صحيفة المثقف

كيف انقلب الشعب المصري على جماعة الإخوان المسلمين (2)

محمود محمد عليفي بيان القوات المسلحة والقوي السياسية، تقرر تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا للبلاد وتعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة توافق وطنى قوية، وتشكيل لجنة بها جميع الأطياف لمراجعة التعديلات الدستورية ومناشدة المحكمة الدستورية العليا إقرار مشروع قانون مجلس النواب، ووضع ميثاق إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق المصداقية والحيدة،والعمل على دمج الشباب، وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بالمصداقية وتمثل مختلف التوجهات، وهي القرارات التى لاقت ترحيب المتظاهرين في الشارع، كما أنها بمقتضاها تم عزل الرئيس.

وقد صرح عبدالفتاح السيسي في لقاء له مع صحيفة واشنطن بوست في أغسطس 2013،: "الجيش المصري لم يقم بانقلاب.. لقد قاد الإخوان البلاد بطريقة تخدم الأيديولوجية التي يمثلونها، وهذا ما لم يجعل مرسي رئيسا لكل المصريين... كان الجيش حريصا جدا على نجاح مرسي، ولو كنا نعارض أو لا نريد السماح للإخوان أن يحكموا مصر لكنا تلاعبنا في عملية الانتخابات ...لقد اختار مرسي أن يصطدم مع جميع مؤسسات الدولة: القضاء، الأزهر، الكنيسة، الإعلام، القوى السياسية، وحتى مع الرأي العام . وعندما يصطدم رئيس مع كل مؤسسات الدولة؛ فإن فرصة نجاحه تكون ضئيلة .ومن ناحية أخرى، كان (مرسي) يحاول استدعاء وحشد أنصار ذو خلفيات دينية له من الداخل والخارج ...إن الفكرة التي جمعت تنظيمات الإخوان المسلمين في تنظيم دولي لا تقوم على القومية أو الوطنية وإنما على أيديولوجية ترتبط تماما بمفهوم التنظيم (لا ، الدولة...) خلال المراحل المختلفة أطلعنا مرسي على التطورات على أرض الواقع ، وقدمنا له المشورة وتوصيات مقترحة لكيفية التعامل معها وكان ممكنا عمل الكثير، فعلى سبيل المثال  كان من الممكن حل الأزمة من خلال حكومة ائتلافية دون المساس بمنصب الرئيس. لكن مرسي كان يستمع فقط دون أن يعمل بأي منها .وأعتقد أن اتخاذ القرارات والقيادة كانت في أيدي تنظيم الإخوان، وهذا أحد أسباب فشله الرئيسية ...قبل 30 يوليو" أعطينا مهلة سبعة أيام لكل القوى السياسية في مصر للعمل على إنهاء الأزمة، تم تجديدها لمدة 48 ساعة إضافية كفرصة أخيرة (لمرسي) للتفاوض مع القوى   السياسية والتوصل الى حل وسط. وأعلنت بشكل واضح أنه إن لم يتغير شيء مع نهاية المدة؛ فستعلن خارطة طريق من قبل العسكر والقوى السياسية ...وحتى في يوم إعلان البيان (بيان إقالة مرسي من منصبه في 3 تموز - يوليو، 2012) دعوت لاجتماع ضم بابا الأقباط، وشيخ الأزهر، ومحمد البرادعي والممثل السياسي لحزب النور، وممثل عن المرأة المصرية، وممثلين عن القضاء المصري، وعن الشباب، وتمرد، ودُعي حزب الحرية والعدالة الى الاجتماع، لكن لم يأت منهم أحد. واتفق الحاضرون على خارطة طريق بتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للجمهورية وتشكيل حكومة تكنوقراط، وتشكيل لجنة من الخبراء والقانونيين لعمل التعديلات الدستورية ... وطرح الدستور للاستفتاء العام .وبمجرد الموافقة عليه سنجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية في غضون تسعة أشهر ...وفي نفس اليوم الذي أعلن فيه البيان وجُهت رسالة الى الرئيس السابق طالبته بالمبادرة لحل الأزمة بأن يطرح نفسه لاستفتاء شعبي ومعرفة ما إذا كان الشعب ما زال يريده رئيسا، لكنه قال :لا ليس بعد ...ولو لم نتدخل لكانت هناك حرب أهلية... وكنت كذلك قبل رحيل مرسي بأربعة أشهر قد أوضحت له أن  نهجه وجماعته في الحكم يخلق صراعا بين مؤيديه والمعارضة... وأخبرته أن الجيش لن يكون قادرا على فعل شيء في حال اقتتلت جماعته مع الشعب المصري.

والسؤال الآن هل سقوط نظام الإخوان المسلمين يمثل ثورة أم انقلاب؟

تمحورت الكثير من التحليلات والنقاشات حول ما إذا كانت إقالة مرسي تندرج في إطار  "انقلاب عسكري، أم أنها جولة ثانية لثورة  25 يناير" . فمثلا يري البعض كما يقول د. علي الدين هلال (وأخرون) في كتابه عودة الدولة": أن عزل مرسي بتدخل الجيش يمثل انقلابا كاملا على الشرعية الدستورية، وعليه فقد اعتبر الإجراءات الناتجة عن 3 يوليو من تشكيل الحكومة والاستفتاء على الدستور باطلة وتفتقد الشرعية وعودة الرئيس للحكم مرة أخري، ويضم هذا التيار بالأساس جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب التابعة لها، والأحزاب الممثلة للتيار الإسلامي بجانب أحزاب الجماعات الإسلامية، كما أن هذا التيار اتجه لتأسيس تحالفات توحد موقفه وتعبر عنه وكان أبرزها "تحالف دعم الشرعية"، وهو تحالف تم تشكيله قبل عزل الرئيس (في الجمعة السابقة على يوم 30 يونيو)، بهدف معارضة دعوات التظاهر لإسقاط الرئيس، ويضم التحالف حزب الحرية والعدالة وبعض حلفاء جماعة الإخوان من الأحزاب السلفية مثل حزب الوطن، وحزب الوسط، والجماعة الإسلامية، والبناء والتنمية، ويمثل التحالف القطب الرئيس المعارض لسلطة ما بعد 30 يونيو .هذا إضافة إلي بعض الشخصيات والحركات المشتركة مع جماعة الإخوان في نفس الايديولوجية السياسية مثل حازم صلاح أبو إسماعيل ومؤيديه، والسلفية الجهادية، وقد اقتصر دورها على المشاركة في المسيرات الداعمة لجماعة الإخوان، ولكن انحسر دورها بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة. وللحديث بقية!

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم