أقلام ثقافية

أعداء السعادة البشرية!!

بعض البشر يولد وفيه شحنات قوية معادية للحياة، تؤهله لكي يكون طاقة مدمرة لجمالها وروعتها، وهذا البعض تتباين نسبته ما بين الأجيال، وقد يطغى في بعض الأجيال، مما يتسبب في دمارات مروعة فيها.

إنها نزعة إتلافية ناقمة على الحياة، تسعى لتشويه معالمها السعيدة وتلوينها بالدموع والدماء، وتأطيرها بالمخاوف والرعب والظنون السيئة، حتى لتتحول إلى وجود قاتم خانق.

ويبدو أن هناك تراكمات سلوكية تتفاعل في أعماق البشر فتحيله إلى حالة معادية لذاتها وموضوعها، وقد يكون توارث المعاناة والشعور بالقهر والحرمان، أحد مولداتها القوية، وهذه الطاقات الإنفعالية المحشورة في مكامن الأعماق، والمطمورة في دياجير النفس البعيدة، لا تعني أنها مادية بقدر ما تكون نفسية، ولها علاقة بالأحاسيس الخفية في دنيا البشر.

فقد نرى أثرياء لكنهم يعادون الحياة، وفقراء ويحبونها، لكن الحالة قد تتطور وتتفاعل في زمن ما ومكان ما، فتتولد عنها إمتدادات وتواصلات خطيرة وماحقة لمعالم الحياة وملامحها الطيبة.

وعلى مدى التأريخ أصيبت بها أمم ومجتمعات، وعانت من نتائجها وقاست معها شعوب وأمم أخرى عديدة، لأنها ذات وبائية خطيرة، تتسبب بالمزيد من العاهات والإندحارات الحضارية القاسية.

وفي الزمن المعاصر، إنطلقت من معاقلها النزاعات الخفية الكامنة في قيعان النفوس، ونهضت بشراسة وإقتدار تدميري عاتي، حتى هيمنت على آفاق التفكير والتصورات البشرية، مما يعني أن رقعتها ستتسع بسرعة غير مسبوقة، وما سينجم عنها سيكون جسيما وبالغ الخطورة.

والمشكلة التي عجزت البشرية عن حلها منذ آلاف السنين، هي هذا الإقران الفتاك ما بين الدين والنوازع السيئة، المحشوة بالنفوس المستعدة للتعبير الوثاب عنها وبلا تردد أو إعتبار وتقدير، وإنما هي كالعاصفة الإنفعالية المتعاظمة، التي تنقطع عن واقع وجودها المادي وتحلق في عوالم فنتازية، ذات رؤى وتصورات خيالية خارجة عن واقع السعي فوق التراب.

وبسبب الفشل الفاضح للإمساك بالحل، تعرضت البشرية لموجات متعاقبة من الويلات العاتية، التي تغمرها من أقضاها لأقصاها، وكأنها الفيضان الطاغي العظيم.

ويمكن إحصاء العديد من هذه الفيضانات المعبأة بالشرور، وكم حصل منها في القرن العشرين، وها نحن نعيشها في بداية القرن الحادي والعشرين، مما يوحي بأن الدنيا لا تمضي في دروب السواء، وإنما مضطرة لخوض حروب شرسة مريرة لكي تحافظ على ديمومة النوع البشري، حتى لو تطلب الأمر أفظع وأعظم الخسائر.

وهذا يعطي مؤشرات على أن القرن الحالي سيكون معبئا بالصراعات الدامية الماحقة، لما لا يحصى من البشر ومعالم الحضارة التي شيدها والبناء الذي أبدعه.

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم