أقلام فكرية

الاين هيئة حاصلة للجسم من نسبته الى المكان[1]

akeel alabodمدخل: الاين بحسب المعجم بحث عن المكان وقد ورد معنى اين في معجم المعاني الجامع ما يلي: (اِسمٌ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الشَّرْطِ لِلْمَكَانِ مَبْنِيٌّ ، يَجْزِمُ فِعْلَيْنِ مُضَارِعَيْنِ، وَيَكُونُ مُلْحَقاً بِهِما أوْ غَيْرَ مُلْحَقٍ بِهِمَا : أَيْنَ تَقِفْ أَقِفْ أيْنَمَا تَسْكُنْ أسْكُنْ. اِسْمُ اسْتِفْهَامٍ لِلْمَكَانٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ أيْنَ الكِتَابُ: يُسْألُ بِهَا عِنِ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الكِتَابُ)[2].

هنا في المختلف عليه تعد النسبة بين الشيء وهيئته الحاضرة في ذلك الحيز أمرا مهما بالنسبة للبحث المذكور.

ولكن وببساطة قد لا تعطي للموضوع حقه، ثمة فرق بين الخبرين التاليين: الطائر في القفص، اوهو ذاته في السماء، فالمتبادر في الجملة الاولى يقود الى وجود ذلك الكائن في حدود ذلك المتحيز من المكان، وهنا يصبح للعقل دورا في تصور مساحة القفص وصورته وما يحتويه، اما وجود الطائر في السماء فيعكس لنا هيئة ذلك الطائر مع فعل طيرانه في ذلك الحيز.

فالطائر في السماء متحرك في مكان غير محدود ولا يستطيع العقل قياس مسافة حركته الحاصلة او سرعة طيرانه ومؤثرات الريح والعواصف، اي العوارض التي على أساسها تتقرر مسافة واتجاه الطيران.

وفاعلية الطائر تقرر هيئته داخل المكان، فالمشهد الذي بموجبه تتم عملية التصور تأخذ وضعا مختلفا في كل حالة، فهو في القفص غيره عندما يتم تصوره وهو في السماء، حيث تضاف له فاعلية الطيران.

وهذا ما يفسر لنا اختلاف الأبعاد التي يتصف بها الطائر وهو يحلق بعيدا، عنها وهو في القفص، اي عندما يكون امام أعيننا بصورته التي بها تتجسد حقيقته الفيزيائية، علما ان هيرلى المادة هي جزء من الحقيقة الفيزيائية للهيئة.

هنا يصبح من الضروري الإشارة الى ان الاين ليس مقولة في المكان فحسب، بل انها حقيقة المادة المركبة من الهيئة والصورة والهيولى، والمحاطة بالأبعاد المرئية وغير المرئية.

فالطائر له هيئتان؛ الاولى صورته المتماسة مع الحاوي(المحيط) بحسب المثالين أعلاه، اي هيئته المحوية(المكانية)، والثانية صورته الحاوية، اي وجوده الهيولي-المادي في محيط الحاوي وهو الفضاء او القفص.

وهذا معناه ان لا فاصل بين الكائن والمكان فكلاهما يمثل نسبة ومقدار المكون في كينونته.

والكون هنا هو المحيط اي المكان الحاوي، اما المكون فهو الجسم الواقع( المحوي) في الكون، وتلك فيزياء تحدها ابعاد وحدود ومماسات كل بحسب ما تتسع اليه الرؤية او البصيرة.

وهذا موضوع ارى ان يضاف في تدريس مقولة الاين كون الاين نسبة لا حدود لها ولا محدودية في عالم البصر والبصيرة، ما يساعدنا في دراسة مقدمات الاحتمال الخاصة بأبعاد الصور وهيئاتها المدركة بحسب المساحات التي تقررها دائرة العقل.

 

عقيل العبود

---------------

هوامش البحث:

(1)الاستاذ العلامة محمد حسين الطبطبائي، نهاية الحكمة، مؤسسة أهل البيت، بيروت-لبنان، 1986،الفصل السابع عشر، ص 145، السطر الاول.

(2)معجم المعاني، الصفحة الرئيسية، تسلسل التعريف، 3،   http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/أين/

في المثقف اليوم