أقلام ثقافية
مُحمدٌ مَبعوثٌ أمين
تجلّتِ القدّاسةِ روحاً وإتخذّت من العرشِ قِبلةً ومِنَ النور ركوعاً ومِنَ التوحيدِ سجوداً ومن الايمان وشاحاً، ومن الاخلاقِ تكبيراً، ومِن الحكمةِ تهليلاً، ومِنَ العزّةِ إحراماً، ومِنَ الحُبِ خشوعاً، ومن الثباتِ وصلاً .
تهجّدت للخالق العظيم ورفعّت أكُفَّ التضرّعِ لرب العالمين جسّد لوجودك مبعوثاً ليعكس مِدادَ بهاءِكَ وعظمة وجودك الى خلقك ويملأ الدُنيا، بفضائل الاضداد وحتى تسمو غاية الوجود وحكمة الازل، إنتقلت نفحاتُ الرجاءِ تحبو تذللاً الى علياء الكريم ليُلقي كلمته العُظمى جسداً وبأحدِ اسماءه الحُسنى نداءاً، إنتقى من بين الثرى والثُرّيا نفساً مُطهّرةً باسمٍ مُزكّى أنْ يامُحمد قُمّ فإنكَ أنتَ مبعوثُ العالمين.
إنَّ عملية التكليف هي قضية غايةٌ في الدقّة والتفحّص، فعندما يتُم إختيار مُمثلٍ عن وجودٍ جماعي مُعيّن كأن يكون كياناً او اُمة او دولة فإن سفيرها المبعوث باسمها يجب ان يكون ذا شخصية وصفات متميزة مُناسبة والدولة المُمثل عنها جامعٌ لمؤهلات عدّة يستلزمُ معها الاحاطة بكامل مزايا المُهمة، كذلك الحال بالنسبة الى القائد العسكري لجيوش بلدٍ ما فهو يتصرّف بيدِ دولة باكملها .فيجب ان يكون ذا حنكة ودراية ورؤية بعيدة المدى لرسم النتائج المُترتبة من الاقدام لاي فعل ما، هكذا الامر بالنسبة لباقي المهمات الكبيرة.
في المُقابل لو وضعنا قضية اعظم بكثير من التحدث باسم دولة او اظهار قوّة اُخرى فالحديث هُنا عن نشر وتغيير إعتقاد البشرية باجمعها !
فهذا الامر يستلزم اختراق تجاويف الارواح وإرواء تصحّر العقول وفكّ عِقال الافكار وجَذِب نبض القلوب .
ولتحصيل ذلك لابُدّ من التسلّح بالعناصر والمزايا الروحية المُرتقية الى مستوى الاكتمال.
ولن يتم هذا الاختيار عن طريق روحٍ اُخرى بنفس المستوى التكويني بل يقع الاختيار على خالق هذه الروح ومُبدعها فهو الاعلم بمدى اصلحية النفس لهذه المهمة العظيمة، وهذه المرة المهمة ترتقي لإنشاد غاية الوجود والحكمة منه، ومعها وجب تحويل اعتقادات سائدة وافكار متفرقة واديان متعددة الى فكرٍ ودين واحد، انها مهمة النبوة والرسالة هذه المرة جامعة لعدة رسائل قاموا بتبليغها انبياء سابقون انها قضية نبوة خاتمة وبشارات الاديان السابقة، والمبعوث هو محمد (صلى الله عليه واله)
والمهمة الملقاة على عاتقه تتضمن ارساء قواعد الفضائل الخُلقية بالكامل، تنظيم المهام الحياتية وتنظيم احوال الاُمم وتقويم الارض دينيا ودنوياً عمرانياً ضمن منظومة فكرية وعقدية وروحية بإيقاعٍ حُرّ يُحرّك الروح ضمن نطاق يُناسبها ويضمن لها كرامتها التي جُبّلت عليها .
فوجدت الذاتُ نفسها وأحسّت إحساساً حقيقياً بوجودها، وادرك كُلّ فرد في جماعته انهُ اداةٌ ضمن نظام متكامل موجود لمصلحته وخدمته.
ليتعامل معه بأناقة ورُقيّ يُناسب تكوينه الخلقي وتمييزه عن باقي المخلوقات وكُلّ ذلك لايحصل بحقيقته إلا بوجود العبادة والتي تضمن المسار الصحيح للتعامل وتُمنهجهُ وتسير معه في كل دقيقة من دقائق حياته، ليتحقق الجمال والذي هو خميرة الوجود.
هذا ماجاء به المصطفى محمد (صلى الله عليه واله) وبهذا خُتمت الرسالات ووحدت الطُرق وعُبّدت بأثيرِ الاسلام، فانتزعت اصفاد التخلّف والانصياع الى آفاق الحُريّةِ والابداع .
فالسلام على هادي الاُمم وخاتم النبوة المبعوث بالحق المُصطفى المؤيد ابي القاسم مُحمد
للكاتبة سجى حامد الجزائري