أقلام حرة

اللامبالاة العربية ازاء الانتخابات العراقية

في الانتخابات على الرغم من التهديدات الامنية والعمليات الارهابية التي وقعت في صباح يوم الاقتراع والتي راح ضحيتها 38 شهيدا واصابت اكثر من مئة مواطن مدني بريء لاذنب لهم سوى رغبتهم أن يمارسوا حقهم في اختيار برلمان يفضي الى تشكيل حكومة جديدة  تقود البلاد نحو بر الامان والتقدم .

حيث اشاد مجلس الامن والرئيس الامريكي باراك اوباما ووزراء خارجية الاتحاد الاوربي وفرنسا وبريطانيا، اضافة الى الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة في العراق اد ميلكرت ووزير الخارجية ونائب المستشارة في جمهورية ألمانيا الاتحادية غويدو فيسترفيلله، كل على حدة، وفي بيانات صحفية منفصلة، بالانتخابات العراقية وببسالة الشعب العراقي وتصميمهم على الاقتراع وعزمهم على اختيار قادتهم ورغبتهم في بناء عراق ديمقراطي حر. 

وعلى عكس هؤلاء، وكما هو متوقع، ومن خلال ما شهده العراقيون في السنوات التي اعقبت سقوط النظام السابق، لم نجد حماسا ولاتشجيعا ولا حتى اشادة من قبل " الاخوة" العرب بهذه الانتخابات، بل يبدو ان الوجوم والخجل واللامبالاة يرتسم محياه ويخط معالمه على وجوههم قاطبة.. ولايمكن ان نستثني منهم دولة من الدول العربية سواء كانت المجاورة للعراق اواخرى لاتربطه معها حدودا مشتركة .

الموقف العربي الفاتر لايفاجئني شخصيا، مثلما قد لايفاجئ غيري ،لان الانتخابات في المنطقة العربية يُنظر لها منذ وقت طويل على انها ليست اكثر من نافذة لترتيب وتأنيق صورة قادة النظم الفاشية والملوك اصحاب الحكم المطلق ومنحها شرعية اكبر على حد تعبير الكاتب مايكل سلاكمن في مقالته الموسومة ب" المنطقة غير مكترثة بانتخابات العراق" المنشورة الثلاثاء 9-3-2010 في صحيفة نيويورك تايمز الامريكة، والتي من خلالها يحاول الكاتب تسليط الضوء على هذه المسالة.

ويبدو ان الفتور العربي تجاه العراق لاينحصر في بعده العمودي السلطوي المتمثل بالطغمة الحاكمة فيه ولا في بعده الافقي الشعبي، بل يمتد ذلك الى بعض نخبته المثقفة ومحلليه السياسيين الذين ينظرون بتشاؤم نحو التجربة العراقية ولايرصدون في ثناياها اي حيثية ايجابية، حيث رصد السيد مايكل وفي نفس مقالته بعض الاقوال والعبارات التي تتعلق بالانتخابات العراقية والتي اطلقها بعض من هؤلاء الكتّاب ومنها ....

* العراق في فشل وفوضى عارمة واصبح الان نموذجاً مخيفاً- حسين شبكشي محلل في الشرق الاوسط السعودية.

* الممارسة الانتخابية لاترى مثل نسمة ديمقراطية على المنطقة...الناس هنا يروا العراق بلد تعيس فيه الكثير من الالام والاستقطابات الطائفية لكنهم قادرون على فعل شيء ما مثل هذا هو الشيء المؤثر - اسامة صفاء مدير عام المركز اللبناني للدراسات السياسية .

* العراق يبقى مليء بالتحديات وهنالك تحديات مروعة- عبد الخالق عبد الله استاذ علم السياسة في جامة الامارت العربية المتحدة.

* العراق يمكن ان يرى في الغرب كشيء رمزي وجميل ..كشيء يُثبت انه يستحق اسقاط صدام لكن هذا الأمر في النهاية لاينطبق على العالم العربي... الاردنيون لازالوا يرون العراق كيان تتلاعب به العوامل الخارجية.. عقولهم تم التلاعب بها بواسطة الامريكان والايرانيون وبالنهاية لن تكون الانتخابات الشيء الافضل للعراقيين-  رندا حبيب محللة سياسية وكاتبة مقالات في الاردن. 

يظهر من قراءة سريعة لهذه الاقوال ان اصحابها يرون الجزء الفارغ في الكأس العراقي ولايضعون الجانب الممتلئ تحت مدماك الفحص والنظر ، فللانتخابات جانب ايجابي ومضيئ لايمكن، مهما دخلنا في متاهات الجدل، انكاره والتغاضي عنه، ولو نظرنا لتحدي الشعب العراقي لقوى الارهاب ومواجهته، وهو اعزل، للتفجيرات والصواريخ التي كانت تطلق من قبل فلول الارهاب وهم سائرون نحو صناديق الاقتراع ..اقول لو نظرنا الى هذا فحسب لكان مدعاة فخر وهيبة ربما تتعلق بالشعب العراقي فقط دون غيره من الشعوب .

صحيح ان الانتخابات ليست المعيار الحقيقي والاوحد للديمقراطية في البلاد لكن وجود هكذا ممارسة في بلد كالعراق خارج لتوه من اتون حكم نظام ديكتاتوري هو أمر جيد بل ممتاز يستحق التقدير والاشادة بغض النظر عما سوف تؤول اليه الامور في نهاية المطاف خصوصا ونحن نعيش في عالم عربي تحكمه الرؤساء والملوك بطريقة وراثية بالية عفا عليها الدهر ولم يبقى لها وجود في العالم الحر الحديث .

 

مهند حبيب السماوي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1341 الخميس 11/03/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم