أقلام حرة

الأنتخابات ضرورة وطنية عراقية

وبذلت الغالي والنفيس للوصول الى هذه الصيغة التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم على أسس متفق عليها،  حيث أنهت الأنتخابات الأستبداد ولم يعد التشبث بالسلطة بشكله الفض الذي نراه في بعض الدول مقبولآ في هذه المجتمعات الحرة، فمن ثورات الدم والأنتفاضات والنزول الى الشوارع والتصادم مع رموز السلطة المستبدة وتغيير الأوضاع بالقوة الى صناديق الأقتراع والأستعاضة عن العصى والسكين والطلقة بالقلم والقصاصة.

 

وفي العراق حيث التجربة وليدة لم يألفها العراقيون بهذه الصورة المفاجأة ولا حتى المنطقة برمتها فليس مستغربآ أن تتصاعد حٌماها ويشتد الصراع حولها وتخرج في كثير من الأحيان عن الطرق المشروعة الواجب أتباعها من عرض للبرامج الأنتخابية القابلة للتنفيذ والتطبيق بدل الوعود البراقة والشعارات الفضفاضة والشحن الطائفي التي لا تتناسب مع الوضع العراقي الحالي والتي سوف تفقد صاحبها المصداقية وتجعل منه في نظر العراقيين شخص غير موثوق به،  ورغم تحفظنا على العملية السياسية المشوهة في العراق بشكلها الحالي والأسس الخاطئة التي قامت عليها حيث المحاصصة كانت عنوانها أضافة لأنتاجها دستور يحوي كثير من البنود الخطرة المهددة لوحدة العراق تمت صياغتها وكتابتها بعقلية غير عراقية، هذا الى جانب عدم الأستقرار الأمني الذي سبب أعاقة شبه تامة لأي أنجاز أن كان على المستوى السياسي أو الخدماتي،  علاوة على تدخل دول الجوار السافر بالشأن العراقي ومع كل تلك الأمور المنغصة والمثبطة إلا أننا نرى في أجراء الأنتخابات البرلمانية والمشاركة فيها بكثافة ضرورة وطنية تتطلبها المرحلة لأختيار الأصلح لقيادة العراق ولقطع الطريق على كل من يحاول الأستيلاء على السلطة عن طريق الأنتخابات شكلآ وبعدها يتم الأنقلاب الكبير كما تخطط له بعض الدوائر.

 

فلا يمكن التغاضي بعد الآن عن سرقة المال العام التي تتم في وضح النهار وبطرق تكتسي طابع الشرعية،  حيث ضخامة الراتب الذي يتقاضاه من هو في موقع المسؤولية أن كان نائبآ في البرلمان أو وزيرآ في الحكومة أو محافظآ لبغداد أو غيرها من المحافظات وما يسمى بالمنافع الأجتماعية أو النثريات التي يحصل عليها هؤلاء هي الفساد بعينه وهي من أخطر أنواع الفساد حيث أن لها طابعآ شرعيآ تجعل من صاحبها يفلت من المحاسبة وعن طريق هذا الفساد المُشرعن تستنزف خزينة الدولة وتستهلك مواردها بصورة مخيفة وتتراجع أحتياطياتها من العملات الصعبة وتعاني من عجز في الموازنة بينما تٌترك قطاعات واسعة من الشعب العراقي تعيش دون أي غطاء يقيهم شفظ العيش ومرارة الحياة،  ولا يمكن التغاضي عمن يتبنى أفكارآ طائفية أو تكفيرية تهدد وحدة العراق وتماسك نسيجه الأجتماعي وجلبه الى العدالة وتطبيق أقسى العقوبات بحقه مهما كان مركزه ووضعه الأجتماعي .

 

أننا نتطلع الى برامج قابلة للتنفيذ ولها سقف زمني يحاسب بعدها أو يستقيل على الأقل من يفشل في ترجمة هذه البرامج والخطط الى واقع ملموس على الأرض،  برامج تٌعبر بوضوح وبدون شعارات طنانة عن مكامن الخلل الحقيقية وتتعهد أمام الشعب على أصلاحها منها على سبيل المثال تصحيح العلاقة الشاذة مع الأخوة الكرد في شمال الوطن للوصول الى صيغة مقبولة ومقنعة أساسها وحدة العراق بدل النفاق السياسي الهش وتأجيل الحلول،  أضافة على العمل بجد على تغيير بعض مواد الدستور التي يستند اليها البعض في تهديد وحدة العراق،  ولا تراجع عن المطالبة بحقوق العراق التأريخية عن بعض الأجزاء التي سلبت منه وخاصة موانئه التي لازالت تمارس عليها سياسة القضم المبرمج حتى أصبح العراق مخنوق بحريآ، ولا أهمال ولا تلاعب ولا أبتزاز في الخدمات المقدمة للمواطنين من( صحة، وماء، وكهرباء، وتعليم مجاني، وطرق معبدة لأنها ليست منةٌ أو هبة من أحد أنها حقوق أصيلة لكل مواطن عراقي،  مع وضع الخطط السيتراتيجية اللازمة للنهوض بالقطاعين الزراعي والصناعي عن طريق تدريب الكوادر العراقية خارج العراق وتوفير الدعم اللازم لهذا الغرض، ولا بديل عن ثورة عمرانية عملاقة حيث يعاني العراق فقرآ واضحآ في هذا الجانب،  ونتطلع الى من يٌقاتل ليضبط عمل الأحزاب ومصادر تمويلها ولغة الخطاب الذي تنتهجه ومستوى أرتباط هذه الأحزاب بالخارج، أننا نتطلع لمن يستطيع أن يقضي على أمراء الحروب وهم كثر،  ونتطلع لمن يشمر عن ساعديه ويعلن الحرب على الفساد بكافة أشكاله، ونتطلع لمن ينتصف للمظلومين ويعيد لهم حقوقهم ويشيع ثقافة المواطنة والسلم الأهلي بين العراقيين .

 

لم نروج لأي قائمة أو مرشح في هذه الأنتخابات قفزآ على قناعاتنا وسوف نكون على مسافة واحدة من كل من يتبنى البرامج والأهداف التي ذكرناها،  وعلى الناخب العراقي الذي تقع على عاتقه اليوم مسؤولية كبرى أن لا ينخدع بالدعاية الأعلامية الكثيفة لبعض المرشحين حيث تملئ صورهم وموادهم الأعلامية الفضائيات وهي عملية مكلفة تهدر فيها مئات الآلاف من الدولارات للتشويش على رأي هذا الناخب وحقه في من يراها مناسبآ لتمثيله،،  فيا أيها الناخب العراقي صوتك أمانة فلا تعطيه لمن لا يستحقه ولا تكن سببآ لوصول الفاسدون والقتلة والأنتهازيون للتحكم بمصير البلاد والعباد.

 

حيدر مفتن جارالله الساعدي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1336 السبت 06/03/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم