أقلام حرة

عرس عراقي متميز

هذا ما تؤكده عواطفهم ومشاعرهم التي يفصحون عنها في كل حين، ومنذ ان تهيأت لهم آفاق جديدة للحياة الحرة الكريمة، ليعبر الانسان العراقي فيها عن آرائه بحرية وجرأة لم تكن متوفرتين له في العهود الماضية التي شهدت استهانة بكل القيم والاعراف الانسانية وطمست معالم الابداع والتقدم في بلد تمتد حضارته في عمق التاريخ، وها هو اليوم يخرج من تلك العهود بوجه أكثر اشراقا يتطلع الى مستقبل مزدهر ليوظف كل امكاناته من أجله.

 

انه فرح حقيقي ستشهده أيام آذار المقبل حيث ستزدحم المراكز الانتخابية في الولايات اعلاه، لينفض العراقيون المقيمون فيها غبار السنوات الجدباء التي تعرضوا فيها للاضطهاد والقمع وحتى الاجتثاث ففقد الابناء آباءهم وترملت النساء، وساد الحزن في كل بيت عراقي، نعم، انه عرس من حيث انه بدء للحياة الجديدة، ومحاولة للتعويض عن آلام الماضي البغيض. ان كل فرد عراقي له قصة مع ذلك الماضي، يسردها لجيل جديد يعتقد انه يسمع قصصا من عصور محاكم التفتيش، كيف لا، وان ما جرى في عهود الظلام يعجز عنه الوصف.

 

حسنا، بدأ عرس عراقنا بامتياز إذن، وانسابت جماهير العراقيين بفرح وهدوء نحو المراكز الانتخابية لتعبر عن ارادتها في التغيير وتعميق المفاهيم الانسانية في صفوف الطبقات الاجتماعية كافة، بين التهليل والاهازيج الشعبية التي ترافق أفراح العراقيين عادة، فأصبحت صفة لازمة لافراحهم.

شيخ تجاوز الثمانين عامآ بقليل يستند الى عصاه منذ الصباح الباكر منتظرآ فتح المركز الانتخابي لأبوابه، كان قد فقد اثنين من ابنانه في حرب مجنونة عام 1986، قال بفرح وقد اغرورقت عيناه بالدموع: هذا يوم بعث فيه ولداي من جديد ..

امرأة في السبعين وقفت على مسافة قريبة منه ترملت منذ ثلاثين عاما، كانت ابتسامتها تعبر عن فرحها دون تعليق.

 

شاب روت له أمه قصصآ و حكايات عن الماضي، قال ببساطة:

- ها انا، احاول ان اعيد لبلدي وجهه الحقيقي بأعتباره وطن المجد والحرية والتقدم.

وهكذا يستمر العراقيون في التعبير عن فرحهم بيوم الانتخاب وجمعهم شعار واحد يقول: كلنا يد واحدة لبناء العراق. هذا هو حال الجالية العراقية في الولايات المتحدة الامريكية فكيف حالهم يا ترى في البلد الذي ينهض مرة أخرى كجواد أصيل من كبوته ؟

 

الاجابة نجدها في وجوه العراقيين الذين سنحت لنا فرصة الاتصال بهم عبر الهاتف، فقد كرس قسم الاعلام في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية مكتب أمريكا جزء من وقته لمتابعة الفرح العراقي الذي يجري في الداخل، وكانت أصواتهم التي تنم عن الغبطة والفرح تنساب بحماس عبر الهواتف المخصصة لذلك.

 

فهل هناك فرح أكبر من هذا؟

وهل هناك عرس جميل يستوعب الجميع في قلب كبير واحد هو قلب العراق الجديد؟

 

هيفاء الحسيني

مسؤولة قسم الاعلام بالمفوضية العليا الانتخابات

مكتب امريكا

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1342 الجمعة 12/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم