أقلام ثقافية

حديقة الكلمات

للكلمات وقع لا يوصف.. سحر جميل..آثاره عجيبة على النفس البشرية. تخرج الكلمات الطيبة من فاه المتكلم لتستقر في أعماق القلب محدثة أثراً لا ينسى، أثر الحلم عندما يتحول الى حقيقة وأثر الفرصة التي تأتي لتهز أنساناً عصفت به سنين الحياة  القاسية حتى أفقدته الاحساس بطعمها.. رائعة هذه الكلمة التي يقولها شخص اعتاد إسعاد الاخرين وبرع في ذلك.. انه لايتكلف لا يتصًنع ..لا يبالغ.. فقط يقول الحقيقة ويجعل شخصاً ما سعيداً.

 أسمع كثيراً عن أناس عاشوا ليزرعوا الحب والأمل والسرور بين الناس ..إن تزرع بسمة او فرحة في قلب انسان أمر يستحق فعلاً التقدير والحب. وفي الجانب الآخر، كم شاهدت في دروب الحياة أناس يبخلون على غيرهم بكلمة واحدة قد تخلق منهم أشخاص اخرون. قرأت مرة في مقال غريب من نوعه عن آخر ما قاله أشخاص قرروا الانتحار وإنهاء حياتهم الى الابد. من ضمن العبارات كلمة كتبها شخص منتحر وكانت آخر كلماته " سأعدل عن فكرة الانتحار أذا وجدت في طريقي شخص واحد مبتسماً لي".. وكأن المعادلة هي ابتسامة = حياة، وللأسف لم يجد هذا الشخص أحداً في طريقه الى الموت.

الحب والتقدير أمران ضروريان لاستمرار الحياة وانعاش الانسان عندما يمر بمطبات كثيرة في حياته . فهي كالوقود يحتاج المرء ان يتزود به بين الحين والآخر وبين هزة واخرى. لكي يقوى على المصاعب ويتجاوز الالم عندما يشعر ان هنالك دائماً اشخاص يدفعون به للامام ويحثونه على المواصلة والأستمرار .الذي دفعني لأكتب عن هذا الموضوع كلمة يقولها لنا دائماً استاذنا الغالي في قسمنا عند تحيته لنا حيث يقول: "كيف حالكم شباب ؟".

كم نحتاج ان نسمع كلمات ايجابية كهذه ونحن نخطو خطىً متسارعة في دروب العمر. نسير بلا عودة والسنين القاسية ترسم لوحات الشيخوخة على وجوهنا. لا يمكن ايقاف عداد الوقت ، ولكن تستطيع الكلمات الايجابية ان ترسم الابتسامة على وجوهنا وتنسينا فكرة الزمن المتسارع و تقدم العمر ولو بعد حين. 

اعتقد جازمة ان العالم سيتغير للافضل لو استبدلنا النقد الجارح بالكلمات الهادفة اللطيفة. في تعاملاتنا اليومية نحن مبرمجين على نمط معين وواحد من الكلمات والمفردات الروتينية.. قد نبقى عليها فترات ولا نسعى لتغييرها ولو حاولنا تغييرها سنجد فرقاً شاسعاً في الاستجابة من المتلقي ورغبة رائعة منه للتغيير نحو الافضل وللتميز.

أشعر احياناً ان قمة التغيير الذي نجريه على طفل صغير يقال عنه حاد الطباع هو تغيير الكلمات.  فكلما كبر الطفل وازدادت مشاكساته يزداد استخدام سيل من الكلمات الجارحة من قبل الوالدين  مما يغير شخصية الطفل الى الاسوء لا الى الافضل .

العمل على الكلمات أمر في غاية الاهمية لاننا نبني صرحاً من مجموعة مفردات وعبارات قادرة على تغيير حالة  أنسانية نحو الافضل وقادرة على اشاعة روح المحبة  والسلام بين الناس.

فالانسان كتلة من المشاعر والعواطف والكلمة كالفعل لا بل اكثر، فهي قادرة على نحت تأثيرها في القلب. فلنحسن زرع الكلمات لنجني قلوباً محبة وأنفسٍ طيبة متسامحة.

 

إيناس جاسم علي -   تدريسية

 

في المثقف اليوم