تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام ثقافية

عبد القادر رالة: فردريك نيتشه

لا يوجد فيلسوف، أديب أو مثقف لم يقرأ الفيلسوف الألماني الكبير فردريك نيتشه (1844ـ1900)، أو قرأ عنه وعن فلسفته، وليس في بلده ألمانيا، أو أوروبا وإنما في العالم أجمع بشرقه وغربه .

فقد كان لهذا الفيلسوف تأثير طاغ ومؤثر في الفلسفة، التاريخ،النقد، اللغة، الشعر  والفن، وقد ترك تأثيرا على الفلسفة الغربية الحديثة، وتاريخ الفكر العالمي الحديث، كما أنه كتب بلغة ألمانية جميلة ورائقة لذلك  تعتبرُ مؤلفاته من روائع الأدب الألماني ..

والمثير في سيرة هذا  الفيلسوف الكبير أنه كان ناقدا للجميع وناقما على الكل، فكل فيلسوف أو أديب أو  فنان إلا   ونال منه  وانتقده وهدم إبداعه أو وجوده الأخلاقي أو الإبداعي .

انتقد أرسطو، والمسيحية، وهيجل، وكانط، وريتشارد فاغنر، وشوبنهاور  ويعقوب بوكهارت وغيرهم من الفلاسفة أو الأدباء الذين عاصروه ...

وهذا أمر عجيب في تاريخ الفلسفة الطويل والممتد الى أيام الإغريق، أن يقوم فيلسوف برفض كل القيم الاجتماعية والسياسية والدينية والأخلاقية والجمالية رفضا تاما ومطلقاَ! بل الحياة نفسها اعتبرها نيتشه بلا معنى، وهذا حكم غريب وعجيب يصدر عن فيلسوف متعمق، فلذلك اعتبره مؤرخو الفلسفة   الممهد لظهور الوجودية التي تطورت مع وهايدغر وسارتر وكامو!...

ويعتبر كتابه هكذا زرادشت من الروائع العالمية، حوي مجمل أفكاره مثل إرادة القوة، نقد عنيف للمسيحية، الإنسان الأعلى والكامل أو السوبرمان، أخلاق السادة  والعبيد ....

وحينما بلغ الخمسين من عمره أصاب المرض جسده، فأنهكه حتى أنه أصيب بالشلل والالتهاب الرئوي، وسرعان ما توفي سنة 1900م وهو يبلغ من العمر 56 سنة؛ توفي مع بداية القرن العشرين. وبعد ثلاثين سنة أو أقل من وفاته بدأ التأثير الواضح والمزلزل لفلسفته على بلده ألمانيا وعى أوروبا بشكل عام، وحتى اليوم إذ يعُد من أكثر وأعمق الفلاسفة تأثيرا في تاريخنا المعاصر.

***

بقلم عبدالقادر رالة

 

في المثقف اليوم