أقلام حرة

نساؤنا أما عاهرات أو ماكرات

الارض علماً وحضارة وانسانية . وأعتقد جازماً بانها مؤامرة كبيرة ضد الدين الاسلامي لتشويه صورته الناصعة وهذه المؤامرة يقودها مجموعة من المتخلفين عقلياً ممن أطلقوا على أنفسهم شيوخاً وأصبحوا كل يوم وهم يخرجون على الناس ليس فقط بفتاوي التكفير بل بفتاوي تثير تساؤلات عديدة، ومن هذه الفتاوي التي هي ليست جديدة الفتوى التي تقول (تحرم جلوس المرأة على الانترنت لوحدها بدون محرم بسبب خبث طويتها ولايجوز للمرأة فتح الانترنت إلا بحضور محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها)، وأرجو من القارئ ان يعيد قراءة الفتوى عدة مرات حتى يستطيع ان يصدق مايقرأه .

 

هذا الشيخ المبجل الذي أطلق هذه الفتوى أتهم المرأة دون ان يدري بدءاً من حواء بخبث الطوية وبالعهر والمكر ... واتهم الرجل دون ان يدري ولو كان يدري فالمصيبة أعظم، أقول اتهم زوجته وأمه وأخواته وبناته وقريباته قبل ان يتهم المرأة الاخرى في أقاصي الشرق أو الغرب . ولست أدري هل يعلم بان في وطنه وصل عدد العانسات الى مليون فتاة عانسة وهناك 18 ألف حالة طلاق من أصل 60 ألف عقد زواج و25% من الأطفال المتحولين الى طوارئ المستشفيات هم ضحايا عنف عائلي مثل التحرش والاغتصاب والحرق والاهمال، وهذا الكلام ليس من الوهم بل الذي ذكرته هو جزء قليل من تقرير العالم السعودي عبد الله الفوزان الاستاذ المشارك في جامعة الملك سعود في الرياض، وجاء في التقرير أيضاً ان نسبة العنوسة سببه غلاء المهور وإحجام الكثير من الشباب السعودي عن الزواج مما أدى ذلك الى ارتفاع معدلات الانحراف الجنسي . أما كان أولى لهؤلاء الشيوخ ان يبحثوا عن فتاوي لمعالجة مثل هذه المشاكل التي تحيط بهم بدلاً من إتهام المرأة .. هذا الكائن اللطيف الجميل الذي خلقه الله وجعله نصفنا الآخر بهذه العقلية المتخلفة .

 

وانا متأكد بان الارقام والنسب التي ذكرها الاستاذ عبد الله الفوزان هي أقل بكثير من الارقام الحقيقية لان المجتمع المنغلق على نفسه لاينتج إلا فرداً منغلقاً على نفسه ولا يستطيع البوح عن أسراره وعقده النفسية من باب العيب والاستحياء بسبب القيود الاجتماعية والدينية التي تقيد الفرد وتمنعه من ذكر ما يعانيه من عوامل نفسية او جنسية تمنعه من قول الحقيقة خوفاً من أن يتحول في نظر المجتمع الى شخص منبوذ هذا اذا كان رجلاً، اما اذا كان الفرد مرأة فليس لها سوى استلام الفتاوي الغبية التي نسحق انسانيتها وشخصيتها لانها في عرف هؤلاء الشيوخ كائن نكرة عار وكل شيء فيها مخجل وماكر وخداع .

 

وهذا الامر يشكل ظاهرة خطيرة تهدف الى فرض الوصاية الأبدية عليها وقد يذهب الأمر ان يفكر هذا الذي أصدر الفتوى بانه ينتقم لأبيه آدم باعتبار ان حواء الخطاءة هي التي أخرجته من الجنة ولذلك ذكرت في مقدمة كلامي بانه لم يعرف المرأة الماكرة والعاهرة ولم يقل من هي بل أطلق فتواه بصورة عامة لم يفرق بين المرأة الشرقية أو الغربية وبين المرأة قديماً وحاضراً .. فتوى تشمل كل النساء من حواء فنازلاً .. بصراحة لا استطيع تصور العلاقة بين هؤلاء الشيوخ وبين زوجاتهم وامهاتهم أو بناتهم وهم ينظرون الى المرأة بهذه النظرة الظلامية، وأي مجتمع هذا الذي يريد أن يتطور ويتقدم وهو ينظر الى نصفه الآخر بهذه النظرة ويطبق على انفاسه ويقيد حركته ويضع عقله في ثلاجة التخلف . والى متى يبقى هذا الكائن في مجتمعاتنا والذي اسمه المرأة كائن موجود على الارض ونحن ننظر اليها كبضاعة نتداولها أو كفاكهة نشتهيها كوسيلة لتفريغ شحناتنا الغرائزية كوسادة قطن نسرب فيها كل تخلفنا الفكري والعقائدي أو نتعامل معها كخادمة صعلوكة تلبي أوامرنا فقط بالطبخ والمضاجعة وتربية أطفالنا .. وهنا أسأل هذا الشيخ اذا كانت المرأة بهذه الصورة فكيف تأمن بمثل هذه المرأة ان تربي أطفالك وهي على هذا الحال والصفات ؟؟ وكيف تتجرأ وتجعل هذه المرأة العظيمة والتي قال عنها سيد المرسلين وخاتم النبيين (ص) (الجنة تحت أقدام الأمهات) وانت تتهمها بالعهر والمكر وخبث الطوية .

 

اتقوا الله ... في فتاويكم أيها الناس عندما تطلقون مثل هذه الفتاوي فأنتم تتهمون ليس فقط حواء وانما كل النساء العظيمات في التاريخ الانساني والاسلامي .

 

انه فوبيا من نوع آخر فوبيا من المرأة وعقدة قديمة وإرث من زمن وأد البنات لايزال يعيش في مجتمعاتنا يستعملها الآن هؤلاء المتخلفون لتبقى مجتمعاتنا معلولة ومشلولة بالاضافة الى زرع بذور الشك بين الزوج والزوجة والأب والبنت والأخ والاخت لخلق المشاكل ضمن العائلة الواحدة وبالتالي تلهية مجتمعاتنا المتخلفة أصلاً والتي تعاني ما تعانيه من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية ... الخ .

 

ان من يصدق مثل هذه الفتوى سوف تسقط عنده كل صور الشرف والجمال والعفة والطهارة والتضحية التي يحملها في عقله وفكره عن المرأة وتجعله يشك حتى في رموزنا ومثلنا العليا من النساء لان الفتوى عامة وليست خاصة بشريحة معينة من النساء . انه فعل قبيح وخبيث وهي سلسلة من الافعال تأتينا ضمن الفتاوي الشيطانية لتدمير كياننا الروحي وتسحق عواطفنا وشعورنا وتسخر من عقولنا بل والاكثر من هذا تحاول ان تلغي عقولنا.

 

أيها القارئ ... أيتها القارئة ... ثوروا على مثل هذه الافكار التي تصدر من شياطين العصر .. الذين لايرون إلا أنفسهم ولا يتحاورون إلا مع فكرهم وتناقضاتهم، ولايجوز السكوت أو الصمت على مثل هذه الفتاوى التي تتهم المرأة وإهانتها بهذه الصورة المريبة والمترافقة مع فتاوي القتل والتكفير التي خربت العقول والافكار وزرعت الموت والدمار، انها فتاوي ظلامية جديدة تريد ان تعيد مجتمعاتنا الى أبعد من العصور المظلمة .

 

أيتها المرأة ... أيها الرجل ... أنا أدعوكم لاقامة دعوى قضائية ضد هؤلاء أمام المحاكم الدولية لان إتهام المرأة على الاطلاق إتهام ضد الانسانية ولرد الاعتبار لكل نسائنا من أمنا حواء مروراً برموزنا من النساء الخالدات من تاريخنا العربي والاسلامي والانساني الى المرأة المسجونة في دهاليز شيوخ الجهل والتخلف . ارفعوا أصواتكم !! . 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1297 الاثنين 25/01/2010)

 

في المثقف اليوم