أقلام حرة

نجاح العملية الديموقراطية مسؤولية الجميع في العراق

المطلوبة لتطبيق الديموقراطية بهدوء وببطء وبنجاح نسبي تقريبا، ويقترب الشعب في كل خطوة يخطوها في هذا الاتجاه من تثبيت مفهوم الديموقراطية كثقافة عامة ومترسخة في فكره وكيانه، ولا يمكنه الاستغناء عنها في المسيرة السياسية الجديدة والحياة العامة للمجتمع العراقي الجديد .

 اصبحنا الان في الصف الذي كنا نطمح اليه قبل مدة ووسط مرحلة متنقلة، لا يمكن الرجوع عنها، ونقترب اكثر من المحطة المصيرية التي يمكن فيها الاطمئنان على مستقبل العملية السياسية عموما والديموقراطية بشكل خاص، من خلال نجاح الانتخابات المنتظرة والتي تعتبر من الفواصل الهامة لقطع السلٌم الاخر من السلالم المتتالية في العراق والنظام الجديد .

ان الجهات السياسية العديدة الموجودة على الساحة السياسية العراقية، تعرف جيدا اهمية هذه العملية الديموقراطية الحاسمة للشعب العراقي، وتحسب له العديد من الحسابات وتنظر اليها ايضا كاهم محطة محددة لمصيرها ولبيان ثقلها الحقيقي وما يمكن ان تكون عليها في الفترة المقبلة، ولكل طرف منها عوامل واسباب مختلفة وحساسة التي يدخل بها جديدا في المعادلة العامة لما يكون فيه مع الاطراف الاخرى، وخصوصا في اطار الصراع الحامي والتنافس السلمي كمقياس حسابي حاسم وقاطع لجميع الجهات في التعامل مع البعض، والمنافسة الشريفة هي التي تعتبر المسند الحقيقي الواقعي في بيان الامكانية والثقل الحقيقي  وفي تحديد الحكومة المقبلة ايضا، وكل جهة لها الهدف العام ناهيك عن الخاص وما تتمتع به من الافكار والاعتقادات الي تريد تطبيقها بعد بيان مدى شعبيتها وحجم الموالين لها وقدرتها الظاهرة للجميع، مع الصراعات الحزبية الاخرى.

هناك توجهات معينة ونظرات محددة ومختلفة خاصة بكل جهة لجميع المواضيع والقضايا، طرف يريد ويصر على الحفاظ على السلطة والوضع القائم وما حصل عليه حديثا ويعتبره من المكتسبات التي لا تعوض وهو الذي ينتظرها منذ عقود ويعمل بكل ما لديه في سبيل الحفاظ على ما انجر ويريد ان يثبت ويكثر منه، واخر يحس بفقدان ما كان لديه ويعمل بكل ما لديه من الامكانية والقدرة في ذلك السبيل لاعادة المفقود وربما يستعمل الطرق الملتوية في محاولته للعودة وان يستفيد من الظروف الاقلامية والداخلية التي تقع لصالحه في سبيل اعادة الزمن والملذات وما تمتع به طيل عقود باي شكل كان، والاخر الخائف القلق من الماضي وما جرى له وما مر به من المظلومية والغدر وهو يعيش في حالة شك مستمر وعدم الاطمئنان فيما يقبل عليه وما يحمله المستقبل له.

الملاحظ في هذه الانتخابات البرلمانية، ان الفرقاء يدخلون الحلبة بطرق واساليب واشكال وتكتيكات واطر مختلفة، مستندين على كل ما يحصلون عليه وان كان غير شرعيا ماديا ومعويا،من هنا وهناك، من اجل الفوز باكثر كمية من الدواعم هادفين تحديد وتثبيت وتقوية اركانهم وبقائهم اقوياء على الساحة . ولحد اليوم لم تترسخ الاهداف والمفاهيم الجديدة بشكل نهائي وكثقافة عامة لدى افراد الشعب، ولازالت الاطراف تتزايد عليها في صراعاتها وتستغل الاختلال المؤقت الموجود في العملية من اجل دغدغة مشاعر الناس واستنهاضهم على عكس ما هو المطلوب ومما تطلبه الديموقراطية ومن خلال اثارتهم على الحنين الى الماضي الاليم، والمجتمع العراقي عاطفي الطبع كما هو مثبت علميا من الجانب السايكولوجي وما هو مثبت سوسيولوجيا بشكل علمي دقيق وانها اي العاطفة والمبالغة فيها من الصفات الراسخة في شخصيته، وعدم تفهم المفاهيم الجديدة والتماس المباشر بها على ارض الواقع والنقص في الخدمات التي تخصه تخلط لديه الاوراق، وتعتبر بعض المفاهيم غريبة لديه كالفدرالية والديموقراطية الحقيقية وما تتطلبانها وما تظهر من ابعادها ودلالاتها للفرد البسيط.

 المعلوم، ان الصراع السياسي ان لم يستند على المباديء العامة، تدخل في طريقه مجموعة من المعوقات التي تؤخر الانتقال الى المراحل الاخرى من العملية السياسية وتصيب الجهات بامراض عديدة كالانتهاوزية وعدم الاحساس بالمسؤولية والالحاح على العمل ضمن اطر المصالح الخاصة فقط دون النظر الى المصالح العليا ومتطلباتها وما يهم الشعب بشكل عام . بما ان القوانين الرادعة لم تقر بشكل قاطع لحد اليوم،فان الابواب مفتوحة للجهات وتفتح المجال للاجتهادات، وهي تسلك الطرق اما استنادا على اصالتها ومدى ثقتها واخلاصها للمستجدات وايمانها بالديموقراطية وتعمل من اجل تجسيد العملية السياسية بحرية ومن اجل توفير الحد المقبول من العدالة الاجتماعية والتكافؤ والمواطنة والسعادة والرفاه لابناء الشعب، او على العكس تماما والتي ترى ان الوضع الجديد ليس من مصلحتها.

اذن المسؤولية تتوزع على جميع الجهات وحسب الامكانية والقدرة ويجب ان يتحملوا ثقلها في هذه المرحلة وتتطلب من المؤمنين بالمستقبل النير للعراق الجديد التضحية من اجل نجاح العملية السياسية، والتي هي الهدف العام للجميع قبل اي شعار اخر. ومن يتحمل المسؤولية سينصفه التاريخ والشعب ويحصل على امانيه ويحقق اهدافه التي تخص الشعب بشكل عام قبل ان تخص ذاته حصرا.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1305 الثلاثاء 02/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم