أقلام حرة

لا بديل عن وحدة الشعوب لمواجهة المشروع الامبريالي المتعولم

بعد يوم الهجمة الامبريالية وتتعدد ساحاتها لتغطي الوطن العربي كله، وتتنوع من حيث الأساليب والأدوات والميادين، فيما يزداد التخلف الثقافي والعلمي والاقتصادي وتتعمق التجزئة العربية التي جعلت من كل أمير حاكم ومن كل قائد فصيل زعيم دولة.

 

هذا ناهيك عن أن الشعوب العربية تئن بين المطرقة والسندان ، مطرقة المشاريع الاستعمارية والامبريالية المتعولمة التي تستهدف اهدار طاقات وكنوز العالم العربي ونهب خيراته، ومطرقة النظم الاقليمية ومحاولات ترويض وتدجين الواقع العربي وربطه بالمصالح الأمريكية الكونية، خصوصاً بعد انهيار وسقوط المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي، وسندان الحركات المتعصبة والمتطرفة التي تمارس العنف والقتل باسم"الدين" . فمصر تمر في ظروف اقتصادية صعبة وتعاني الفقر والجوع والبطالة الواسعة، والجزائر تعيش أوضاعاً أكثر ضراوة عما كانت عليه في زمن الاستعمار الفرنسي، وبلد الرشيد والنخيل والحضارة"العراق" يواجه الدمار والخراب والحرب الهمجية ويدفن موتاه يومياً ، والسعودية ودول الخليج تأتمر بأوامر امريكا ، ولبنان النازف يعاني صراعاً داخلياً عنيفاً وطائفياً انعزالياً، وفلسطين الذبيحة ممزقة الأشلاء وتلعق جراحها وتشهد اقتتالاً دموياً بين أخوة السلاح والخندق الواحد، والشعب الفلسطيني يحيا حصاراً تجويعياً احتلالياً متواصلاً ، وسوريا تنهبها عواصف سياسية عاتية وتنهشها قوى معادية طامعة.

 

باختصار شديد ، هذا هو النظام العالمي الجديد الذي تتزعمه وتقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وكأنه صمم خصيصاً على مقاس الوطن العربي بأكمله، لينزوي الانسان العربي تحت كنفه مجرداً  من الكرامة وعارياً من الحرية والاستقلال الوطني. وبناء على ما تقدم وأمام المحرقة الأمريكية والسياسات الغربية المعاصرة التي لا ترى في العرب سوى أسواق تجارية وأيتام نفط، ولمواجهة التهميش المتزايد للعالم العربي والتخلص من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا بد من اعادة الذات العربية والتمسك أكثر بتراث الزعيم والقائد العربي الخالد جمال عبد الناصر وقطع روابط التبعية وتعزيز وحدة المصير، الصخرة التي سيتحطم عليها الصلف الأمريكي. بالاضافة الى تحقيق تنمية فعلية تخدم تطلعات وأحلام الشعوب العربية ، وتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم، يضاف الى ذلك ارساء نهضة جديدة وخلق وحدة عربية قومية بنسق جديد ومن ابتداع العقل الجماعي الثقافي والفكري العربي، مع الأخذ بعين الاعتبار والحسبان مصالح الجماهير العربية ومستقبلها المأمول والمتجدد، وحرياتها الديمقراطية ، وحقوق الانسان.

 

ولذلك يتوجب على ما تبقى من قوى يسارية وأحزاب معارضة في البلدان العربية انهاء حالة الصمت والتحرك الفاعل وتحريك الشعوب، وحشد الطاقات الجماهيرية الغاضبة، التي بحاجة الى قوة ترعى تحركها وتنبهها الى خطورة الأوضاع، والخروج في مظاهرات سياسية وسلمية تعبيراً عن رفض النهج العدواني الأمبريالي، وتضامناً مع الشعبين العراقي والفلسطيني.

 

أن وقفة شعبية وجماهيرية حاشدة من شأنها أن تؤثر على الدبلوماسية العالمية، وصمت الجماهير، وعدم تفاعلها مع الحدث، هو ضوء أخضر يعطي للادارة الأمريكية شرعية للأستمرار في تهديداتها لسوريا وايران.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1296 الاحد 24/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم