أقلام حرة

عقدة التكبر والاحساس بالنقص معا في السياسة العراقية

تكون متسمة بما جرى لها في تاريخها من الترسبات من الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية، لابد ان يحمل في داخله اعراض ما يمكن ان نسميه العُقد التي التي تؤثر على مسيرة حياته.

 

فالانسان المصاب بعقدةالاحساس بالنقص، يكون مترددا في قراراته وافكاره، يشك بما يجري في محيطه، لم يستفد من العلاقات التي تربطه بغيره او لا يمكن ان يكون له ارتباط معين مع اية جهة وفق اسس صحيحة، ويكون في النهاية محدودة القدرة والامكانية، ولم ينجز اي عمل على اكمل وجه ولم يعلم ماهو المفيد والمضر بشكل علمي في معاملاته مع الحياة بدقة، ومتذمر بشكل دائم حتى من الاحداث الطبيعية ويحاول انقاذ نفسه من هذه الحالات دون جدوى .

 

اما المتكبر، فهو عكس ما يحس به الانسان من الاحساس بالنقص في الجوهر، وهو الذي يعتبر نفسه اعلى شانا مما حوله من كافة النواحي ومجالات العمل، غير مكترث بما يجري حوله، لا يهمه سوى ما يمسه، يقرر ما يشاء وكأن الحياة بما فيها تخصه وهي ملكه ولا يطيق من يناقشه ولا يسمح لمن يريد ان يعلمه او يفيده، وهو مغرور في طبعه ويريد ان يسيطر وينفرد في مجال عمله وحياته الخاصة والعامة، لا يهمه راي الاخر ويمكن ان يلغيه ان تمادى في تكبره .

 

الحياة السياسية الاجتماعية الحالية في العراق يتصف بالعقدتين المتضادتين مع البعض، نظرا لاختلاف الفئات والطوائف والاعراق في ظروف معيشتهم وتاريخهم السياسي والاجتماعي وافكارهم واعتقاداتهم العامة . فمنهم يتمنى ويعمل على اعادة عجلة التاريخ الى ما كان ويعيش مثلما كان ويامر مايشاء اينما وكيفما كان ويتعامل مع الاحداث والواقع بما يريد حيثما كان، وهو يعيش في وهم الخيال ومصاب بعقدة التكبر الاجتماعي ويبقى على هذا الحال لحين يطفيء التاريخ والزمن ما ملتصق بجوهره ومستقر في ذهنه . وفي المقابل هناك المصاب بالخوف من الماضي الذي مرً به من القمع والتهميش والظروف غير الطبيعية وهضم الحقوق، مما زرع الصفات التي جعلت من التردد وعدم الثقة بالنفس عائقا امام تفكير هذه الفئة، ولم يعالَََجوا منها لحد اليوم ومع كل ذلك فيه عقدة الخوف من المستقبل وما لا يطمئن اليه في الحياة العامة والخاصة به.

 

اما الفئة التي عاشت في تاريخها في ادنى مستوى لها من المعيشة والحقوق مقارنة مع الاخرين ولم تطمئن الى الان ما يجري لها في مستقبلها وتعيش في الماضي الاليم، وعلاوة على ذلك فان تخوفها ما زال يسيطر على اذهانها ويزيد من عقدة النقص فيها.

 

و في مثل هذه الاجواء والصفات والسمات التي تسيطر على الاوضاع في العراق، وبعد سقوط الدكتاتورية، ظهرت العديد من المواقف وبرزت قيادات وسيطرت اخرى على زمام الامور بشكل من الاشكال وهم يتصفون بما فرضه التاريخ على خلقهم وم وعقليتهم وفي اكثر الاحيان يتناقضون في عملهم وتعابيرهم وارائهم نتيجة تصادم الصفتين مع بعضهما في تصرفاتهم وتفكيرهم وايمانهم وتعاملهم مع المستجدات والاحداث المختلفة في المواقع التي هم فيها، اي تاثيرات العلاقات الاجتماعية والموروثات واضحة على مظهرهم وكيانهم وتعاملهم مع السلطة والشعب وما تظهر من التغيرات . وهذا ما يحتاج الى التحليل والبحث في كيفية اختيار الفرد الذي يتمتع بصحة وسلامة عقلية ونفسية في النظام السياسي والاجتماعي والسلطة في اي مستوى كان، وبه يمكن ان نطمئن على التقدم بخطوة نحو الامام .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1071  الاحد 07/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم