أقلام حرة

ذاكرة المستقبل: رجالٌ غُفْلٌ

"جُواني مُلِأَتْ ضراطا"ً: أولئك هم الكُتّبُ الغُفْل، والشعراءُ الغُفْل، مهما ضَوضأوا، أو تشاطروا، أو تشاعروا، أو صفَّقتْ لهم المحافلُ الفنية الغُفْلُ، واتحادات الكتًّاب الغُفْل، والصحافةُ الغُفْل المشتراة والمباعة بشروى نَقير .

 

وسأكتبها بلهجتنا الميسانية الجنوبية: "يُواني تُرِسَت عُفاطا من دبُر"، فصارت مَضْرطةً على مَضْرطة !

 

هؤلاء الكتّابُ الشعراء، والشعراءُ الكتّاب، الذين يميلون حيث تميل الريحُ، ويجلسون الى حيثُ القصع المتروسة زاداً حراماً: موظفو " ادب الشقق المفروشة " القديمة والجديدة، وشعراءُ البترودولار في هذه الايام .

 رجالٌ أغْفال، لا تليق بهم الاّ بلدان أغْفال، هي شركات غير مساهمة يديرها انصافُ اغْفال، ويحرسها حُجّاب أغْفال .

 

وتسأل أحدهم: منْ اين انتَ يا فتى؟ فيرد عليك: منْ بني غُفَيْلَة، يا رفيع الشان .

هكذا هو، لأنه واطي، ليِّن الركبة، ينادي على الجندي المحتل: يا رفيع الشان. ويقول لقوّادي الاحزاب المشترة بالجملة والمُفَرَّق: يا رفيعي الشان . ويخطب في المحفل الادبي: ايها الزملاء والرفاق الغُفْلُ !

 

ويلقي احدهم شعرا مشترى غُفلاً، ثم يقول انني الشاعر .

وياتي اليك احدهم بقول، ثم يبيعك الى اخر بقول اخر .

هكذا هم، بائع مَبْيُوع، مرة لسلطة الدكتاتور، واخرى لعميل الاحتلال، وثالثة للمستشار الملكي، ورابعة لمدلّك الامير المُخنّث .

 

ولهذا وغيره:

أبْرأُ الى الله من ارضٍ غُفْل، وناس غُفْل، وسوائب من دون غُفْل !

وابرأُ الى الله  من جرايد تبيعنا باعلان ملّون بصفحة كاملة، وتدعي انها يسارية، او قومية، او وطنية، او تجمع هذه كلها في سلّة واحدة .

واني لابرأُ من نفسي، يا اخي، ان هي وضعتْ اسمي بجوار احد الكتّاب الغُفْل، اوجمعتني عند كرسي يجلس عليه احد شعراء الغفلة .

 

ونحن ـ يا ولداه ـ يدير صحافتنا، أداري غفُل .

ويراس اتحادنا الادبي مُسَيِّرٌ غُفْل .

وبأمر فينا وينهي، ضَرّاطٌ غُفْل .

 

فتأمّل ـ يا اخي ـ هواني على نفسي، انْ رضيتْ بمساحة بين هؤلاء، او قبلت بشكر من واحد من هؤلاء، او جلست مع واحد من هؤلاء .

وتأمّلني ـ يا رعاك اللله ـ  لانني بك بعد الله انتخي. وباخوّتكَ بعد اجدادي، اقتدي . فلكأنّكَ انتَ الذي تقول لي: لانكَ لستَ مديونا لأحد، تجدني حيثما تغرّبت، وهاجرت . وتعثر عليّ حتى ما بين الرياح الهوج .

وها هو المُنشقّ الميساني، الممروض، المقترب من عتبة النهاية، المُصطحب كفنه حيثما حلّ . المراهن بانه لا يزال حيّا وسط هذا الخراب من الماء الى الماء، ومن الرمل الى الرمل، ومن عميل الى اجير ... يعلن على رؤوس الاشهاد، لا مقام لي بارض غُفْل، وانْ اعطتني زنتي ذهبا، او ترستْ رقعة الشطرنج من مضاعفات الارقام،رقما بعد رقم، قمحا غير غُفْل!

 

يحدث هذا فقط، لأنني في حياتي الان، كما في مماتي بعد حقب، اراهن، وسابقى أُراهنُ بانني لا ازال حيا  ..!

وان صوتي يعلو، ويعلو، مع اميل زولا: انّي أتَّهِم

 

جمعة اللامي

www.juma-allami.com

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1297 الاثنين 25/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم