أقلام ثقافية

المولدي فرّوج: كيف تكتب سيرة ذاتية؟

يحدث أن تطلب منك جمعية أو مؤسسة ثقافية سيرة ذاتية تلخّص فيها مسيرتك الابداعية. ويحدث أن تكلّفك جمعية أو مؤسسة بجمع سير أعضائها لتأثيث ملفّات خاصّة أو جعلها في كتاب يكون مرجعا للباحثين عن اسم هذا المبدع أو ذاك. وقد تسعى عن طيب خاطر الى جمع وتوثيق تراجم المبدعين فتصبّ جهدك واهتمامك للحصول على غايتك ويصل بك الارهاق الى حدّ الشعور بأنك تشحذ منهم سيرهم لخدمتهم وللتعريف بهم. ويحصل عندك على المكتب أنماط وأشكال من السّير مختلفة حجما وشكلا ومضمونا. وقد تضطر الى عملية فرز مضنية لترتيب المحاصيل حسب الأنماط. فأنت لا محالة مدفوع على أشكال عديدة من السّير تختلف كلّها عن النموذج الذي اقترحته عن المترجم لهم ولم يأخذوه بعين الاعتبار.

ــ نمط أول: هو لا يختلف كثيرا على قصة حياة المبدع، يروي اليك المترجم لنفسه تفاصيل ميلاده ويصف صرخته الأولى والليلة التي شرف فيها العائلة بنزوله الى الحياة ولا ينسى الظروف الاجتماعية العامة التي ولد فيها وقد تمتدّ القصة وتفيض على أكثر من خمسين صفحة. ثم يعنونها: سيرة ذاتية مختصرة. وقد يطلب منك ألا تتعمّد التنقيص منها. وتجد نفسك مجبرا على اهمال تسعة أعشارها.

نمط ثان: يبدأ سيرته الذاتية بذكر صفاته المتعددة ونعوت ينسبها لنفسه وأسماء شهرة ويمرّ الى ذكر أحفاده واحدا واحدا بتاريخ الميلاد والجنس واسم زوجته. ولا ينسى أن يذكر عنوانه كاملا وهاتفه وكيف التواصل معه وكل هذا لا يفيد الباحث في شيء.

نمط ثالث: لا يتجشّم المترجم له عناء تحرير سيرته الذّاتية ويكتفي بإرسال صورة من غلاف أحد كتبه ثم لا يخجل أن يطلب منك نقل ما ورد على الغلاف من معلومات شحيحة في أغلب الأحيان وقد لا يعذر لك خطأ في تاريخ لم تتبيّنه جيّدا في الصورة التي تغيم أمامك بمجرّد تكبيرها.

نمط رابع: يمدك بسيرة ذاتية اكاديمية يورد فيها مراحل دراسته وتدرّجه في المهنة ونصوصه المنشورة بصفة فردية وجماعية ويذكر المقالات التي نشرها بتفاصيلها ويرفقها بتلخيص مطول. وينصّ على عدد السّاعات التي يقوم بتدريسها في الكلّية وعدد الطّلبة المستفيدين. ولا ينسى ان يدرج مجموعة المداخلات التي قدمها في شكل دروس في المنتديات مع بعض الملاحظات التي أشادت بالمداخلات. فيختلط عليك الامر بين سيرة ذاتية لكاتب وبين سيرة لنيل شهادة جامعية.

خلال انجازنا لبعض كتب التراجع اعترضتنا مثل هذه السير ففرضت علينا تعبا كان من الافادي للجميع لو اننا انفقناه في شيء آخر. وما حز في النّفس حقيقة أن بعض المترجم لهم يدفعونك دفعا نحو ارتكاب الخطأ ثم يرمون باللوم عليك.

ان كتابة السيرة الذاتية في اعتقادنا فنّ ابداعي له خصوصياته ومقوّماته فهو يختلف عن البطاقة الفنّية ويختلف كذلك عن القصّة الواقعية. هو تلخيص لمسيرة إبداعية تقدّم صاحبها دون أن تهمل محطّة هامّة ودون أن تسهب في الحكي. فالسّيرة لا ينبغي أن تثير قلق القارئ بل تشدّه الى قراءة العناوين الدقيقة والمقدمة في صورة رؤوس أقلام فلا هي افراط في القول ولا هي تفريط في معلومة مهمّة من شأنها أن تحيل الباحث او القارئ الى موضوع ما. وأن تُذكّر كاتبَها أن لكلّ عنوان في سيرته هدفا واضافة لنفسه أولا ثم للأخرين. وإن كل إضافة بدون هدف تعتبر حشوا زائدا ومملا.

وإننا نقترح هذا النموذج لأننا رأينا فيه بساطة في التحرير وسهولة في الاطلاع:

اسم الشهر والاسم الكامل.

تاريخ ومكان الولادة.

التدرّج في التعليم واللغة التي تلقّى بها دروسه.

المؤهلات العلمية مع الاكتفاء بذكر الشهادات، عناوينها وتاريخ الحصول عليها.

المسيرة الإبداعية: فقرة تلخص أهم المحطات الثقافية في حياة الكاتب.

الإصدارات مع ذكر جنس الإصدار وتاريخ نشره ودار النشر.

أهمّ المشاركات أو المساهمات في الشأن الثقافي.

الجوائز التي تحصّل عليها الكاتب.

بعض الإضافات التي يراها الكاتب مفيدة للباحثين عن اسمه.

***

د. المولدي فرّوج 

  

في المثقف اليوم