أقلام حرة

البعثيون والانتخابات..وسيكولوجيا الضحية

ويبدو أن مجيئهم للبرلمان المقبل بات أمرا مؤكدا،والاختلاف حول حجم تمثيلهم فيه ما اذا كان نصف مقاعده أو أقل أو أكثر!..ولن يستطيع الدستور ولا الحكومة ايقاف قطار الديمقراطية الذي سيقلهم  بحجة أن البعث حزب فاشي برغم أن بينهم من هو أبشع من فاشست ألمانيا، وبرغم أن أغلب الشيعة ناقمون حتى على أمينه الأول الشيعي فؤاد الركابي الذي منح صدام العضوية مكافأة على "بطولته"بضرب عبد الكريم قاسم.

وعلى وفق "قوانينا" السيكولوجية فان الانتخابات العراقية تحكمها "سيكولوجيا الضحية" القائمة على آلية الانتقام ،التي يسوق جماهيرها عقل انفعالي لا الى خلاص تمنته بل لخيبات استفتحتها بمجيء برلمانيين كثير منهم عديمو كفاءة ومشرعنو فساد ومثيرو فتنة ومسيئو اخلاق ودين. والأوجع ،على الضحية الأكبر، أن الحكومة التي قادتها الشيعة وحققت انجازات كبيرة،منحت الفرصة لأنظمة عربية بارتكابها اخفاقات كبيرة عززت لديها مقولة ابتدعتها "أن الشيعة لا يصلحون للحكم" مع أن في الشيعة، كما في السنّة، عقول ..توزن بلد.

وخطيئة ارتكبها "مخترعو" قانون اجتثاث البعث تحكّمت بهم سيكولوجيا الضحية حتى في اختيار مفردة "اجتثاث" التي تعني القلع والاستئصال والافناء، برغم أن نظام الحكم السابق اعتمد من السبعينيات سياسة "التبعيث" لاسيما في قطاعات التعليم والجيش والشرطة التي تظم الالاف معتمدا اسلوب قطع الارزاق ،فضلا عن بعثيين كانوا ضحايا "الرفيق الأكبر" الذي فتك بهم كما فتك ستالين برفاقه.

ومع ان الاف البعثيين (وبينهم من يطلب حزب البعث تعويض ما عاناه من ذّل باجباره قسرا" على الانتماء) عادوا لوظائفهم الا ان السلطة الجديدة حولتهم الى"ضحيه" وفرت لها الديمقراطية، كما لسابقتها، فرصة استعادة حقوقها.. بدأتها- والمتعاطفون معها- بتجميل صورتها للناس بأنهم بريئون من طغاة رحلوا وارهابيين احياء وداعين لاسقاط الحكومه، وانهم الوحيدون القادرون على انقاذ البلد من محنته بوصفهم اصحاب خبره وكفاءات في العمل السياسي والأمني، ولأنهم علمانيون غير طائفيين، وانهم سيحرصون على عروبة العراق ويوقفون"عنفوان" الكرد المتطلعين للانفصال، ويردعون الجارة الشرقية .. فيلقون الترحيب والأسناد من الأنظمة العربية، ويعود العراق لاستقراره بمسيرة جديدة.. كما يبشّرون.

والحقيقة الأكيده ان "ضحية" جديدة ستدخل البرلمان المقبل، وستبقى لعبة" سايكولوجيا الضحية والجلاد" تتحكّم بعقول السياسيين، ويظلّ مسار السياسة متجها بخدماته الى تقسييم العراقيين حصصا لا الى ادارة شؤونهم كشعب. ولن ينهي هذه اللعبة سوى الناخب العراقي بوصفه(حكم الساحة)، فان اعلن بصافرته انهاء اللعبة في آذار المقبل،وأتى بكفاءات سليمة نفسيا لا تتحكّم بها عقد الثأر والحيف والضحية، عندها سيصفّق له الناس والعراق، وان جاء بنصف الموجودين حاليا" بالبرلمان مضاف لهم اشباههم من" ضحايا التغيير" توجب عليه تمديد اللعبة شوطا" باربع سنوات يدفع فيها ثمنا" قد يكون افدح من سابقاتها.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1304 الاثنين 01/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم