أقلام ثقافية

قول على قول

jawad abdulkadom2كتاب قيم للأديب الفلسطيني حسن سعيد الكرمي (1905- 2007م)، ويقع في أثني عشر جزءاً، وقد طبع مرات عديدة (السابعة سنة 1986م)، وهو توثيق لما كان يقدمه في برنامجه الشهير من القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية في لندن، وقد طبع هذا الكتاب بموافقتها، وكنت مثل غيري من محبي الأدب والشعر من المتابعين لهذا البرنامج الجميل، وأسعد بسماعه وأستفيد كثيراً منه، وهو يبدأ عادة بعبارة (يسألني فلان الفلاني من بلاد كذا : من القائل وما المناسبة) .

فيجيب السائل بذكر اسم الشاعر وموجز لحياته وبقية أبيات قصيدته ومعناها وقصتها، وكل ما يتصل بها في المصادر، ولكن على الرغم من كل تلك التفاصيل فإن الكرمي يقول متواضعا (لم أقصد بأجوبتي في ذلك البرنامج أن تكون دراسة أدبية لغوية مستقصاة، وإنما أردت أن تكون للإمتاع والتسلية والتعريف بشيء من ذخائر الأدب العربي وطرائفه) .

أما الكتاب (قول على قول) فقد جاء في كلمة إهدائه التي كتبها الكرمي: (إلى أخواني العرب الذين يحرصون على حفظ تراثهم وتمجيد تاريخهم والإبقاء على آدابهم ولغتهم، أقدم هذا الكتاب) .

ومما جاء في صفحات هذا الكتاب من أبيات شعرية سئل عنها ؛ من القائل :

إن الشباب والفراغ والجِدهْ      مفسدة للمرء أيَّ مفسدهْ

الجواب : هذا البيت من قصيدة مثلية للشاعر أبي العتاهية، والجِده معناها اليسار والغنى بعد الفقر، ومعنى الكلام أن الشباب والفراغ وكثرة المال تفسد المرء إفسادا شديدا لأنها تميل به إلى الانهماك في اللذات ... إلخ .

ومنها ؛ من قال هذا البيت وما المناسبة :

تهون علينا في المعالي نفوسنا     ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهرُ

الجواب : هذا البيت قاله أبو فراس الحمداني في قصيدة طويلة مطلعها :

أراك عصي الدمع شميتك الصبرُ    أما للهوى نهي عليك ولا أمرُ

وقيلت القصيدة للفخر، والبيت المسؤول عنه جاء قبل البيت الآخر ... إلخ .

ومنها ؛ من القائل مع ذكر الأبيات الأخرى :

عوى الذئبُ فاستأنستُ للذئب إذ عوى     وصوّتَ إنسان فكدتُ أطيرُ

الجواب : هذا البيت للأحمير السعدي، وكان يسير في الفلوات ويعاشر الوحش، حتى إن الظباء وغيرها من بهائم الوحش كانت لا تنفر منه لأنها لم تكن قد رأت أحداً غيره، إلا النعامَ فإنها لا تكون إلا شاردة، وله القصيدة التي منها هذا البيت، وهي :

عوى الذئبُ فاستأنستُ للذئب إذ عوى     وصوّتَ إنسان فكدتُ أطيرُ

رأى  الله  أني  للأنيس  لشانئ ٌ             وتبغضهم لي مقلة وضميرُ

فلليل إذ وارراني الليلُ حكمه              وللشمس إن غابت عليّ نذورُ

....إلخ .

 

جواد عبد الكاظم محسن

 

 

في المثقف اليوم