قضايا

قاسم حسين صالح: اطفــال التوحّــد في العراق

زيادة بالأعداد..نقصان بالخدمات

لا توجد إحصائية دقيقة لأعداد الأطفال المصابين بمرض التوحد في العراق، بسبب عدم وجود البيانات وعدم تسجيل جميع الحالات في مراكز التوحد الحكومية والأهلية. يؤكد ذلك تحقيقان صحفيان اجرتهما مؤخرا السيدتان (عواطف مدلول و بدور العامري) فيهما تصريحات لمسؤولين في مؤسسات صحية. يعزز ذلك تقرير طبي نشره موقع (ذي ناشونال) تحدث فيه مدير مركز التوحد التابع لوزارة الصحة العراقية الدكتور حسين الكعبي "أن أعداد الأطفال المصابين في تزايد ويتوقع وجود أكثر من 200 ألف طفل يعاني من اضطراب طيف التوحد، وسط تراجع الخدمات لهذه الفئة من المرضى، إذ يعاني المركز الحكومي الوحيد في بغداد من نقص الملاكات الطبية والمستلزمات الضرورية لتشخيص وتأهيل الأطفال المصابين بالتوحد، ما حدا بذوي المرضى للتوجه إلى مراكز العلاج  والتأهيل الأهلية، بالرغم من ارتفاع التكاليف المالية مقارنة بالنتائج المتواضعة التي يمكن أن يقدمها عدد قليل من تلك المراكز".

ما هو التوحّد؟. تحديد مفهوم

سنبدأ بما تقوله المؤسسات العلمية المتخصصة بالتوحد، ثم نبسّطه لحضراتكم.

تعريف المعهد الوطني للصحة العقلية في الولايات المتحدة:

اضطراب دماغي (Brain Disorder) يؤثر في قدرة الشخص على الاتصال بالآخرين، واقامة علاقات معهم، والاستجابة للبيئة على نحو ملائم .

تعريف الجمعية الوطنية للأطفال التوحديين (National Society For Autistic Children)

هو مظاهر مرضية أساسية تظهر قبل أن يصل عمر الطفل ثلاثين شهراً،يتضمن الآتي:

1. اضطراب في سرعة أو تتابع النمو.

2. اضطراب في الاستجابات الحسية للتنبيهات.

3. اضطراب في الكلام واللغة والمعرفة.

4. اضطراب في التعلق او الانتماء للناس والأحداث والموضوعات.

تعريف الدليل الاحصائي الرابع DSM –IV

حالة من القصور المزمن في النمو الارتقائي للطفل يتصف بانحراف وتأخر في نمو الوظائف الأساسية المرتبطة بنمو المهارات الاجتماعية واللغوية، وتشمل الانتباه، الادراك الحسي، والنمو الحركي.

تعريف الجمعية الأمريكية للتوحد:

هو إعاقة في النمو،تتصف بكونها مزمنة وشديدة،تظهر في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وهو محصلة لاضطراب عصبي يؤثر سلباً في وظائف الدماغ.

تنويه:

ينبغي التعامل بحذر مع هذه التعريفات، فالتوحّد لا ينطبق على الطفل الذي يكون سلوكه الشاذ ناجماً عن تلف في الدماغ،ولا يمكن وصف جميع الحالات التي يرفض فيها الطفل التعاون لاسباب تعود إلى خوفه  من بيئة أو مصدر غير مألوف بأنها " توحّد " . فضلاً عن أن التوحّد يصيب الأطفال بغض النظر عن مستوى ذكائهم..فقد يكونون طبيعيين أو أذكياء جداً أو متخلفين عقلياً.

وننبه الى انه لا يمكن حصر اضطراب التوحد بعدد محدد من الأعراض والأسباب،ولهذا سمي (طيف التوحد) لأن الأعراض فيه تتداخل وتتنوع. وللوالدين نقول:

ان اعراض ظهور التوحد على الطفل تكون في ثلاثة: تبدأ في ضعف التواصل البصري وعدم قدرته على فهم مشاعر الآخرين ورغبته في اللعب معهم،و صعوبة في فهم الايماءات والتوجيهات باليدين، وصولاً إلى عدم تطور النطق.

ونزيدكم ليسهل عليكم التشخيص ان من اعراضه: انزعاج الطفل من صوت معين بطريقة مبالغ فيها، او: تمسكه بلعبة  أو قميص،أو تعلقه بطعام معين،أ تكرار حركات او كلمات.. بشكل مبالغ فيها.

ما العمل،واطفال التوحد في ازدياد  والخدمات في نقصان؟

الأجابة الممكنة والمفيدة تكون بالتوعية في ثلاثة مجالات..اعلامية و أسرية و مجتمعية،بأن تكون هنالك برامج تلفزيونية واذاعية يقدمها او يشرف عليها متخصصون باضطراب التوحد.وتوعية الأسرة العراقية الكريمه بتبسيط اعراض التوحد(كما فعلنا الآن) وكيفية التعامل مع الطفل المصاب به،وان تمتد التوعية الى المجتمع بتنظيف افكاره من المعتقدات الخاطئة بخصوص المرض ومنها الوصم الاجتماعي،وتسمية من يعانون من طيف التوحد (بالمتخلفين عقلياً).

عباقرة ..مصابون بالتوحد!

ستندهش  ان عرفت ان احدهم هو المخرج السينمائي الشهير (سبيلبيرغ)  الذي اخرج اربعة من بين اعظم عشرة افلام حققت اعلى الايرادات ومنها (اي تي ) او كائن من الفضاء الخارجي.

وستعجب اكثر ان قلت لك ان مؤسس شركة مايكروسوفت وامبراطور الكومبيوتر (بيل جيتس)، ما يزال حتى الآن يعاني من عارض اسبيرجر وهو احد اعراض مرض التوحد!

***

أ.د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

في المثقف اليوم