أقلام حرة

ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق

يتاكد كل متابع من مدى التخبط والارتباك الحاصل في التحضيرات الواجبة العمل فيها قبل الانتخابات والتكتيكات الحزبية والاتفاقيات التي تحدث القلق وتثير اشمئزاز وحفيظة العديد من المراقبين المستقلين، وتخلق ارتباكا واضحا في نظرة الناخب الى ما يحدث حقا منذ الان، وما يتلمسه من الاجراءات التي تقوم بها الاطراف المختلفة، فتخلط الامور عليه. هنا هيئة المسائلة والعدالة وما صدر عنها، وهذه الهيئة التميزية وما جرى فيها وما خرج عن محادثاتها او قرارها المفاجيء المسيس الى حد كبير، وهنا الحديث عن دستورية تركيب هيئة المسائلة والعدالة وقراراتها، وهذا ما يقال عن قرارات الهيئة التميزية وما هو مسندها الدستوري في التفاصيل التي تعتمدها والتاثيرات الجانبية عليها وعلى قراراتها، والسؤال الاهم والقاطع المطروح والمحير حقا هو، لماذا التاجيل البت في الطعن لمن شمله قرار الابعاد الى ما وراء اجراء الانتخابات وليس قبلها وخصوصا هناك وقت وامكانية للتحقيق في ذلك خلال ايام، وهذا ما يثبت جازما ان قرار الابعاد كان سياسيا ولاهداف تكتيكية بحتة فقط وليس احقاق الحق والسير في طريق منع عودة البعث، وان جرى ابعاد هؤلاء ومنع الكيانات التي ينتمون اليها من طرح البديل، وكانت نسبتهم تحدث الخلل في تركيبة البرلمان القادم الم يضر بهيبة وعمل وقانونية البرلمان القادم منذ بداية انبثاقه . لقد تسربت العديد من الاخبار وما قيل عن الصفقات السرية بين الجهات الداخلية والخارجية وفرضت مواقف واراء وضغوطات وشاهدنا تدخلات وسمعنا تصريحات في غاية البجاحة، واليوم بانت النتائج المنتظرة من المباحثات السرية التي حدثت بعد الرحلات المكوكية للمسؤولين والقوى العالمية وما اتفق عليه من وراء الستار، وتدخل جميع هذه المواقف والقرارات في خانة الصراعات الحزبية والمصلحية الضيقة وما تفرضه المصالح الحزبية والدولية على الجهات الداخلية، وهناك من ينتفع منها والشعب هو المتضرر الاول والاخير. يبدو ان هذه المرحلة حبلى بالعديد من المواقف والقرارات الحساسة والتصريحات الساخنة من القوى المؤثرة والثقيلة على الساحة السياسية والتي لم تقف ساكنة دون ان تعمل على توجيه ما يكون لصالحها صوتا وموقفا، وتبدي من التوجهات والنظرات حول القضايا ومنها اجتثاث البعث لاهداف في غير صميم المسالة ذاتها، وهنا ترتفع الاصوات والمزايدات التي اهدافها معلومة للجميع. ولم تبق الجهات المتنفذة مكتوفة الايدي من هذه الاحداث السريعة وفي هذا الوقت الحرج، وستعمل كل جهة على ابداء ما يوفر لها المساحة الواسعة من القاعدة الشعبية لبقائها على ما هي عليه من المواقع وكي تحصل على الاكثر مستقبلا، وفي كلا الجانبين.

الواضح في الامر، ان زيارة جو بايدن نائب الرئيس الامريكي المكوكية الى العراق ولقائاته وطلباته وصفقاته وضغوطاته لم يخفى على احد، وما اتفق عليه وبان في تصريحاته ومن ثم اعلانه التكتيكي بعد اللقاءات عن مسؤولية هيئةالمسائلة والعدالة الحصرية في هذا الشان واعلانه على انه امر داخلي ليس الا ذر الرماد في العيون،هذاكله حدث بعدما نفذ التخطيط الذي جاء من اجله وكانه لم يحدث شيء، وكل ما جرى ماوراء الستار ولم يعلن عنه في حينه لقد بان اليوم وتوضحت نتائج كل تلك المحاولات السرية  من اعلان قرار الهيئة التميزية في تاجيل الطعن لمايخص المبعدين الى ما وراء اجراء الانتخابات البرلمانية العامة، وهذا امر لا يمكن ان يخفى عن احد، ناهيك عن من يتابع سياسة امريكا في العراق والمنطقة يعلم جيدا هدف كل زيارة ومصلحة امريكا في توازن بين الكيانات وبقاء البعث في الصراع، وهذا الامر لا ينطوي على احد ومعلوم الاهداف مسبقا.

لم يبق امام القوى الوطنية المتضررة من الصراعات السياسية الاقليمية والعالمية والشعب معها الا ان تدرس ما طرح واستجد على الساحة بعد قرار الهيئة التميزية بدقة، لان التاجيل بحد ذاته ضربة قوية للتغييرات والاصلاحات وكسر شوكة المناضلين في هذا الطريق، وكسر وشرخ واضح للسد المنيع امام عودة الافكار الظلامية المتمثلة بالبعث وزبائنه، وليس احقاق للحق فقط وانما منع لعودة الظلم والقهر الذي مورس من قبل من انبثق من وراء سترة البعث وترعرع في محيطه وارتزق من فتات ما استكثرها هذا الحزب على الشعب، واليوم يفتخر بفكره وعقيدته وايمانه بما ضمنته هذه العقلية الشمولية التسقيطية الدكتاتورية، والرضوخ لمن لم يعتذر عن جرائم ارتكبه ضد شعبه بداية خطيرة لسقوط جدار الحكم الديموقراطي وتضييق للحرية وتسهيل للاعتداء على الاخر المختلف والظلم بحق دماء الشهداء التي سالت في طريق التحرير وقدموا كل ما لديهم من اجل الخلاص من هذا الفكر والعقيدة والايديولوجيا الشاذة، وفدوا بارواحهم في هذا السبيل. ومن جانب اخر يعود القلق والارق الدائم لمن اعتقد بان البعث قد ولى الى الابد، فيجب الا يمر هذا الحدث دون تصحيح واقعي نلائم للمرحلة. فان ضرب الديموقراطية باسم المباديء الديموقراطية ومحاولة دفنها في اية فرصة سانحة لا يُقبل من احد، ويجب ان يتدخل الشعب في بيان رايه وان سمح له ستشهد المدن احتجاجات كبيرة لا حد لها ويجب ان يوضع حد فاصل امام المتلاعبين بمشاعر الشعب العراقي، وتوتير الاجواء بالقرارات الجديدة والمساومات في هذه الفترة ليس من مصلحة احد ويضر بالعملية السياسية الى ابعد الحدود .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1307 الخميس 04/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم