أقلام حرة

هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا؟!

عليها والمنهج الذي تتبعه والمفاهيم التي تعتمد والعقائد الفكرية التي تؤمن والشعارات والاهداف التي تحمل، فيمكننا ان نفسر ما هم سائرون عليه في اداء الواجبات وتامين الحقوق وما يحملون من النوايا الخافية او العلنية وما يصارعون عليه، والنظام الجديد الذي يتنافسون من اجل اقراره والوصول بالشعب الى شاطيء الامان، ونقيس مدى عملهم بالمباديء العراقية الجديدة وايمانهم النابع من جوهر اعتقاداتهم بها، من الحرية والديموقراطية والفدرالية، وليس كسياسة تكتيكية يومية لعبور المرحلة فقط، وسوف نكشف الكثير من الامور الخافية وما تنتظرنا في الافق ومنها،كيف تكون الحكومة التي تتشكل جراء النتائج التي تتمخض عن الانتخابات النيابية المقبلة، كمحطة حاسمة في العبور الى الضفة الاخرى.

الاصطفافات القومية والدينية والطائفية  لازالت قائمة ولو تغيرت وتيرتها شيئا ما وانفتحت الكتل وانضمت الى كل جهة ما يمكن ان نسميه من الجانب الاخر، سوى كان مظهريا او لكي يظهر للناخب ان التركيبة عراقية وبعيدة عن التخندق الجهوي، او انها كتلة من مزيج من الافكار والتركيبات القومية الطائفية العلمانية، على الاقل لكي يتفهم المواطن ذلك، والهدف ابعاد النعوتات والتسميات التي يمكن ان تعبر بعضها عن حقيقة بعض التكتلات، والواقع وما موجود فيه افرز هذه الكيانات في هذه المرحلة ولا يمكن القفز عليه او تجاوزه، مهما كانت طبيعتها وقواعدها والارضية التي انبثقت نها .

ان المصالح التي تربط بعض القوى والجهات مع بعضها، هي التي تفرض ان تاخذ كل منها الحصة التي توفر لها ما تحقق من اهدافها، وعليه لا يمكن ان نظن ان اي من هذه التشكيلات ستضرب بمصلحتها عرض الحائط مهما كلف الامر، ومن بين ما تنشد اليه كل منها هو اشتراكها او مشاركتها في الحكومة المقبلة والسلطة وما لها من المنافع المستقبلية التي تعود اليها، وما تنوي كل منها تثبيت ركائزها استنادا على ما تحصل من اعتلائها لمنصب ما في الحكومة وما فيها.

و بالتحليل العلمي الصحيح لهذه التركيبات، يمكن استقراء ما تكون عليه الحكومة المقبلة من السمات والصفات، بما ان التكتلات اضطرت في تجمعها الى اللجوء الى مجموعة من التغييرات في تركيبتها ومنها الاعتماد على الوجوه الاكاديمية وما تتمتع بالكفاءة والاخلاص والخبرة والتاريخ للمرشحين اكثر من غيرهم واحسن من السابق، فانها تلجا الى الصفات نفسها او احسن في تشكيل الحكومة ولكن اعتمادا على المحاصصة المتنوعة ايضا وفق كل المعطيات، اي ربما يستندون على الموالين والمستقلين القريبين منهم او المنتمين الذين يملكون المقومات الاساسية العامة وهم موقع استرضاء الشعب اكثر من غيرهم في تشكيل الحكومة، مما تعود الى كتلهم بالنفع. وهذا يعني ان طبيعة وتركيب وسمات الكتل والكيانات وطريقة تفكيرها وعقليتها  اجريت فيها اصلاحات جزئية او نسبية مما نتجت عنها تغييرات نسبية في التركيب والعقلية والنظرة الى المواضيع واليات العمل، لذا يجب ان نتصور بان الحكومة المقبلة هي الاقوى لحد الان واكثر كفاءة وقدرة وامكانية وخبرة وتتصف بما تخدم المواطن، ولكن التغيير ليس جذريا بحيث لن تكون الحكومة كما نحلم ونريد من غير المحصصاتية ونابعة من ارادة الشعب فقط بعيدا عن مصالح الضيقة للكتل، هذا بعيد عن الواقع وما نعيش فيه كثيرا، الا انها الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح وستكون هناك كتل مشاركة في الحكومة وتكون اصحاب سلطة وتصطف الاخريات لتشكل معارضة شبه فعالة ومراقبة لاداء السلطة وتقيٌمها وتعدل من مسيرتها.

القراءة الصعبة هي في من هي التي تتحالف وتشكل الحكومة ومن تبقى في المعارضة، وعندما تبدا المعركة النيابية الصحيحة والتطبيق السليم للديوقراطية الحقيقية، فهنا يظهر جوهر العمل البرلماني والصراع تحت قبة البرلمان بعيدا عن اثارة الشارع وسلبياته، ويبان من جاء من تهمه السلم والامان اكثر من غيره ام لا.

و ما اعتقده في هذا المسار ان الكتل الكبرى ستقترب من بعضها وستتحالف بعضها مع البعض، وربما ليس جميعا وانما ستتوافق منهم من ينسجم ويبقى الاخرون ليبقى ويجمع من لا يشترك في السلطة لزعامة المعارضة، وحسب كل التوقعات المبنية على الحقائق فان كتلة او كتلتين كبيرتين ستبقيان بعيدتين عن السلطة،و التوافق لن يشمل الجميع وانما سيفرض نفسه على اقوى الكبار القريبين المنسجمين مع البعض من جميع النواحي وما تجمعهم هوالمصالح الاستراتيجية اكثرمن غيرها. وستسلك القوى الطريق التي توجه العملية السياسية نحو الامام تقريبا، اي لا يمكن ان نتفائل بشكل مطلق وان نعتمد على المعطيات على ان الحكومة المقبلة في اعلى مستويات كفائتها، ولكن يمكن ان نعتقد بانها ستكون اكثر انسجاما وكفاءة وقدرة من الحالية، وهذا ما يدعها ان تكون قادرة ومتمكنة ومتفتحة في تقديم الخدمات للمواطن، الا ان هذا لا يعني ان نبعد الاحتمالات الاخرى ومنها المفاجئات وما تخلق منها العودة الى المربع الاول رغم انها قليلة نسبيا، الا ان التغيير يفرض نفسه وهذا ما جاء وياتي من الاصلاحات المتكررة ومما يدفع المسيرة نحو الامام مهما كانت العوائق امامها. وخلاصة القول، ان الحكومة المقبلة ستكون نابعة من المشاركة المحصصاتية ولكن بما تحوي من الكفائات والقدرات الاكثر امكانية في خدمة الشعب مع الحفاظ على مصالح كتلها وقواها التي تسندها .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1325 الاثنين 22/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم