أقلام حرة

طل الملوحي / ندى سلطاني: وأنظمة الظلام

وقبل هذا وذاك، اليوم الذي تجسد فيه المرأة إنسانيتها كإنسانة لها الحق كل الحق في المساواة العادلة والكاملة مع الرجل في كل مناحي الحياة .

وعندما نتحدث عن المرأة بشكل عام، والمرأة العربية والمسلمة بشكل خاص، فإن الأحداث والتطورات السياسية المتلاحقة، ستقودنا لا محالة للحديث عن أوجاعها وآلامها في منطقة الشرق الأوسط، التي يختلط فيها العربي بالإسلامي، والعرقي بالمذهبي، والديني باللا ديني .

نحن اليوم أمام نموذجين للمرأة من جيل الشباب، الجيل الذي تعطي فيه المرأة أقصى ما لديها في سبيل ترسيخ إنسانيتها، التي لا تنفصل عن إنسانية الرجل، بل وتدفع حياتها ثمناً، لتحيا حياة الآخرين، وكأنها شمعة تؤثر أن تحترق، لتضيء عتمة وظلمة المكان الذي تعيش فيه مع أقرانها .

وللصدفة المحضة، أن النموذجين اللذين نحن بصدد الحديث عنهما، متقاربان من حيث الشكل والمضمون .

النموذج الأول، جسدته الشابة الإيرانية " ندى سلطاني"، التي استشهدت في وسط العاصمة طهران، وعلى مرأى العالم أجمع، الذي صم آذانه واعصب أعينه عن سماع نداءها وتنديدها الصاخب بالتزوير والتشويه الذي شاب انتخابات الملالي، وسعيها الدءوب لفضح غيهم المتلفع بعباءة الدين، فما كان منها (ندى) إلا أن دفعت حياتها برصاص أنظمة الظلام، التي لا تقيم وزناً لحياة الإنسان، ولا ترى في صورة المرأة سوى مخلوقاً مشوهاً، لا يحق لها أن تصدح بأعلى صوتها، ولا أن تقول ما بداخلها .

النموذج الثاني، مشتق من النموذج الأول، من حيث المعنى والمبنى، فالطل في اللغة اصطلاحاً، يعني الندى الخفيف الذي قتله رصاص الظلام الإيراني، ودلالة، يعني التجدد والتغيير عقب طلوع الفجر وقبل بزوغ الشمس، الذي خطفه نظام الظلام السوري الحليف، في مدينة حمص وسط سوريا .

فقد تجسد النموذج الثاني، بصورة الخطف والاعتقال في جنح الليل البهيم للشابة السورية "طل الملوحي" ذي التسعة عشر ربيعاً، على يد نظام الظلام السوري الغارق في طائفيته وملاليته، لا لشيء سوى لمقال، قيل بأنها كتبته على شبكة الانترنت، فخشي النظام السوري على نفسيته المريضة بالعصاب والبارانويا (داء العظمة) والفصام والشيزوفرينيا، وأمراض أخرى لا نعلم بها، خشي من تلك الشابة اليافعة، أن توهن نفسيته الهشة، التي يتشدق بها، لضعفه السيكولوجي وخوائه القيمي والإنساني .

فكما تتحالف أنظمة الظلام في دمشق وطهران على أرضية الجهل والتخلف والمرض والإيغال في الشر، تتحالف أيضاً روح التحرر والانعتاق والتغيير نحو المستقبل، ولكن بقيادة المرأة الشابة، التي لم تجد ضيراً في تقديم روحها كقربان للحرية (ندى) وزهرة شبابها للتغيير (طل) وذلك في سبيل فضح نظامهما الذكوري الشوفيني - الثيوقراطي، الذي يستر عوراته بأستار الظلام والاستبداد والقمع .

 

كاتب سوري

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1338 الاثنين 08/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم