أقلام فكرية

شذرات نقدية في الفكر الفلسفي

علي محمد اليوسف

من المهم التنبيه أني استعمل هنا في هذه الشذرات الفلسفية، مصطلح العقل العلمي العملي أي العجينة الرمادية داخل جمجمة الانسان التي تحتوي الدماغ بتركيبته البايولوجية الفسلجية الوظائفية العلمية المتكوّنة من المخ والمخيخ والنخاع المستطيل المتفرعة عنه شبكة الجهاز العصبي والنخاع الشوكي ولا يرد هنا تعبير العقل في معناه التجريدي الفلسفي الذي هو (اللوغوس) الا بمقتضى ضرورة التمييز او المقارنة فقط بينه وبين العقل الطبيعي في التحليل العلمي أو في الاستدلال الفلسفي.

- فلسفة اللغة التفكيكية هي لغو فارغ وثرثرة خالية من أية مسألة جديرة بالبحث الفلسفي،لأنها تقوم على تقويض النص والمعنى في عملية تشتيت ذهني وتفكيكه بلا جدوى أو غاية ترتجى، فالهدم من اجل الهدم والتقويض، وكل ماينتجه الهدم يجب أن يطاله التقويض، والغياب حضور آني مؤقت،لأن مآله الى زوال حاله حال الحضور الذي طاله الهدم والتدمير، وأنه لا شيء خارج النص من حيث هو تفكيك تجريدي لغوي مقطوع الصلة نهائيا عن الانسان والحياة في حالة دائمية من الهدم والتقويض اللانهائي في اللعب باللغة كما يلعب الطفل بدمية لا يعرف معناها.

كما أن الفلسفة البنيوية قرينة التفكيكية حسب جياني فايتمو تضع في أسبقية اهتماماتها بنية اللغة (النص) فقط بما هو نص مكتوب مدوّن، ولا أهمية عندها للمتلقي ولا تعير اهتماما للمستقبل الانساني.

وأمام هذا الافلاس الفلسفي في التفكيكية وفي البنيوية الى حد ما يذهب جورج مور قائلا:( أن التحليل الفلسفي للغة ليس هدفا في ذاته، بقدر ما هو وسيلة لتوضيح افكارنا وتصوراتنا وقضايانا، والنظرية الفلسفية تقاس قيمتها بقدر اتساقها مع معتقدات الرجل العادي، فاذا جاءت النظرية متنافرة مع هذه المعتقدات حكمنا عليها بالافلاس.) نقلا عن ابراهيم طلبة سلكها.

وفي نفس المنحى ذهب فنجشتين انه (يتوجب على الفلاسفة العودة الى اللغة العادية والاستخدام المألوف لها). بعيدا عن تفكيك نحوي وبلاغي في اللغة كمبحث لغوي نصّي تجريدي يخص قضايا الادب بما هو تجنيس ادبي وليس بما هومبحث فلسفي منتج في أثراء مباحث الفلسفة.

- الحياة ليست خطأ وخطيئة يتحمّلها وجود الانسان رغما عنه وحسب، بل الخطأ الأهم أن يعيشها الانسان مرغما يائسا بانتظار حتمية فنائه بالموت. وفهم سارتر الوجود بفلسفته أنه خواء مطلق مجرد من كل قيمة حقيقية، ويلازم العدم أي الموت الفاني الوجود الانساني كدودة داخل وجوده تعمل على تقويضه والتعجيل بفنائه.

أن خلع صفة التشاؤم الفلسفي في أدانة سارتر الذي يعدم سعادة الحياة وبهرجها في تخريجهم الميتافيزيقي لا يغيّر من حقائق خواء الوجود الانساني من أي معنى من أجله يتحّمل الانسان شقاءه الدائمي في كل مفردة من حياته طيلة سني عمره، الذي لا معنى فيه أن يعيش ويفنى،وأن الانسان عليه أن يعيش قدره بكل غبطة وانتشاء، لا يعدو في حقيقته أنه كلام فارغ لا يلبث الانسان أن يصطدم بجدار حقيقة وجوده الخاطيء بالحياة الذي لا أرادة له به ولا قناعة حقيقية ترضى دوامه واستمراره.

- ثبات الاشياء وموجودات الطبيعة ثبات نسبي مكانا وزمانا على الدوام وليس كما يذهب كانط أن ثبات الاشياء هو السمة اليقينية المستمدة من ادراكنا لها بثبات كل من الزمان والمكان في اسبقيتهما على الوجود، وبخلاف كانط أن ثبات الزمان في أدراكه ثبات الاشياء في وجودها الظاهري الحسّي أنما هو أي الزمان يدخل في علاقة جدلية في تغييره الاشياء دون أن يتغير، كما أنه يساعد العقل على الادراك من دون أن يدرك هو بذاته، بل كل مانعرفه عن الزمان انه حدس نتلمسه في ظواهر نتائجه في الاستدلال على وجود الاشياء بعد تخليق العقل لها وليس في اختراع وجودها.

- ان ادراك وجود الاشياء في  العالم الخارجي مكانيا – زمانيا، أنما هو في حقيقته ادراك زماني واحد فقط، فلا يمكننا أدراك الشيء مكانا من غير زمن لكننا نستطيع ادراك الاشياء زمانا من غير وجود مكاني متعيّن لها، فنحن ندرك الاشياء القيمية كالاخلاق والفنون والجمال زمنيا في تفكيرنا الخيالي الذهني لموضوعاتها تستحدثها الذاكرة مادة لتفكير العقل،وهي أي موضوعات الخيال غالبيتها ليست محددة وجودا مكانا في العالم الخارجي لكننا نحدسها من خلال تناول التفكير بها زمانيا الذي يخلع عليها وجودها المادي في الواقع.

- الديالكتيك في المادية التاريخية قانون يحكم المادة والتاريخ والطبيعة، لكنه ليس حتمية غائية في تحديد المراحل التاريخية التي يصلها ماركسيا بالضرورة. فالديالكتيك الذي يحكم المادة والوجود والتاريخ يشتغل على مسارات عديدة تحكم المادة وكل ظواهر الحياة بما لا حصر له ، والتاريخ ومساره التطوري أحداها، فالديالكتيك قانون يعمل في الطبيعة مستقلا عن الانسان ورغائبه، وليس قانونا وضعيا من أجل الفلسفة او تفسير تطور التاريخ مراحليا، فقد يعمل الديالكتيك في بلورة معطيات جديدة في الوجود والحياة ليس التاريخ من ضمنها كمرتكز محوري كما في المادية التاريخية، وأخيرا الديالكتيك ليس قانونا وضعيا أوجده فلاسفة مثل هيجل وفيورباخ وماركس وانما هو قانون يعمل في مجال الطبيعة بمجملها قبل وبعد اكتشافه فلسفيا.

- الحواس تدرك وجود الاشياء في العالم الخارجي صوريا بالفكر، وليس صوريا باللغة، وأدراك الشيء بالفكر لا يشبه تعبير اللغة عنه، واللغة في تعبيرها عن وجود الاشياء تكون أولويتها سابقة على الفكر، فادراك الاشياء بالفكرذهنيا هو أدراك صامت، والصمت لغة حوارية كامنة بالذهن غير مفصح عنها بالكلام او الكتابة، في حين يكون تعبير اللغة عن الاشياء في وجودها الخارجي (صائتا) مسموعا او رموز اشارية سيميائية سواء أكان ذلك كلاما شفاهيا أو تعبيرا لغويا مكتوبا.

ويسبق الفكر الصامت في الذهن أدراكنا الاشياء والتعبير اللغوي عنها داخل العقل وليس خارج العقل، وأولوية التفكير العقلي في الذهن يسبق تعبير اللغة عن الموجودات خارجيا، على العكس من أن اللغة تسبق الفكر في التفكير خارج العقل فقط وليس داخله، اللغة تعبير والفكر محتوى، وجود الاشياء في العالم الخارجي تكون فيه الاولوية للتعبير عنه باللغة التي تعبّر عن الاشياء كناتج تخليق عقلي فكري لها.

- صمت الفكر في أدراكه العقلي لوجود الاشياء وأن كان يلتقي مع صمت اللغة في حالتي الادراك العقلي ذهنيا، وفي التقائهما في الافصاح اللغوي – الفكري التعبيري عن وجود الاشياء في العالم الخارجي، لكنما يبقى أدراك الفكر للشيء لا يطابق ولا يشابه تعبير اللغة عنه.وبذا لا يستطيع الفكر الذي هو نتاج عقلي كما هي اللغة أيضا، أن يتطابق مع اللغة في الافصاح عن المعنى التام في تلازمهما التعبير عن الشيء، ويبقى الفكر متخلفا عن اللغة في عجزه أيجاد حقيقته الوجودية في منافسة اللغة له في التعبير عن الموجودات والاشياء. وتبقى عبقرية اللغة سابقة على تخليق الفكر العقلي في محاولته التعبير عن الوجود بملازمته اللغة او بمفارقته لها كما في حال انشغال الفكر في حدسه وتنظيمه ادراك ما تفرضه الذاكرة التخييلية من موضوعات مستمدة خياليا من الذاكرة ولا علاقة للحواس في أي دور بنقل مواضيع الخيال الى العقل وفي تعطيل اللغة اولويتها داخل العقل في مزاحمتها الفكرلها، فالمدركات الحسّية وظيفتها هي فقط نقل معطيات وجود الاشياء في ظواهرها بالعالم الخارجي وليس مواضيع الخيال التي مصدرها العقلي الادراكي لها الذي هو الذاكرة فقط. وبهذه الحالة تتراجع اللغة المنطوقة او المكتوبة الى مراتب متأخرة امام فاعلية العقل والفكر معالجتهما مواضيع الخيال في الذهن. وتكتسب اللغة أهميتها المتمايزة عن الفكر في التعبير عن تخليق العقل لمواضيع الخيال أمّا في محتوى وشكل لغة ادبية او فنية او جمالية حال خروج اللغة عن وصاية العقل عليها داخل الذهن المفكّر، وتنتهي وصاية العقل على الفكر واللغة بعد تعبيرهما عن الاشياء في العالم الخارجي.لأن اللغة والفكر يصبحان جزءا متداخلا مع وجود الاشياء التي تّم التعبير عنها خارجيا، بعد ان كانا(الفكر واللغة) جزءا من التفكير داخل العقل في تفكيره الذهني.

- يفهم كانط الزمان والمكان معطيان قبليان في العقل سابقان على وجود الاشياء وهما وسيلتا أدراك تلك الاشياء، ومن دون هذا الافتراض لا يمكن للعقل والذات أدراك الاشياء في وجودها الخارجي، وجواهر وظواهر الاشياء لا تدرك من غير ثباتها في تجانسها مع ثبات الزمان والمكان في الذهن كما يذهب كانط أيضا، كما أن ثبات الاشياء يتناسب طرديا توافقيا ادراكيا مع الزمان في ثباته، وبهذا يكون كانط أعفى العقل من مهمة اثباته ماهيات وجواهر الاشياء في وجودها بذاتها أو حتى في ظاهرياتها المتغيرة على الدوام وباستمرار، وأعطى الثبات المكاني والادراك الزماني المجانس لثبات الاشياء مكانيا اولوية على العقل.وفي هذا التناقض يصبح عدم اعتراف الفلسفات المثالية بالعقل والوجود خارج ادراك الفكر مقبولا دوغمائيا في المثالية المنطقية التحليلية التي يتزعمها ديفيد هيوم وجورج مور وبراتراندرسل ، متناسين تماما أن الفكر هو نتاج عقلي وليس نتاجا مكتسبا في أدراكه وتفسيره للاشياء وفي هذا مأزق الفلسفة المثالية الحديثة انكارها وجود العقل في تأكيدها على الفكر الذي هونتاج لصيق بالعقل. ونجد من المهم التنبيه أن العقل لا يفرز الافكاروظائفيا، لكنه هو منتج الافكار في عملية تخارج التفكير العقلي مع وجود الاشياء في ادراكها الخارجي، وليس هناك من فكر لا يسبقه وجود او موضوع. وليس من السهل أبدا الاقرار بأن الفكر له الاولوية في تغييب العقل وليس غيابه كما تذهب له الوضعية المنطقية الحديثة..

- رغم وجودية كيركارد التي أصبحت مادية لاحقا على أيدي هيدجر وسارتر، الا أنه يذهب نحو مثالية لا تختلف عن المثالية التي يذهب فلاسفتها جميعا أنه لا وجود للاشياء ولا العالم الخارجي الا في الوجود الصوري الادراكي لها في الفكر فقط لا غير، وأن النسق الفلسفي يحتوي ويقرر ماهيات الاشياء والوجود من خلال الفكر المنطقي المجرد ، وذهب كيركارد نحو وجود غير مادي وغير ميتافيزيقي أيضا بالتبشير بعالم الوجدانات والاخلاق والجمال والعواطف الايمانية في اعتباره لها ايقونات فلسفته الوجودية في ظاهرها فقط، معتبرا أن الوجود الانساني تابعا للنسق الفلسفي لا خالقا لوجوده من خلاله.وفي هذا يخرج كيركارد عن وجوديته المادية واستبدالها بوجودية أيمانية دينية صوفية مثالية.

- الحقيقة الفلسفية هي محاولة استدلالية دائمية في ملاحقة تطابق ما في الاذهان مع وجودها الافتراضي الدائم في المطلق الفلسفي، كما أن الذات ليس بمقدورها تخليق وجود الاشياء بالتفكير الذهني المجرد بها، وحقائق الفكر الفلسفي الافتراضية غير المتعينة الا بوسائل الاستدلال عليها، تبقى محتفظة بصفتها أنها صيرورة تطورية دائمية في مباحث الفلسفة.

- ذهب تطرف براتراند رسل ومعه جورج مور ووايتهيد نوعا ما ، فيما أطلقوا عليه الواقعية الجديدة الانجليزية حصرا، في أعلائهم من شأن معطيات ومدركات الحواس أهمية كبيرة وصلت براسل أعتباره تلك المعطيات الحسية هي العقل بمعناه العلمي التجريبي العلمي، وليس اللوغوس بمعناه الفلسفي الذي هو نتاج المعرفة بمختلف مباحثها وألوانها. وأعتبررسل تكوين العقل العلمي يقوم على أولوية معطيات الحواس بخلاف أن المعرفة الفلسفية لا تنتج لنا سوى مناهج ونظريات في التفكير الذي لا يقود الوصول الى عقل تجريبي علمي.أنه من الواضح ان راسل اراد ان تكون الفلسفة علما تجريبيا يقودها العلم ولا تقوده هي العلم.

- في نفس المنحى الذي أشرنا له في الفقرة السابقة نجد أن ديفيد هيوم ذهب نحو علم النفس معتبرا أن ليس هناك معرفة مباشرة (للأنا)، بالمعنى الفلسفي الذي نفهمه أنه وعي الذات، وأنما الموجود هو النفس البشرية وليس الذات التي يشكك هيوم بوجودها، معتبرا النفس هي (حزمة من الافكار) المستمدة من معطيات الحواس لا علاقة بما يدعى ذاتا الى جانب او محل وجود النفس، وقام بتطوير فكرته هذه في كتابه (تحليل العقل) الذي لم يكتف به نكرانه الذات الانسانية بل ذهب أبعد من ذلك قوله (لا يوجد شيء اسمه المادة كما ولا يوجد شيء اسمه العقل). وبتعبير فلسفي يعتبر هيوم (أن ما يمّيز ماهو نفسي هو ذاتيته، وهذه الذاتية تعني ماديا تجميع معطيات الحواس وتركزّها في مكان واحد هو الدماغ).

لكن من المهم الاشارة أن راسل ينكر على هيوم (وجود نفسي على هيئة جوهر قائم بذاته،) ومع ذلك فهو يقر لهيوم (ان الظواهر النفسية اكثر حقيقية من المادة لأننا لا نتوصل للمادة بادراك مباشر لها مطلقا).

من وجهة نظر هيوم وراسل أنه لا يسبق الوجود الانساني ولا الوجود الطبيعي قاطبة سوى معطيات الادراك وحزمة الافكار المستمدة من معطيات الادراك الحسي للاشياء في وجودها المادي المستقل الذي ينكران ادراكنا له بغير ما تزودنا به الحواس فقط، كما لا يعترفان بوجود عقل مستقبل لمجموع معطيات الحواس بما اطلقا عليه حزمة الافكار وتنظيمها عقليا،وأنما الموجود هو حزمة الافكار ليست المستمدة عن وجود الاشياء السابق عليها في العالم الخارجي بل حزمة الافكار في الدماغ التي بضوئها نستدل على وجود الاشياء من عدمه.ضاربين عرض الحائط حقيقة أنه لا وجود لفكر لا يتقدم عليه ويسبقه وجود ثم يعقبه عقل.

من جهة ثانية نجد أن هيوم وراسل اللذين يدعوان أعتماد العقل الفلسفي تجريبيا كما في العلوم الطبيعية والرياضيات، يتوسلان اللوغوس فلسفيا في تدعيم دعوتهم الى جعله مبحثا عقليا تحليليا علميا خارج مختبرات العلوم ، وليس العكس المطلوب في أعتماد معطيات العلوم الطبيعية في الوصول الى قناعات فلسفية تأخذ من العلم تجريبيته التحليلية بما ينتشل مباحث الفلسفة من الدوران في فلك معرفة الوجود بوسائل تجريدية تستبعد العلم التحليلي والتجريبي. باختصار العبارة الموجزة أن محاولة جعل مباحث الفلسفة (علما) لا يتم الا بمنطق العلم الذي لا يلغي قدرات العقل العلمي البرهنة عليه فلسفيا.

- الانسان كينونة وجودية تمتلك وجودها الظاهراتي والعقلي وماهيتها التي هي مجموع صفاتها وكيفياتها كانسان،  تجعل منه هوية جوهرية ماهوية مستقلة. وفي هذه الخاصية يتأكد استحالة الاتحاد غير القابل للتسوية بين الوجود في ذاته، والوجود من أجل ذاته، أي بين الخالق الالهي والمخلوق الانساني كما تدّعيه الصوفية في تغاير (كيفيتين) أحداهما روحانية لا يدركها الانسان هي الخالق ، والاخرى مادية تتمايز ذاتيا عن غيرها بقوانين الطبيعة زمكانيا وهي الانسان ، ولا تلتقي كيفية الانسان المادية الا مع كيفيات مادية تتجانس معها في كل او بعض الصفات والماهيات.

- لغة الخيال هي قسمة مشتركة بين الفلسفة والشعر، باختلاف ان لغة الفلسفة تخضع لسطوة العقل المنطقي في لجم الخيال ان يكون تهويميا ،بينما الشعر يعيش ويخضع لمرجعية تنظيم اللغة وتنظيم خيال اللاشعورجماليا فنيا أيضا بعد برودة عاطفة الشعر وبرودة تهويم اللاشعور العقلي في تدوين النص مسموعا او مكتوبا او جماليا ممثلا في نص شعري او في لوحة فنية وفي جميع انواع التشكيل الفني التي  تكون اللغة فيها في حالة كمون يستنطقها المتلقي المشاهد.

- عبقرية اللغة سابقة على عبقرية الفكر الذي تعبّر عنه، رغم أن انتاجية العقل للفكرسابق على انتاجية الذات للغة، وكلاهما حوار غير معلن لشيء واحد، ويفترقان (اللغة والفكر) عن الخيال العقلي، والتمايز الدلالي بينها ايضا، متى ما اصبحت الفكرة واقعا ماديا معبرا عنه لغويا يدركه الاخرون في عالم الاشياء.

- الانسان ذات وموضوع يتبادلان الادراك بالتناوب.فالانسان يدرك الموضوع في وعيه العقلي او الخيالي. والانسان يدرك ذاته بذاته عقليا أيضا. والموضوع لا يشترط أن يدرك ذاته الا بشرط علاقته بمن يدركه وهو الانسان، أذا كان وعي الذات ووعي الموضوع من نفس النوع.بمعنى أن يدرك الانسان غيره من البشر لا غيره من الكائنات في الطبيعة والعالم الخارجي. فهنا لا يكون الادراك بين الذات والموضوع متبادلا ، بمعنى أن الانسان في هذه الحالة يدرك موضوعه، لكن موضوعه لا يدرك الانسان ولا وعيه به كموضوع.

 

الباحث علي محمد اليوسف /الموصل

 

 

في المثقف اليوم