أقلام حرة

صور مضحكة ومبكية !!

 وأصبحت عادة طبيعية يمارسها الفرد دون خوف من قانون أو خشية من التعاليم الدينية أو خجل من الأعراف الإجتماعية . وفي كل المجتمعات التي تعيش تحت ضل الإستبداد تنتشرُ مثل هذه الحالات كسرقة المال العام وإستغلال المنصب والمحسوبية والمنسوبية والرشوة، وإذا اقترن الإستبداد والتخلف وهو من نتاجات الإستبداد فسوف ينتج من إتحادهما حالات لا يمكن للعقل ان يتصورها . وفي كل الاحوال فأن أي متتبع للحكومات الشمولية وفي مجتمعاتنا فأن كل حكوماتنا شمولية مع تغير الأسماء وعلى درجات متفاوتة، هذه الحكومات جمهورية كانت أو ملكية أو أميرية أو غير ذلك فأن قمة الهرم هو الحاكم المطلق وإذا اتفق معهُ مجموعة من رجال الدين فسوف تكون تلك المصيبة الكبرى وهذا ما نعيشهُ في كل دولنا العربية وأيضاً بدرجات متفاوتة . وفي هذا المقال اود أن أطلع القارئ على بعض النماذج المتخلفة ليحكم بنفسهِ على درجة التخلف الفكري والحضاري التي تعيشها هذه المجتمعات واذا لم يصدق فسوف احيله الى مصدر الخبر ليتأكد من صحتهِ.

لنبدأ بالنموذج الأول وهو لرئيس وقائد ضرورة وصيرورة ونطلع على آخر صرعاتهِ حيث زار ايطاليا قبل أشهر قليلة وبعد أن فشل في إنشاء دولتهِ العظيمة تحت اسم الإمبراطورية الأفريقية الإسلامية الديمقراطية الموحدة المحررة ولأنهُ يطبق تعاليم الدين الإسلامي في حلهِ وترحالهِ وبالرغم من مشاريعهِ الكثيرة في تسيير أمور دولتهِ العظيمة وإنشغالة في كتابهِ الاخضر الذي لم يخضر يوماً تحول الى داعية للإسلام ولكن بطريقة عصرية تتناسب مع التطور العلمي والتكنلوجي، كيف؟ نشر أولاً إعلاناً في الصحف الإيطالية جاء فيه ( مطلوب 500 فتاة جذابة تترواح اعمارهن بين 18 – 35، الطول 170 سم على الأقل ويتمتعن بجمال المنظر) وخشية من الأغراء وميل النفس اليهن وخاصة إذا ما حضرت أي واحدة منهن بالبكيني أو الصدر المفتوح أو الميني جوب والإضطرار الى القول ( اللهم إجعلها بقرة) فقد حدد السيد الرئيس في إعلانهِ إزياء الفتيات المدعوات بالقول (مع الإستبعاد عن إرتداء التنورات القصيرة والثياب مفتوحة الصدر) لأن الرئيس يعتبر ذلك عيب ولا يتلائم مع تعاليمهِ الإسلامية التي يتبعها في كل شيء في حياتهِ على نفسهِ وعلى رعيتهِ منذ إنقلاب 1968 وحتى الآن، لكن الحضور للدعوة كان أقل من المتوقع حيث حضرت (200) فتاة في فيلا في روما بعد أن تم إبلاغهن بأن كل واحدة سوف تحصل على مبلغ من المال بالعملة الأوربية وبعض الهدايا الليبية. تقول الصحفية (انسا) من وكالة الأنباء الإيطالية التي حضرت هذا اللقاء التاريخي ووثقتها بالكلمات والصور ما يلي : إن غالبية المشاركات توقعن حضور حفل ولكن بدلاً من ذلك طلب منهن الإنتظار في قاعة ضخمة حتى وصول الفاتح الكبير الذي ألقى محاضرة عن ليبيا ودور النساء في الإسلام واستغرقت محاضرتهُ أكثر من ساعتين وتضمنت أسئلة واجوبة عبر مترجم واختتمت بدعوة من الداعية الإسلامي الجديد لدخول الإسلام وحصلت كل فتاة على نسخة من القرآن ونسخة من الكتاب الأخضر.

المثير بالأمر ان الصحفية الإيطالية تنقل عن احدى المشاركات قولها (كان أبعد ما يكون عن حفل لعلية القوم كما توقعنا ولم يقدموا لنا ولا حتى كوب ماء). ولم تعلم هذه المسكينة بان القدافي يسيرُ على خطى الخلفاء الراشدين وقد يعين نفسهُ خليفة خامساً لذلك نجدهُ على هذه الحالة من الزهد والتقشف والحرص على أموال المسلمين وأستهل أول مشاريعهُ الإسلامية عبر الفاتنات الإيطاليات بطريقتهِ الحديثة المبتكرة مثل الزي الذي يرتديه كل يوم بلون وتصميم حديث ولله في خلقهِ شؤون.

 

النموذج الثاني، هو لأمير وليس ملك أو رئيس، ولانه امير ولأنه من العائلة المالكة فيحل لهُ ما لا يحل لغيرهِ وعليه أن يفعل ما يشاء لا سلطة تردعهُ ولا قانون يلاحقهُ ولا شرطة تحاسبهُ، هذا الأمير نسى نفسه بانه يزور بريطانيا، وفي بريطانيا قانون وسلطة وقضاء فوق الملك ورئيس الوزراء وفوق أي بريطاني آخر. حيث أعلنت الشرطة البريطانية إن الأمير السعودي (سعود بن عبد العزيز بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود) مثل أمام القضاء الجمعة الماضية بتهمة قتل مواطنه الضحية السعودي من مدينة جده .

وكانت مصادر بريطانية قد أعلنت في وقت سابق إن الأمير الموقوف في لندن والمتهم بقتل احد معاونيه هو من الأمراء السعوديين وأحد أعضاء العائلة المالكة التي يقدر عددها بالآلاف . الجريمة حدثت في فندق لاند مارك في العاصمة البريطانية .

هذا الأمير عندما حاولت الشرطة البريطانية إلقاء القبض عليه قال لهم بأنه ينتمي الى العائلة المالكة السعودية وظن بقولهِ هذا بأن الشرطة البريطانية سوف تقول: عذراً لم نكن نعلم بكَ أميراً ومن العائلة المالكة السعودية وانت حر. السؤال الذي يطرح نفسه، هو كم أمير من هذا النوع يقتل ويذبح دون ملاحقة قانونية في بلدانهم وعلى المواطن أن يبقى على إطاعتهم ولو كانوا مجرمين وقتلة لأنهم اولياء أمورهم حسب تفسير وعّاظهم للآية الكريمة (أطيعوا الله ورسولهِ وأولي الأمر منكم).

 

النموذج الثالث، هو لشيخ كبير وليس لشيخ مبتدأ معروف عنهُ إنه قمة في التصوف والزهد والعبادة وطهارة النفس، وعالماً في أمور الدين والدنيا، وهو يقدم موعظته الدينية للناس بعد كل صلاة ويصدر فتاويه على الملأ بالحلال والحرام ويشرح ويفسر الآيات القرآنية، والمثير في قصة هذا العالم الروحاني إنه تم إلقاء القبض عليه بعد تستره على مشعوذ سوداني يضحك على عقول الناس الجهلة بأعمال السحر والشعوذة والأكثر إثارة وجد في الهاتف النقال لهذا الشيخ أكثر من ( 52) لقطة أو صورة إباحية . قد لا يصدق بعض القراء وقد قلت في بداية مقالي من لم يصدق فسوف احوله الى المواقع والصحف. ولإختصار الطريق، فأنا أدعو القارئ الى صحيفة الوطن السعودية سيقرأ الخبر حيث قالت : ألقت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القبض على خطيب جامع كبير في جدة وضبطت (52) مقطعاً جنسياً في هاتفهِ النقال، وقالت بأن هذا الخطيب الكبير الذي يعمل معلماً للتربية الإسلامية أيضاً بإحدى مدارس جدة جاءت بالصدفة أثناء عملية مداهمة لساحر سوداني حيث تبين بأن الخطيب والعالم الكبير يمارس اعمال الرقية الشرعية وأعمال السحر والشعوذة داخل المسجد. أقول إذا كان الخطيب والعالم على هذه الشاكلة فهل ننتظر غير فتاوى التكفير والقتل والشعوذة ؟؟

 

النموذج الرابع، وهو لرجل صومالي يدعى (أحمد دودي) البالغ من العمر 112 سنة بالتمام والكمال ولديه (18) ولداً من بين (5) زوجات . هذا الرجل لم يقتنع بما لديه وهو في هذا العمر الأكثر من عتيا. لأنه عاصر الإستعمار الإيطالي والإحتلال البريطاني ودكتاتورية (محمد سياد بري)، وتفتت الصومال كدولة واحدة وصولاً الى النزاعات الحزبية والقبلية التي يعيشها الآن. هذا الرجل كان قد وضع عينهُ قبل عدة سنوات على فتاة صغيرة أعجبتهُ وهي بعمر حفيدة حفيدتهُ إلا إنه طوال هذه الفترة كان يكبت حبهُ في قلبهِ وكان ينتظر بلوغ (صفية) وهي الفتاة التي يحبها بلوغها سن الرشد لكي يطلب يدها حسب الشرائع المتبعة وفق منظور بعض رجال الدين ويوفقه الله أخيراً بعد هذا الصبر الطويل والنضال المرير وحسب قولهِ (اليوم ساعدتني مشيئة الله بأن احقق أمنيتي). نعم تزوج الرجل البالغ من العمر (112) سنة من (صفية) التي تصغره بـ (95) سنة لأن عمر الفتاة (17) ربيعاً وفي بلد مثل الصومال فمن المحتمل بأنه قد تم تزوير عمر  (صفية) من 12 الى 17 لأن الفتاة تبدو في الصورة أصغر بكثير من عمرها المعلن. أين حقوق الطفولة البائسة وأين حقوق الإنسان والمرأة ؟ رجل مثل (أحمد دودي) ليس رجله في القبر وإنما داخل القبر حتى شعر رأسهِ يتزوج من فتاة بعمر الورد لا تزال في بداية عمر المراهقة.

 

واليكم النموذج الخامس والأخير لسيدة عجوز تبلغ من العمر (75) عاماً عداً ونقداً صدر حكم شرعي بجلدها بأربعين جلدة والسجن أربعة أشهر بسبب خلوة غير شرعية وأمرت وزارة الداخلية بالتنفيذ الفوري للحكم على السيدة العجوز (خمسية محمد سوادي) وعلى سعوديين أثنين إكتفت بتعريفهما بإسمي ( فهد ) و (هديان). والمحكوم عليهم الثلاثة الذين كانوا معاً لدى توقيفهم أدينوا في آذار الماضي بتهمة الخلوة غير الشرعية، وأكدت محكمة إستئناف الحكم رفض الطعن المقدم الى المحكمة العليا حيث تضمن الحكم على (خمسية) و(فهد) بالجلد اربعين جلدة والسجن أربعة أشهر، أما (هديان) فكان نصيبهُ الجلد بستين جلدة والسجن ستة أشهر.

وكان (فهد) و(هديان) قد اكدا أثناء المحاكمة إنهما قدِما لتسليم السيدة العجوز خبزا وطعاماً. وأضاف فهد إنه يمكن أن يُعد من اقاربها لأنها مرضعتهُ. وفي حديث لمدير العلاقات العامة في إمارة منطقة حائل في بيان رسمي حسب المادة الـ 27 من نظام الإجراءات الجزائية واثناء قيام الدورية بعملها الميداني بتاريخ 14 / 4/ 1424هجرية، تلقت بلاغاً عن قيام رجلين بالدخول الى تلك المرأة في منزلها والخلوة بها، وبالإنتقال الى الموقع شوهد الرجلان يخرجان من منزلها فتم إلقاء القبض عليهما للتحقق من الأمر وتسليمهما الى الجهات للتحقيق. بالله عليكم رجل يدخل على مرضعتهِ وهو يريد أن يقدم لها بعض الطعام أو الخبز وهي بعمر (75) عاماً نعتبرها خلوة غير شرعية ونحكم عليها بهذا الحكم القاسي والذي ما أنزل الله به من سلطان، وهل هناك نظرة شك وتفسير أظلم من هذه الظلامية.

 

هذه بعض الصور والنماذج التي تحدث يومياً وقد لا ننتبه اليها وتمر مروراً عابراً من خلال الصحف أو المواقع دون أن تثير شيئاً والمواطن البسيط في هذه المجتمعات لا يعلم بها وبصراحة فأن كل صورة من هذه الصور وما اكثرها تحتاج الى وقفة لأن كل واحدة منها تمثل مأساة كبيرة وكل واحدة منها تمثل سبباً من أسباب التخلف الثقافي والحضاري التي نعيشها وفقدان الحقوق من حقوق الانسان الى حقوق الحيوان وتلوث الأفكار قبل تلوث البيئة وإنحراف عقيدتنا الإسلامية من دين السلام والتسامح الى دين القتل والتكفير والإرهاب. وإذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه فلست أدري الى أي منحدرٍ خطير من التخلف الفكري والحضاري تسير اليها مجتمعاتنا العربية .           

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1326 الثلاثاء 23/02/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم