أقلام حرة

كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في العراق؟

وقتل وسلب ونهب واعتداء على المواطنين، وتختلف الاضرار ومستويات الانفلات الامني من وقت لاخر، وتصل في حالات الى الفوضى العارمة. الجميع يعترف الان وعند مقارنة الوضع القائم مع ما سبق بعد سقوط الدكتاتورية مباشرة، بان الوضع قد تحسن بشكل بطيء ونسبي، وهناك اختلاف واضح في نوعية وقوة  الاعتدائات وتاثيراتها وكيفية تنفيذها والتكتيكات والادوات المستخدمة فيها، مما يثير الشكوك اكثر في اختلاف مصادرها والغرض منها .

المعلوم في الامر، ان شدة العنف وازدياده بين فينة واخرى بشكل متقطع، مرتبط بالوضع السياسي العام للبلد وما تفرضه المعادلات السياسية والمستجدات اليومية اكثر تاثيرا من الامكانيات العسكرية المتدنية لدى العراق في مدى تدخل المعنيين في شؤون العراق الداخلية من دول الاقليم،و تصفية الحسابات المتعددة بين القوى الكثيرة العالمية كانت ام الاقليمية او الداخلية المرتبطة بهنا وهناك، او منها ما تكون منفذة لاجندات معينة لمصلحة شخصية ام حزبية او فئوية، وهذا لا خلاف عليه.

 لو صنفنا انواع الاعتدائات والعمليات الارهابية استنادا  على مصادرها واسبابها واهدافها، يجب ان نحلل ما هو المؤثر على الواقع والساحة السياسية العراقية وخصائص كل القوى المتحكمة على الارض وارتباطاته ومصالحه داخليا او خارجيا كانت، والايدي الخارجية ووسائلها وكيفية تنفيذ مخططاتها وفق ما تتطلبه ظروفها السياسية وصراعاتها الخارجية، محاولة  ان تبقى زمام الامور بين ايديها وتكون هي المسيطرة وتبعد الافرازات السلبية على نفسها من خضم تنافساتها واحتكاكاتها مع بعضها في الساحة السياسية العراقية مهما كانت النتائج. وهم يستغلون نقاط الضعف والثغرات الكبيرة في البنية السياسية العراقية، من عدم كفاءة الحكومة واجهزتها الامنية والعسكرية، وعدم قدرتها على حفظ الامن والامان ولاسبابه الذاتية والموضوعية، من التنافس والمحاصصة والمصالح الذاتية والحزبية والاستحواذ والاستئثار بالسلطة والفساد وخرق الاجهزة كافة من قبل اكثر من جهة غير محبة للعراق وشعبه، ونشر حالة انعدام الثقة بين المواطن والحكومة، وعدم ترسيخ النظام واتسام المرحلة بالهشاشة وضعف الاعمدة والركائز والمباديء الاساسية للنظام الجديد وحداثة المفاهيم المراد تطبيقها وعدم انسجام المجتمع بشكل كامل معها كالديموقراطية والفدرالية والحرية وما تفرضها من التداعيات والمعطيات، ومدى احتياجها للارضية المناسبة وتوفير العوامل الهامة المطلوبة لنجاحها.

 واكبر العوائق امام فرض النظام الجديد بشكل صحيح وقطع دابرالارهاب هو المستوى الثقافي العام للمجتمع العراقي ومدى تجاوبه مع المستجدات وتفهمه للواقع والحداثة وعدم خلط المتطلبات العامة مع المصالح الخاصة، وكيفية الاستناد على الدستور والقوانين بعيدا عن العنف والانفراد بالسلطة وتسقيط الاخر، وما يزيد الطين بلة عدم توفر الخدمات العامة للمواطن وتفشي حالة الفقر والبطالة ودخول الصفات الشاذة الاخلاقية والادبية الى مكامن معيشة  الشعب العراقي، واستغلال الحرية بشكل سلبي في غير محلها وعدم قراءة الوضع العام من قبل الفرد والمجتمع كما هو مطلوب منه.

كل هذا يدفعنا الى ان نجزم بان العنف والارهاب وان لم يكن من صنع ايدي ابناء الشعب العراقي بذاتهم الا ان ظروفهم المعيشية العامة اجبرتهم على الانحراف والانجرار وراء ما يضرهم مضطرين لضمان لقمة العيش من جهة، واستغلال القوى الخارجية لهم او لفئة معينة منهم وهي ضعيفة النفوس باسماء ودواعي واهية ومختلفة لتضليلهم في الخوض في هذا المضمار واجبارهم في تنفيذ الاوامر الصادرة لهم سوى كانت لاسباب اقتصادية  او عقيدية متشددة اومن اجل اهداف معينة او بدافع من المراكز الاستخباراتية المختلفة المنتشرة على ارض العراق.

 فان كانت الاسباب متنوعة ومختلفة والمصادر متعددة والاهداف والاغراض خارجية وداخلية والتخطيط والبرمجة متعددة المنابع، فلا يمكن لاي محلل محايد ان يتفائل كثيرا لحال العراق ووضعه الامني لمابعد الانتخابات بشكل مطلق، وكأن العملية الانتخابية محطةفاصلة ومصنع لعصا سحري تفعل المفاجئة وتقطع دابر العنف في ساعتها .

نعم سوف تتغير الخارطة السياسية بشكل ملحوظ ونسبي وليس مطلق، ووفق المتغيرات سنلمس تحسنا لحدما في العديد من الجوانب وظهور الايجابيات التي يمكن ان تجف بها منابع العنف وتزيل اسبابه، ولكن يجب ان توضع في الاعتبار الاحتمالات الاكثر سوءا مما يمكن ان نصل اليه ايضا، نتيجة ردود الافعال لجهات مختلفة ان لم تكن الاوضاع والنتائج النهائية في مصلحتها. وفي احسن الاحوال، اننا نتقدم خطوة بسيطة في الاتجاه الصحيح عند نجاح العملية السياسية وهذا ما يؤثر على نواحي الحياة كافة ومن ضمنها خفة حدة العنف واستتباب الامن والاستقرار.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1323 السبت 20/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم