أقلام ثقافية

عقيل العبود: متاهة لا علاقة لها بصحراء المكان

عقيل العبودعند سرير يبدو بهيئة مبعثرة، وحالة صحية تتراوح بين الاستقرار تارة، والوهن اخرى، ومع انشطار مزاج يترنح بين الاندفاع والتراجع، مزيته ذلك الراقد مع الوصف، تكاد ان تكون في مظهرها العائم اشبه بملابسات فنان تسكنه الدهشة بازاء خرائط الألوان المتقاطعة، والمتجانسة حيال ما تم تصويره في لوحته التي اعد خطواتها مسبقا في افكاره.

ففي عالمه اللامرئي، ثمة مشاهد تفرض نفسها بطريقة تتزاحم فيها الاشياء، والمظاهر، كما ذرات اشعاع تحتاج الى تحييد.

الزوايا الحادة من الحيز المنظور لا تختلف عن اضاءات تحيط بها بقاع ضوء على شاكلة منضدة تهشمت احدى أطرافها، لتنكمش بعد سقوطها المفاجئ من مكان مرتفع، حيث وبجانبها بعض الاوراق المتناثرة على غرار هشيم تذروه ريح جائرة من جهة النافذة التي بقيت معطلة في ستائرها المطلة على الطابق الثاني من البناية الواسعة؛ لذلك الأفكار كانت تتطاير مثل ضباب يحلق بين شظايا وقائع تعوم اجزاؤها في سيناريوهات فضاءات عائمة؛

يوميات لا تخلو من مشاهد مكررة لمحطات تفرض على المسافرين التهيؤ للرحلة القادمة، حيث صفير القطار المقبل من الشمال يفاجئ الواقفين على ارصفة المقام القديم كأنه يتطلع الى وجوههم الواحد تلو الآخر ليتلو عليهم تفاصيل البيانات الخاصة بالذهاب.

هنالك كنت واقفا بصحبة حقيبتي، مأخوذًا مع افكاري التي حولت بعضا منها الى كلمات مكتوبة، وذلك كل ما امتلك طوال هذه السنوات من عمري من رصيد.

كون ما اكتب يمثل الطريق الذي يأخذ بخطواتي الواهنة يقودها، لآخر ما تبقى من رحيق الأرض حيث منتصف الزحام الى أقبية تسكن فيها النفوس المتعكزة على ارواح، تقرر ان تنفصل عن عوالمها المادية لتعيش ما يؤنس وحدتها تحت سلطة صمت مطلق.

وعليه لم يبق من الضوء الا تلك الدوائر القزحية التي تدور دائما حول أروقة تملأ انسحاباتها سماءات محاطة بالشمس لتصطحب جميع المواقف المزهوة بالذكريات، تتزاحم معها، لتنال حقها في الكلام.

 

عقيل العبود/ سان دييغو

في المثقف اليوم