أقلام حرة

ما الفرق بين الشندوخة والشعفورة؟!...

مجالستي لبعض الأحابيش اي أخلاط الناس وخاصة الشيوخ العريقين بمعرفة قاموس اللهجة العامية عرفت ان الشندوخة هي انفلاش جانبي في اية مادة كانت حديد خشب بلاستيك حجر حب علك ببسي سجائر الخ .

 الشندوخة حالها حال الشقانق او الشقنـّق ... وفي عام 1963 شهر شباط كان هناك راكب ما يحدث صديقه في باص 23 اسكان غربي بغداد باب المعظم فيقول له بصوت جهوري جملة لايعرف معناها الاّ الغارقون في العلم من الراكبين المتجاعصين في ازدحام الباص الأحمر الليلاند: " شفت يا أبا فلان: شقنقق قام سميجي نام " وقد وجدت عند الجاحظ بأن الشقنـّق هو نثير الطابوق اما السميجي فهي الطابوقة المتصلدة " المصخرجه "، وقد اراد الرجل ان يقول هامزا لامزا بالتحول الانقلابي في العراق آنذاك . لقد تشقنق الوضع او تشندخ . ولكي تتخلص من الشندوخة فان مهمتك اصعب بكثير من تخلصك من الشعفورة اذا تقتضي الاولى رندة ورندة النجار هي مسحجته الآلة التي تسحج الخشب فتساويه وتعبده كطريق بلا مطبات . اما الشعفورة فهي رمح لحمي ناعم يظهر الى جانب الاظفر من السهل التخلص منه بواسطة مقراظة ولايفضل سلخه لأنك كلما سلخته تعمق جذره في الاصبع وادماه وعندها تشوط الروح وشاط يشوط موجودة في القاموس . ونستطيع ان نتخيل الحال مثل سبابة ترتفع بوجه الاحداث كما كان الحال في عام 1934 يوم انبرى السياسيون العراقيون التقدميون لرفع سبابتهم بوجه الشندوخة لكن ولأسباب عديدة ظهرت أكثر من شعفورة على جوانب هذا الاصبع اما لطبيعة فيه اما لإيذاء مقصود ضده لابل جرى قلع اظفره في عتمات الليالي السود لعام 1963 ! المهم ظهرت اكثر من شعفورة وأخذ ذلك الاصبع الشجاع يضمر الى ان صار هو المسكين شعفورة والشعفورات اصابع لاحول ولاقوة الا بالله ! . وعندما كثرت الشعافير وانعدمت المقراظة صار هناك تآمر من اجل دهن الاصبع الصغير حتى يكون قابلا بما جرى له وساد المثل القائل "اش يبلعهه النخله بسلاهه"وبالعربي الفصيح كيف نبلع نخلة فيها الكثير من الشعافير . ودارت الأيام كما تقول السيدة كوكب الشرق . واذا بالشعافير سبابات واذا باصبعنا ملفوف بالشاش والبلاستر ومدهون بالوازنين والحنة والزرقيون ! لا حول ولا قوة الاّ بالله ! وحّدوه .

 قرر البعض اخذ الاصبع الى المداواة فقال احدهم هيا الى مستشفى الطوارئ حتى نجتث الوضع فورا قال الاغلبية لا اذا ذهبنا الى الطوارئ يشمتون بنا ويقولون هؤلاء في حالة يرثى لها دعنا نذهب الى ابن ملا جواد وقد ذهبوا فعلا ولم يجدِ الأمر بشيء قالوا لنذهب الى الختان " الزعرتي " اعترض البعض عن حق قالوا هذا خاص بامور اكثر جدية قالوا وما الفرق بين الاصبع وال ... امور الأكثر جدية . دهن الختان رأس الاصبع ونفخ عليه وقال سأرسلكم الى " ابوالودع " فهو بارع بقراءة بعض التعويذات، انتم مضروبون عين ! قلنا كيف نضرب بالعين قال اقصد محسودون على جمالكم وكمالكم ودلالكم .

 وفعلا فقد جاء المشعوذ وبدأ يقرأ التعاويذ وبدأنا نقرأ معه . دخنا من البخور والهوسات التي يعملها داخل غرفة ضيقة فيها صور حيوانات وحشرات ومزابل وسيوف ورماح ورايات وعلى دورانه ودوراننا معه دخنا فقد سقانا مع الدوران سبع مايات فاذا بعيوننا تجري وانوفنا تقطر وآذاننا تقذف الشمع وشفاهنا تتشندخ وتتشعفر والدخان يتصاعد والابخرة والدبك والحبل يقترب واذا بابي الودع يطبق علينا ويشدنا من يدينا بطريقة ظالمة وقاسية بحيث ادمت المعصمين وما عدنا نشعر بألم اصبعنا .

 راح يغني ويطلب منا ان نغني معه، يستضيف ناسا ويرغمنا ان نجالسهم واوباش لنصافحهم ومومسات لنعانقهن وابو الودع يقول: دارنا مادمت بدارنا .

 اصبح حالنا شعفوريا، رؤوسنا اختلت لدخان وابخرة، وشندوخي ايضا لأننا بدأنا نؤمن بضرورة الاختلاط بمن هب ودب بل ان نرى ان هذه الشندوخة التي امامنا او تسورنا افضل من سواها . وهكذا قد تشعفرنا وتشندخنا وحل ابو الودع وثاقنا عنا وقال انتم احرار الآن لاخوف منكم لأنكم تتكلمون مثلما اتكلم وتغنون نفس الأغاني التي اغنيها . فتح ابو الودع البلاستر فاذا بالاصبع قد اصبح مشلولا وقد شفى لا من الشعافير لا بل لأنه الآن قد اصبح هو ذاته شعفورة مشلولة !

لا اصبع الآن ليرتفع كالسابق بوجه أحد بل حالة من الشلل . وحالة اخرى من المراهنة على ان هذا الاصبع سيرتفع وتعود له الحياة وسوف يطلقها على رؤوس الأشهاد بأن الوضع هندي رافضا ان يغني مع الأعور الدجال اغنية: عيوني زرُوُوُوُوُق تـُبرق بُرُقْ!. وحالة ثالثة تقول لا لقد انتمى الاصبع الى الشندوخة لأن الطرق القديمة كلها خطأ ! من قال لك ان المستقيم افضل من المنحني ؟ أليست التجارة لف ودوران !، والهواء النقي افضل من الدخان،هناك ناس يدخنون اكثر من استنشاقهم للهواء النقي،ومن قال ان الحياة افضل من الموت البطئ او السكتة القلبية ؟ الآترى تزايد عدد المنتحرين ؟ أما سمعت برصاصة الرحمة ؟ . من قال ان الحافي افضل من المهندس والتكنوقراط افضل من الملا والخاصة أفضل من العامة والصيدلاني افضل من ابو الاعشاب ؟ . العالم الآن تشندخ وتشعفر وما عليكم من اجل انقاذكم لأنفسكم الا اللحاق بهم الأ بان تتشندخوا وتتشعفروا وان تتركوا شيئا اسمه المستقيم المضروب رندة ! !. لأنه لا توجد رندة ولا مقراظة .. خلص غن ِ النشيد الوطني الجديد:" سلم على الحلوين ياحلو من تمر" .

 

تـَوْقٌ أخير: بيت شعر قديم وجميل:

" عاشرتُ لاجلك ناسا لاخلاقَ لهمْ

لولاك ما كنت ادري انهم خلقوا . " 

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1320 الاربعاء 17/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم