أقلام ثقافية

فــن التعامل وجوهر الكرامة

khoulod alhsnawiلكل إنسان كرامة، لابد أن يصونها!!، وعليه أن يصون كرامة أخيه الإنسان مهما كان .. فكلنا بشر.

المهم في الموضوع .. سواء أكنت وزيراً أم غفيراً !!

كيف نتعامل مع بعضنا البعض؟؟ انه أمرٌ في غاية الأهمية ويجب أن نوليه جانباً من الاهتمام فإن موضوع (فن التعامل) مع بعضنا البعض - كبيرٌ جداً - تعتني به كل الشعوب في العالم .. ولدى الغرب معاهد خاصةٌ يُدرَّسُ فيها هذا الفن وهو ما يسمى بالمهارات الاجتماعية. كيف يتحدث الإنسان؟ كيف يكسب الثقة بنفسه؟ كيف يكون لبِقاً في الحديث مع الناس؟. والإسلام فيه الكثير من كنوز الآداب،ومنها آداب التعامل، وخير من نقتدي به الأنبياء وخاتمهم رسول الله عليهم الصلاة والسلام جميعاً فكان شأنه صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه وتعليمهم أن يراعي أحوال من يتعامل معهم وينزل الناس منازلهم . فالناس منذ خلقهم الله وهم مختلفو الطباع والرغبات والميول إذ يجب على الإنسان أن يمارس إنسانيته ويحسن استخدامها فهي ما تفرقه عن باقي المخلوقات ... وفي ظل الظروف التي يعيشها البلد في الوقت الحاضر وعلى كل المسويات ..

نجد في دوائر الدولة اليوم والحمد لله كثيراً من الموظفين .. الكُفء وغير الكُفء ..

وكلٌ يعمل لخدمة الآخر وليس معنى أنك تعمل في دائرة معينة أن تصنع من نفسك ملكاً والناس حولك حاشية .. إذ لابد أن تتواضع (من تواضع لله رفعه) فلابد أن تجيد فن التعامل مع الاخرين فإنه فنٌّ رفيعُ المستوى فمن السهل أن تخسر احترام الناس لكن ليس من السهولة أن تكسب ودهم وحبهم .

ففي إحدى مدارس البنات المرموقة في بغداد لا أود أن اذكر اسمها .. فقد وجدتُ حالةً غريبة !! ولو أن مثلها كثير في وقتنا الحالي ... وهي أن مديرة المدرسة الموقرة لا تحب أن يزعجها أحد في فترة الفطور إذ أنها تستمتع بتناول

فطورها وبهذا الوقت لا يسمح للمراجع أن يقطع عليها هذه الخلوة إلا ًأنها لا تستقبل المراجعين، هل يصح ذلك بربكم؟ ألا يتوجب عليها أن تعطي هذا الوقت للعمل واستقبال من لديهم استفسار أو حاجة؟ ! فتجد المراجع ينتظر خارجاً وكأنه داخلٌ إلى المنطقة الخضراء، محضورٌ عليه الوصول الى الإدارة إلاّ بإذنٍ منها،، كي يتمكن من إنجاز معاملته وقد حدث هذا الموضوع في الفترة التي كان يتم بها التقديم للكليات والمعاهد وكما تعرفون يحتاج الطالب الى استخراج وثيقته المدرسية وغيرها من الإجراءات التي يحتاجها،، فالحرس الموجود يمنعه من تخطي مدخل المدرسة .. حسب الأوامر،، وهو بالطبع مجرد إنسان بسيط .. عبارة عن شخص موجود لحفظ أمن المدرسة وهو عمل يشكر عليه بالتأكيد، لا أكثر وليس بخادم كي تصرخ بوجهه المديرة .. انه إنسان .. وشخص محترم لأنه يعمل .

ثم هل من اللائق أن تكون بهذه المكانة ويصدر منها هذا التصرف المشين ؟..

ألا يسعها وقتها أن تُتِم فطورَها في بيتها قبل المجيء الى العمل؟

أليس المواطن أحق بهذا الوقت؟

وهل أن منصبها بوصفها مديرة للمدرسة يعطيها الحق في الصراخ على هذا الموظف البسيط الذي يقوم بأداء واجبه وعلى أكمل وجه؟ أي انه لا يضيع وقته بأمور أخرى فتجده يجدّ ويجتهد بعمله أكثر من غيره .

فكرامة الإنسان أغلى من أي شيء .. فكيف تسمح لنفسها أن تهدر كرامة هذا الشخص بهذه البساطة؟

فكيف وهي القدوة للطالبات .. نساء المستقبل ! وهل من الممكن أن نتأمل الجيل الجديد وما سيؤول إليه مستقبله وكيف سيتعامل مع المجتمع!؟ وبعد كل هذا وما حدث ..

لابد لنا من وقفة مع النفس ونحاسبها قليلا إذ لمّا كان اكتساب العادة صعباً، نظل في حاجةٍ إلى يقظةٍ ذاتيةٍ ومحاسبةٍ دائمةٍ فاجعل من نفسك رقيباً على نفسك، وجاهد نفسك أن لا تميل مع الهوى وهو أحوج ما نحتاج إليه في هذه المرحلة التي يمر بها البلد للنهوض بواقعه المرير، وطبِّق ذلك مع أبيك، وأمك، وإخوانك، وأقربائك، وأصدقائك؛ لأنهم ألصقُ الناس بك ومن ثم تتحول هذه الحقائق والأساليب التي ذُكرت إلى مهاراتٍ اجتماعيةٍ عملية تساعدنا على التعايش مع الآخرين بطريقة صحيحة هو ما نبتغيه. ليس المقصود مما سبق استعراض السلوك الإنساني، بل التطبيق العملي لتلك الحقائق والأساليب .. لا يسعنا في نهاية المطاف إلاّ أن نقول إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء تراحموا، تحابوا، تآلفوا، ازرعوا الحب بينكم و بين بعضكم ابتسموا للآخرين، فان قسمات الوجه خيرُ معبِّرٍ عن مشاعر صاحبه، فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلةٍ لكسب الصداقة والمحبة وكذلك التعاون مع الآخرين، قال صلى الله عليه

وسلم في الحث على البِشْرِ والتلاطف: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ "ولا أرجو من ربَّي إلاّ رحمةً للعالمين والتوفيق منه للجميع هو الغفّار المعين.

 

بقلم .. خلود الحسناوي

في المثقف اليوم