أقلام ثقافية

صادق السامرائي: صفي الدين الحلي

أعلام: من عَلَم، أي لواء أو راية لبلد أو ولاية أو مدينة.

صفي الدين الحلي عراقي من الحلة (1277 - 1339) ميلادية، شاعر معروف وإشتهر بقصيدته التي كنا نحفظها في المدرسة، ونرددها يوم رفع العلم كل خميس ومطلعها:

سلي الرماح العوالي عن معالينا

واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

ومنها:

إن الزرازير لما طار طائرها (قام قائمها)

توهمت أنها صارت شواهينا

***

قوم إذا استخصموا كانوا فراعنة

يوما وإن حكموا كانوا موازينا

*

تدرعوا العقل جلبابا وإن حميت

نار الوغى خلتهم مجانينا

*

إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا

أن نبتدي بالأذى مَن ليس يؤذينا

*

تغشى الخطوب بأيدينا فندفعها

وإن دهتنا دفعناها بأيدينا

*

بيض صنائعنا سود وقائعنا

خضر مرابعنا حمر مواضينا

البيت الأخير وضع ألوان أعلام دول الأمة، فكأنه رسم راياتها قبل أكثر من ستة قرون، وما إستطاعت دولة واحدة أن تشذ عن تلك الرؤية السلوكية المعبرة عن جوهر قيم وأخلاق إنسانها.

بل يبدو أنه إستطاع أن يختصر دوافع السلوك ويرمز لها بأربعة ألوان، وكأنه غاص في أعماق النفس وكشف عن مطموراتها المتناقضة، المتوطنة أعماق البشر.

والعجيب أن معظم أعلام الدول يبرز فيها اللون الأحمر الذي يرمز للدم.

ترى هل أن هذا البيت صار وهما، أو ولد من رحم خيال وتأسي، لأن الشاعرعاش في الفترة بعد سقوط بغداد (10\2\1258)، وكان ما جاء في القصيدة من أفكار وتصورات، تعويض عن الواقع الخسراني الإنهزامي الأليم الذي عاشته الأمة، فأصبحت فريسة للوحوش المنقضة عليها بين حين وحين.

إنه بيت خيالي وضعناه على أعلامنا، لنهرب من آلياته وندّعي بوجودنا، وما لدينا القدرة على التحدي والإستبسال، وأمعنا التغني بأمجاد الأجداث!!

فهل سنرتقي إلى مقام البيت الشعري، أم سنضع على رؤوسنا قبعات ألوان؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم