أقلام ثقافية

سراب سعدي: قلة البراعة من قلة القراءة !!

لقد تغيرت أمور كثيرة في عصر الثورة التكنولوجية ولم يبق شيء على حاله كما يقال، فقد بدأ الإنترنت يذلل الكثير من الصعاب التي كانت مستحيلة منذ أكثر من عقد من الزمن فقد أصبح الإتصال والتواصل أسهل وكذلك سهولة إيصال المعلومات بطريقة مبهرة وبوسائل كثيرة منها المكتوبة والمسموعة والمرئية . وبين الحين والآخر تظهر التطبيقات والبرامج أكثر تطوراً مما سبق حتى أننا أصبحنا  لا نستطيع مواكبة اقتناءها أو الإطلاع عليها لسرعة تطورها وظهور الأحدث منها !، ولا أريد في هذا المقال أن أتحدث عن التطور في هذا الجانب من التكنولوجيا وإنما ما أود طرحه هو علاقة القارئ مع الكتب وتأثير التكنولوجيا عليه بصورة كبيرة فمن خلال ظهور مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، انستكرام، توتر ... الخ ) وظهور المنشورات والصورة وانتعاش فن كتابة الخواطر والومضات والقصص القصيرة جداً ؛ أثراً كبيراً في العزوف أو تفضيل تلك الفنون على فنون القصة الطويلة أو الروايات أو كتب السير الذاتية ... إلخ . ومن جانب آخر ان لظهور الكتب الالكترونية أثر كبير على طباعة الكتب التي تعتبر عمود الثقافة منذ أن اخترعت الطابعة على يد غوتنبرغ عام 1447 فأصبحت الكتب الالكترونية تحل محلها شيئاً فشيئاً، وصار بالإمكان قراءة المحتوى الأدبي أو العلمي من خلال التطبيقات الالكترونية الخاصة بالكتب إذ تتوفر بعض الكتب بصورة مجانية واقتناءها سهلاً للغاية، ولكن وبرغم هذه التسهيلات في الحصول على الكتب برزت ظاهرة جديدة بين جمهور القراء وهي ظاهرة الملل من القراءة وأظهرت بعض الدراسات أن السبب هو أن القراء يهتمون بالمنشورات القصيرة التي تُنشر في مواقع التواصل الإجتماعي وكذلك الفيديوهات والصور أكثر من اهتمامهم  بالكتب وينتهي الوقت بسرعة دون الشعور به!، في حين أن البعض من القراء لا يعترف  بالكتب الالكترونية ويهتم فقط بالكتب الورقية على أساس كونها فعلاً عاطفياً وليس معرفياً فقط من خلال لمس الورق وشم رائحة الكتب والاحساس بالتفاعل مع الكتاب الورقي أكثر من الكتاب الالكتروني . وهنا تظهر مشكلة غلاء الأسعار بالنسبة للكتب الورقية خاصة الكتب التي لها شهرة واسعة أو التي تصدر حديثاً، فيبقى القارئ في حيرة من أمره بين عدم حبه للكتب الالكترونية وبين غلاء الأسعار بالنسبة للكتب الورقية !. أما بخصوص استعارة الكتب كما في السابق فقد بدأ هذا النظام بالتلاشي نوعا ما فأغلب المكتبات أصبحت لا تفضل نظام الاستعارة لأسباب عديدة منها عدم إعادة الكتب أو إعادتها تالفة أو عدم وجود رواد لهذا النظام كما في السابق . ومن أسباب العزوف عن القراءة هو كثرة وسائل الترفيه وبنفس الوقت الكسل والملل الذي أصبح يغزو أغلب الناس بسبب اختلاف طرق العيش والبحث عن لقمة العيش . كذلك الاندفاع نحو التكنولوجيا الذي له أثر كبير في المزاج العام وعدم الاهتمام بالمطالعة، هذا بالإضافة إلى عدم اهتمام الأبوين منذ الصغر بالأطفال وحثهم على المطالعة وقراءة كل ما هو مفيد في حين يتجه أغلب الآباء  إلى توفير الهواتف المحمولة للأطفال من أجل التخلص من مشاكستهم أو ازعاجهم !.  ولابد هنا من الإشارة إلى أهمية الإنتباه إلى بعض الأمور من أجل الاهتمام بالمطالعة والقراءة ومن أهمها توفير المكتبات العامة من قبل المؤسسات الحكومية وكذلك الحال بالنسبة للمؤسسات الخاصة، اقامة مسابقات للقراءة والمطالعة وتوفير جوائز من أجل الحث على المطالعة، زيادة الاهتمام من قبل الأهل بالجانب الثقافي للأسرة من خلال توفير القصص والكتب العلمية للأطفال وتشجعهم على القراءة، دعم الكُتاب والمبدعين من قبل المؤسسات الخاصة والعامة وتوفر مطابع من أجل نشر منتوجاتهم الأدبية والعلمية بكلفة أقل حتى يتسنى بيعها بمبالغ مالية معقولة وتكون سهلة وفي متناول الجميع .

***

الكاتبة سراب سعدي

في المثقف اليوم