوة المليشيات والدعم الاقليمي، وحصيلة 16 عاما ً من البطالة والتراجع في مختلف مفاصل الحياة وصل الشاب العراقي الذي كان عمره في العام 2003 سنتين أو ثلاثة  واليوم نراه منتفضا وصل الى حالة من اليأس والقنوط الامر الذي جعله يخرج الى الشوارع ويتظاهر وينتفض ليوصل كلمته الى النخبة السياسية الحاكمة التي نهبت البلاد والعباد، والتي لم تنشئ أي مظهر عمراني جديد يشير الى مرحلة ما بعد 2003 ومن خلال زياراتنا المتكررة الى عراقنا الحبيب لم نرى أي صرح عمراني يشار له بالبنان من جامعات أو مستشفيات، مجمعات سكنية عملاقة، شوارع نظيفة خدمات عامة متطورة بل على العكس كل ما وجدناه هو ثمة بنى مهترئة يعود تاريخها الى زمن النظام السابق وأطنان من القمامة تعلو جنبات العاصمة الحبيبة بغداد وضواحيها بالرغم من الميزانيات الانفجارية التي دخلت الخزينة العراقية، كيف للشاب العراقي الا ينتفض وفرص العمل والمال العام تسيطر عليه نخبة الحكم وأتباعهم ؟ كيف للشاب العراقي ألا يثور وثمة من يقبض 3 رواتب وإمتيازات متعددة بالسفر السنوي وغيره لفئات معينة ؟ وقطاع واسع من المجتمع العراقي يملك قوت يومه؟ بفعل غياب العدالة الاجتماعية كيف للشباب العراقي ألا يثور ونسب الفقر والبطالة باتت مخيفة وفي إرتفاع دائم ؟ وكيف للشباب العراقي الا يثور وكل يوم تخرج الى الرأي العام فضيحة تهريب أموال لهذا السياسي أو ذاك؟ الى جانب ترسخ حقيقية جديدة أن هذه النخبة السياسية جعلت من بغداد بمناطقها المختلفة (طابو) للاحزاب فحينما تتجول هنا يقول لك فلان هذه المنطقة يملكها فلان زعيم الحزب السياسي والمليشيا الفلانية فكفاكم أيها المشيطنون شيطنة لهذه التظاهرات ووصفها بأنها موجهة من إسرائيل وامريكا ألم تلتحقوا بقطار الغزو الامريكي كي تضمنوا لكم حصة في عراق ما بعد 2003 أم أنتم من أسقطتم النظام السابق ؟ لكل من يشطين هذه التظاهرات العفوية كفاكم شيطنة أيها الشياطين وقولوا كلمة حق مرة واحدة فقط فالتدليس لن ينفعكم لان الحقائق باتت واضحة للقاصي والداني وللصغير والكبير وكفاكم لعب دور شهود الزور،  ففترة 16 عاما ً كافية لإختبار تلك القوى السياسية الفاسدة والتابعة للآخر .

 

قاسم ماضي – ديترويت

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم