أقلام ثقافية

هل أبقى الشعراء شيئا للشعراء؟!!

صادق السامرائيالشعراء العرب إنشغلوا بمواضيع الحياة بأنواعها في إطارها المكاني والزماني، وسطروا أفكارا جمة في أشعارهم، حتى ليجد الشعراء المعاصرون صعوبة في العثور على موضوع لم يتناولوه من قبل!!

إذن كيف سيكتب الشعراء اليوم؟

حاولوا إبتداع الأشكال وتحرروا من قيد القوافي والأوزان، لكنهم لم يأتوا بجديد فيما يخص الفكرة والتفاعل الإبداعي مع المكان والزمان، فما كتبه الشعراء سابقا ينطبق على أحوال البلاد والعباد في أمة العرب، وكل منا يقول كأنهم يعيشون معنا!!

طرحتُ السؤال في القرن الماضي على بعض الشعراء الأجانب، وحاولتُ أن أعرفَ منهم كيف يكتبون، وتبين بأنهم يتخذون من الشعر إختصاصا، كأي إختصاص أكاديمي، بمعنى أن الشاعر يكون مختصا في موضوع ما، ويكتب فيه باحثا متعمقا وغائصا إلى أقصى ما يطيق.

أي لكي تكون شاعرا معاصرا عليك أن تتخصص بموضوع ما، بعيدا عن المواضيع الذاتية والإنسانية المتعارف عليها، والتخصص يفرض نفسه على الشاعر في المجتمعات المتقدمة، التي تمتلك جرأة إعمال العقول والبحث عن الأفكار الجديدة بحرية وحماسة وتوثب.

وبما أن الإبداع مطلق، فأن التخصصات مطلقة، وشعراء ما بعد العصر الصناعي غير شعراء ما قبل العصر الصناعي.

وفي مجتمعاتنا يصعب على الشاعر أن يكون متخصصا وإنما هو حالة مبهمة غامضة متوافقة مع التشوش السائد في الحياة، ولهذا تكون القصائد مضطربة، وتميل إلى الرثاء والبكاء على الأطلال، وما تأتي بجديد أو تخرج عن نهج وآليات كتابة الشعر الذي ساد وجود الأمة لقرون.

قد يعترض الشعراء، لكن الواقع يشير إلى أن الشعراء يكتبون بعقول الشعراء الغابرين، الذين كتبوا ولا يزالون يكتبون الشعر بواسطة الشعراء المعاصرين!!

فهل من قدرة على تخصص شعري إبداعي متواكب مع الزمان؟!!

 

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم