أقلام ثقافية

عادل جميل زعبي شاعر في الظل

شاكر فريد حسنأعرف الشاعر عادل جميل زعبي منذ صغري، من خلال محاولاته الأولى في كتابة الشعر، التي كان ينشرها في مجلة " لاولادنا" التي كانت تصدر عن دار النشر العربي في تل- أبيب، وتغير اسمها بعد ذلك إلى " مجلتي "، ثم عرفته حين شب وكبر، حيث واصل دربه ورحلته مع الحرف والكلمة، فطور موهبته وملكته الشعرية وأغناها بالمران والتجربة والقراءة والاطلاع الواسع، وراح ينشر كتاباته وقصائده الشعرية في صحافة الحزب الشيوعي، وخصوصًا صحيفة " الاتحاد".

عادل جميل زعبي من بلدة كفر مندا، رأى نور الحياة فيها العام ١٩٦٠، نشأ وتعلم فيها، وعاش بين احيائها وأزقتها.

عايش تجربة الحزب الشيوعي منذ تفتح وعيه، ومن خلاله تعرف على الفكر الايديولوجي الثوري والطبقي، الذي آمن وتسلح به، وانتصر له.

وفي العام ١٩٨٠ تعرض عادل للاعتقال بسبب نشاطه ومواقفه السياسية والوطنية، وتلتها بعد ذلك اعتقالات أخرى، لكن السجن لم ينل من عزيمته وارادته وايمانه، وانما شكل مدرسة له، وزاده تمسكًا بالطريق والفكر والكفاح لاجل شعبه، ودفاعًا عن قضاياها المصيرية.

امتلك عادل الموهبة منذ نعومة اظفاره، ومضى على حوافي الكتابة، التي تمثل بالنسبة له- كما قال مرة - ولادة قيصرية ادا تخرج يكون النهر في حالة شبق فيفيض.

حمل الهم والوجع الفلسطيني وسكن الوطن، ونسج حروفه الحريرية، وغزلها بجمال الكلمة، وتنوعت موضوعاته وأغراضه الشعرية، فكتب عن الوطن، والانسان، والعامل، والمرأة.وكتب في الحب أجمل قصائد الغزل والرومانسية.

فهو " لا يملك نافذة للريح، لكنه يملك قلبًا منكسر الخاطر، وخارطة للحزن، ووجهًا أسمر القسمات، بيته ضيق، لا كرسي للجلوس، لا فناجين قهوة، لكنه يملك ساحة الحبق ".

ولعادل زعبي عشرات القصائد الوطنية والوجدانية والرومانسية المتسمة بالعذوبة والشفافية والرقة والتدفق اللفظي، التي تمس القلب وتدخل في العمق دون استئذان، المنشورة في مواقع الشبكة العنكبوتية وعلى صفحته على الفيسبوك.

ولنستمع اليه في هذه القصيدة العاطفية الوجدانية حيث يقول:

ذري طقوس العشق

للعشاق

وخذي القليل من

الرحيل

حضن ولهفة وعناق

قبلي

على شعب السحاب

في الليل باب

وحدك من تفتحيه

ووحدك

مفتاح عقدته اليباب

ضمي فراغي

ودعيني

أشتهي فبك جماعي

إذ يكون

لحظة تلج التداعي

وأزنرك بنبضي

وبمزامير وداعي

اشربيني

ذات طيش

ذات كأس

فاض

من شغف الحنين

وتشظي

كرياح الياسمين

ويخاطب عادل العامل، ويحتفي معه، ويقدم له وردة بعيده في الاول من أيار:

ويهرب المساء كذكريات الأمس

والكون منشغل بهموم الآخرين

لا هم لا هم

فعيوني لا ترى الا احتضار الزمن المنسي

في وجهي الحزين

فلتعبر الأشياء

ولتمت الأسماء

فالكون اصبح ضيقا

والقلب مثلي مغلقا

والعابرون نسوا خطايا

وانبهاري بالوجوه الغاربات

سأعود ذاتي ذات مرة

سأعود قلبي ذات مرة

حين ترعش بي الحياة

كل أيار والمتعبون بالف خير

عادل جميل زعبي شاعر الفن الهادىء، والكلمة الملتزمة الناعمة، الحافلة برشاقة الالفاظ والسلاسة والجمال بقالبها وايقاعها الجميل، ويحملنا الى عالمه الشعري بكلماته الشجية الطلية، فيهز مشاعرنا ويشعل المواجد فينا.

وهو يكنب باحساس وخيال والتزام وطني وسياسي، ونصوصه مميزة شكلًا ومضمونًا، تنبض بحب الوطن، ومنحازة لقضايا الانسان الكادحة، متدفقة بالعواطف والاحاسيس والانفعالات والآهات والأحلام المكسورة.

انها نصوص زاهية الصور، أنيقة الحروف، رقراقة، صادقة الحس والانفعال، وذات ايقاعات خاصة تمتاز بالجمال والتأنق التعبيري.

عادل جميل زعبي شاعر خرج من شرنقة الابداع، يمتلك الموهبة، لكن أغمط حقة، ولم ينل الاهتمام النقدي، ولذلك بقي اسمًا في دائرة الطل، بعيدًا عن النجومية والشهرة المزيفة.

تحية الى الصديق الشاعر المنداوي عادل جميل زعبي، وتمنياتي له بالمزيد من العطاء الشعري، وليبق قلمك سيالًا شامخًا كشموخ الجليل، مع خالص الود والتقدير لك، انسانًا ومبدعًا ومكافحًا.

 

بقلم: شاكر فريد حسن

 

 

في المثقف اليوم