أقلام حرة

الانتخابات .. وامتحان الوطنية والأخلاق

تساويه واختبأ بحفرة حنى رأسه لها ودسّه فيها وهو من عدّ نفسه بطلا. والثانيه سددتها للأخلاق، وأقبحها أن وظفّت في الأسرة مخبرا منها..فوشى الوالد بأبنه والأخ بأخيه والزوجة بزوجها، وقبض كل ثمنا: مالا أو بعثة لبريطانيا لنيل الدكتوراه او اكرامية وزوجا جديدا!.

والمفارقة أن الديمقراطية بعد التغيير واصلت توجيه الضربات للوطنية والأخلاق ..فتوزع الناس بين عشيرة وطائفة ومذهب وحزب وقومية ..وغلّبوا انتماءهم لها على انتمائهم للوطن..وصار العراق ثاني دولة بالعالم بفساد الأخلاق في المال، وفي اعتماده بالادارة مبدأ " الأقربون أولى بالوظيفة"حتى لو كان غيرهم أكفأ منهم بدرجات.

وفي الامتحانين دفع العراقيون أثمانا باهضة..شهداء وضحايا وبؤس حال ودمار وطن. واذا كانت الطبيعة البشرية تعذر لجوءهم مضطرين للأحتماء بعشيرة او طائفة..حين انهارت الدولة وصار الشارع للأقوى..وتعذرهم ايضا أنّ عقلهم الانفعالي تحّكم بهم فجاءوا ببرلمان 2005 مدفوعين بسيكولوجيا الضحية، فان الأعذار تنتفي في انتخابات آذار 2010.

ذلك ما يقوله المنطق، لكن واقع الحال يقول ان العراقيين في هذا الامتحان الثالث للوطنية والأخلاق سيتوزعون على أصناف: من يؤمن أن الوطنية ( الانتماء للوطن) والأخلاق (صوت الضمير) يتحققان باعطاء صوته لحزبه لاعتقاده فعلا بوطنيته ونزاهة أخلاقه، ومن سيعطي صوته لولاء عشائري، قومي، مذهبي، أو ديني ..محكوما بسيكولوجيا الاحتماء، ومن سيعطيه لمن تكون اللقمة معه أدسم ولمن دفع أكثر، ومن فضلّوا عدم دخول قاعة الامتحانات ( الانتخابات) بين يائسين من نجاح اصلاح حال وطالبي راحة ضمير..متذرعين بأن الرياح والأمطار التي أطاحت بصور المرشحين واعلاناتهم، أرسلتها السماء لتؤكد مصداقية موقفهم..ولا علاقة للطبيعة والصدفة بهذا الأمرالالهي!.

وفضلا عن ضربات الدكتاتورية وديمقراطية ما بعد التغيير التي وجهت للوطنية والأخلاق فان الحكومة ارتكبت تقصيرا كبيرا أنها ما شرّعت قانونا يحضر على الأحزاب والمرشحين دفع مال أو رشا بصيغة هدايا..ومن يفعل ذلك يسقط حقه في الانتخابات ..لكانت حمت به الأخلاق واسهمت في تعافي الوطنية وتنشيط الشعور بالانتماء للوطن.

لكن الفرصة لم تفت بعد..فأقوى الدعايات تأثيرا تلك التي تكون قبيل وقوع الحدث..تماما كمراجعة المادة الدراسية قبيل دخول قاعة الامتحان..وتلك مهمة الاعلاميين والمثقفين بتمكين الناخب العراقي من أمرين: المشاركة بالانتخابات، وانتقاء من يتمتع بالوطنية والأخلاق..وتوعيته أن لا عذر له أن قال ليس بين مئات المرشحين واحد يتمتع بهاتين الصفتين، وأنه ان لم يضع صوت ضميره في صندوق الانتخابات فسيكون هو، وليس المرشح، الراسب في امتحان الوطنية والأخلاق..لكن أن يقولوها بسيكولوجية اقناع منتقاة..لأن العراقي أصعب خلق الله اقتناعا.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1332 الاثنين 01/03/2010)

 

في المثقف اليوم