أقلام ثقافية

الماوردي ونظرية الحكم!!

صادق السامرائيأبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي (364 - 450) هجرية.

أكبر آخر قضاة الدولة العباسية، تولى منصب قاضي القضاة، وكان على علاقة برجالات الدولة، وسفيرا بين الدولة العباسية والسلاجقة وبني بويه.

ويبدو أنه قد إستخلص مثالب الحكم، وحاول أن يضع نظرية  ذات قيمة فاعلة في مسيرة الأجيال، ليدرأ عن الأمة النواكب والتداعيات، التي تتسبب بها سوء الإدارة والحكم.

 ومن مؤلفاته بهذا الشأن:  (أدب الدنيا والدين، الأحكام السلطانية، قانون الوزارة، نصيحة الملوك).

الماوردي سبّاق في وضع الأسس اللازمة لصلاح الحكم وديمومته، وفقا للرؤية الشرعية والإنسانية، وما تمخض عن التجارب التي مرّت بها الأمة.

 فهو صاحب أول نظرية حكم في تأريخ المسيرة العربية ، ومما جاء في كتابه الأحكام السلطانية عن مهام الخليفة ومسؤولياته:

"حفظ الدين على أصوله المستقرة وما إجتمع عليه سلف الأمة، تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بين المتنازعين حتى تعم النصفة، حماية البيضة والذب عن الحريم، إقامة الحدود لتصان محارم الله، تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة، جباية الصدقات، تقدير العطايا، إستكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوض إليهم من الأعمال.، أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال، لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلا بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغش الناصح".

لست معنيا بتفاصيل ما جاء به فهو مرهون بزمانه، لكنه حاول الوصول إلى نظرية ذات قيمة عملية لوضع الأسس البينة عن علاقة الدين بالكرسي، وهو من رواد هذا النهج الجريئ الذي لم يسبقه أحد إليه،  بهذه القدرة على التعبير الواضح والعملي.

فقد رأى أن دولة الإسلام تمضي بلا أسس حكم واضحة، وإنما هي إجتهادات فردية، قد تكون قاصرة وظالمة، وبعيدة عن معنى الدين وجوهر قيمه ومعانيه.

وهذه المحنة لا تزال فاعلة في واقع المسلمين، وتسببت ببروز العديد من الفرق والجماعات والأحزاب، التي تدّعي ما تدعيه وفقا لرؤاها التأويلية.

فلماذا لم يُؤسَسْ على منطلقاته التي طرحها قبل أكثر من ألف عام؟!!

علينا أن نعود إليها ونتأملها، ونجتهد في وضع آليات معاصرة لدستور كيف نحكم!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم