نصوص أدبية

سعد جاسم: رأَيتُ كلَّ شيء

هذا الكائنُ،

الذي يقفُ أَمامَكم الآنَ

هوَ  أَنا

{سعد جاسم}

وأَعني

{سـعـدائـيـل البـابـلي}

ولدتْني أُميَّ السومرية

على ضفافِ الفرات

إِذْ فاجأَها الطلقُ

عندما كانتْ تُجالسُ النهرَ الكريمَ

لتغسلَ الثيابَ والأوجاعَ

الأَحلامَ والصحونْ

بورقِ السدرِ والتينِ والزيتونِ

والبوحِ والتُرابْ

وكانَ أَبي السيّدُ الهاشميُّ الأخضرُ الروح والعيونْ

دائماً يتذكّرُ تلكَ الواقعةَ الغرائبية

ويحكي بشغفٍ أَبويٍّ ساخنٍ

عن يومها المحفورِ في ذاكرتِهِ

وقَدْ جاءَهُ الـ "سعد"

فأَعطاني هذا الاسمَ بيقينِ الماءِ

وأنا بدوري جئتُ إليهِ

بالنورِ والفرحِ الربّاني

لأنني شبيهَهُ الوحيد

بخضرةِ عينيَّ وبساطتي وزهدي

وعشقي للحبِّ والجمالِ والنساءِ

وفي...

حداثتي الروحية والشاعرية

أًصبحتُ نَحّاتَ النصوص

وصيّادَ غزالاتِ المُدن

فارسَ أَحلامِ الوحيدات

والشاعراتِ الهائماتْ

والسارداتِ الساحراتْ

والرساماتِ المجنوناتْ

*

وكذلكَ أَنا شفيعُ

النساءِ المُهَمَّشاتِ والمُهَشَّماتِ

والمُهاجراتِ والمُهَجَّراتِ

الهارباتِ من الحروبِ

وبيوتِ القسوةِ والدموعِ

والأَزمنةِ الرماديةِ المُرَّةِ

مثلِ شايٍ صينيٍّ مغشوشٍ

بنشارةِ الخشبِ والأَصباغِ المُسَرْطنةِ

وفايروساتِ " كوفيد " ومُشتقاتهِ الشيطانية

وأَنا أَيضاً حارسُ أَسرارِ الصديقاتِ والأَصدقاء

في ماوراءِ البحارِ والمحيطات

*

وأَنا الذي رآى...

رأَيتُ كلَّ شيءٍ

ماعَلَّمني أَحدٌ

ولكنّي إِكتشفتُ

لأَنني العارفُ والرائي

أَنا الذي رآكم

وليسَ "جلجامش" المشغول

بقواريرِ وعذارى بابلَ

وجبروت "خمبابا"

ووحشةِ غيابِ صاحبهِ وخلّهِ

الذي إِختطفتهُ مخالبُ الموتِ

فكانتِ المأساةُ السوداء

والحقيقةُ الوحيدةُ

في الكونِ والوجودْ

وتاهَ ثُمَّ شاخَ ثُمَّ غابَ

في رحلةِ البحثِ عن العُشبةِ

ولعبةِ الأفعى وحكمةِ الخلودْ

وكانتِ الحكايةُ

هيَ البدايةُ واللانهاية

وهيَ إِسطورتُهُ الباقية

وهيَ إِسطورتُنا الأَبدية

ولأَنني رأَيتُ مارأَيتْ

صرتُ نقياً وحُرّاً وثَرّاً وثرياً

في عزلتي ومنفاي

قوياً وسخياً بفراديسِ معرفتي

وبهياً برؤايَ واشراقاتِ قصيدتي

أزهو وأتجلّى بيواقيت حكمتي

أترفّعُ عن...

إِساءاتِ وإِشاعاتِ وحماقاتِ القطيع

ولاأَكترثُ

إذا لمْ تُغَنِّ بذكري بلادي

أَو يُنكرُني ويُهملُني وينساني أَهلي وأَصدقائي

فأنا " طفلُ الكلامِ " الأَبدي

وسعدائيل " موسيقى الكائن"

وناسكُ عُزلاتِ الزاهدين

ودرويشُ منافي الله

هكذا أَراني

لاأَخشى الحرائقَ

والثعالبَ والقتلةَ والافاعي

لأَنني منشغلٌ بالأَملِ

عشبةِ الخلاص

والعدم!

أُخلّص عنقاء الأيام

من شرنقة الرماد

فتكون حبيبتي الأبدية

منقذتي

من سَعِير الآخرين

ومن...

سطوة " الكورونا"

وأوجاع الغربةِ الفادحة.

***

................................

* هذا النص بدأَ الشاعرُ بكتابته في كندا بتاريخ 20-6-2020 وقد إنتهى من كتابته بتاريخ 1-1-2023

في نصوص اليوم