أقلام حرة

المبادرة المقتولة في الإعلام الرسمي

هنا يطرح السؤال الأبرز وننتظر الإجابة، لربما بين السحابة والسحابة تنزع العصا من الدواليب، ليوضع الحصان للمرة الأولى في مكانه الصحيح أمام العربة وليس العكس.

فالأمر جاوز قدرة الكلام المنمق، وبات في مهب ريح العبث، في سياق رواية الصندوق الذي يحتاج إلى المفتاح الذي بحوزة الحداد، ذلك الحداد الذي يصر على كأس الحليب إلى ما لا نهاية من اللف والدوران الموضعي وتفسير الماء بالماء!.

إن ما شهده الإعلام الفلسطيني الرسمي من قفزة نوعية على صعيد التلفزيون، إنما وضع الكل الوطني في حالة تفاؤل لما هو آت، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن في بعض التفصيلات التي لن نتطرق لها هنا، وإنما يكفي أن نشير إلى ما تشهده الإذاعة الفلسطينية من تدهور على الصعيد المهني، تحديدا في دائرة البرامج، تلك الدائرة الأخطر على صعيد السياسة العامة لأي مؤسسة إعلامية تدرك أهمية الطرح البرامجي في تشكيل الوعي الجماعي سواء كان سياسيا أم ثقافيا أم اجتماعيا.

 

إن هذه الدائرة التي باتت حقل تجارب لإفراز قيادات إعلامية جديدة، أصبحت على وشك الانهيار التام، جراء العبث الذي يدور بداخلها بعيدا عن نظر المشرف العام على الإعلام الفلسطيني السيد ياسر عبد ربه، فهنا نصطدم  بقيادة دائرة تحاول جاهدة في تجاوز إداري وقانوني واضحين، محاربة زملائها القدامى عبر إقصائهم عن العمل لتأتي بخريجين جدد لم تحاول حتى تدريبهم قبل أن يلقى بهم في أتون معركة التعاطي مع الأثير، لتقع عشرات الأخطاء البعيدة كل البعد عن اللغة، وإنما تغوص عميقا في السياسة والثقافة، وبكل تأكيد يدور ذلك أثناء غياب المسؤول المكلف الذي يعمل عملا أخرا لا يترك له المساحة الكافية للاهتمام بدائرته.

 

هنا يجب التنويه إن القضية ليست قضية شخصية كما يحلو للبعض أن ينظر لها، على الأقل من جهة كاتب هذه السطور، الذي تفاجأ بتوقيف برامجه الثقافية التي أشاد بها كبار الكتاب في الساحتين الفلسطينية والعربية، بعد أن استطعنا توظيف الإعلام الإلكتروني لخدمة الإعلام المسموع، ونقلنا صوت الإذاعة التي تبث على موجات ال (fm) من المحلية إلى العالمية، حيث تلك الأمسيات الثقافية التي شارك فيها عشرات المثقفين والأدباء العرب في كافة انحاء المعمورة، ما دفع البعض منهم وعبر سلسلة مقالات وتقارير كتبت في سوريا ومصر والسعودية والكويت وغيرها، للإشادة بما تقدمه الإذاعة الفلسطينية في تجربة قيل إنها تعد الأولى من نوعها في العالم العربي، ويكفينا فخرا ما كتبه في هذا الشأن الأديب الفلسطيني الأستاذ على الخليلي، والكاتب والمحلل السياسي حمدي فراج وغيرهما على امتداد جغرافيا الوطن العربي.

 

وهنا تطرح الأسئلة العمودية والأفقية الأهم، لصالح من تغلق هذه النافذة التي نقلت الصوت الفلسطيني من الداخل إلى الخارج، وأدخلت الصوت العربي من الخارج إلى الداخل، وخلقت حالة من التلاحم على المستويين الثقافي والسياسي بين المثقف الفلسطيني والعربي؟؟؟ ولماذا كلما اختلفنا في رأي رفع كل منا  سكينة في وجه الآخر؟؟؟ وإلى متى سيستمر الصمت على تنسيب النجاح، أي نجاح للمسؤول وسرقة جهد الموظف؟؟؟

الأسئلة عديدة وشائكة نطرحها هنا ترسيخا لمبدأ حرية الرأي والرأي الآخر، وأهمية للنقد والمساءلة من جهة أخرى، كي لا نستسلم لتعريف الكاتب والشاعر الفلسطيني أيمن اللبدي في إحدى مقالاته التي أشاد فيها بأداء الإذاعة الفلسطينية، مشككا في استمرار التجربة بالقول: إن المبادرة المقتولة، فن عربي خالص.

 

           بقلم: أحمد زكارنة

       نائب رئيس نقابة العاملين

في هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1314 الخميس 11/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم