أقلام حرة

السياسيون افسدوا فرحة الانتخابات

راجعوا العديد من تصوراتهم المغلوطة عن العراق وعزيمة العراقيين بعد أن كانوا من المصفقين لصدام وأعوانه الجربان وهذه المواقف هي بمثابة تكفير عن مواقفهم إزاء ما حدث في العراق أيام حكم البعث الفاشي وبدأت الصورة من خلال عرس الانتخابات ترمم من خدوشها وتشوهاتها وكنا نحن المحرومين  من الإدلاء بأصواتنا في المغرب نتحرق شوقا للاشتراك بهذه التظاهرة العراقية النوعية لكنما المفوضية حرمتنا من هذا الواجب (الله لا يرضى عليهم) وكانت تصلنا الصور عبر الفضائيات ونحن نذرف الدموع (والله إني أصدقكم الوصف) واستمر هذا الوضع حتى بداية  الشروع في العد والفرز وبدأنا نسمع ديدان الأرض تزحف صوب الأضواء لتعلن عن خروقات وتزويرات وتلاعبات وما سواها من اتهامات وأوراق التصويت لا زالت تنعم بالدفء داخل صناديقها والعد شمل القليل من الاستمارات والأخطر من كل شئ الأخبار التي تمت فبركتها عبر فضائيات تشويه الحقائق والمترصدة للأخطاء حتى وان كانت من الضآلة لتتصدر واجهاتها بوجود تزوير وتجاوزات خطيرة لا نعرف من أين استقتها بل وذهبت ابعد من ذلك حين أعلنت عن خروج الجماهير لتحتفل بانتصار القائمة التي تطبل لها تلك الفضائيات الكارثية وقادتهم صفاقاتهم ابعد من ذلك حين كالوا التهم جزافا لموظفي المفوضية المستقلة للانتخابات دون وجه حق عوض أن يتقدموا بالثناء للجهود الكبيرة التي بذلوها لإنجاح هذا العرس الديمقراطي، الله كان في عونهم.

إن بعض السياسيين الخارجين من مراجل التربية البعثية أو ممن لا يعترف بالمنافس الآخر حتى وان بلغت مصداقية التصويت مدياتها البعيدة أو اؤلئك السياسيون الأفذاذ ممن يتعكز على قناعة عليّ وعلى أعدائي أو إن لم أكن أنا الفارس المنتظر فلا يكون الأمر لغيري، مثل هكذا سياسي فإن جحشا تائها لا يشرفه ان يمتطيه لا هو ولا من على شاكلته.

ما سبب هذا التكالب والنباح لهؤلاء السياسيين العراقيين(ما شا الله  بلية حسد عليهم) قبل الانتخابات كانوا في غاية الوداعة والطيبة والوطنية والتسامح وما إن بدأت النتائج الأولية تتضح حتى كشّروا عن أنيابهم وبدا (التناهش) والتهديد والوعيد فيما بينهم وكأنهم جاءوا من قبائل الوندال أو متوحشي غابات أفريقيا الوسطى وما همهم الخطاب الحضاري الواجب توفره في السياسي بصيغته المدنية لا الهمجية وأين هي ثقافة الاعتراف بالآخر والرضوخ للأمر الواقع في حالة الفشل ومباركة المنافس والدعاء له بالتوفيق مثلما يحدث في الديمقراطيات العريقة وهل يتذكر السادة المنتخبون الخلاف الذي حدث في الانتخابات الأمريكية واتهام الديمقراطيين بالتزوير بواقع 200 ألف صوت وما منع هذا الأمر  الرئيس بوش بالاعتراف بالهزيمة ثم تهنئة اوباما بالفوز. إن حدث هذا في العراق لسمعنا قعقعة السلاح ولعلعة الرصاص في سماء العراق والدليل من فمك أدينك حين هدد بعضهم بالويل والثبور ونشر الفوضى في حالة ثبوت تجاوزات فأين الثرى من الثريا، ساستنا الميامين؟

لا افرح الله سياسيينا بإفسادهم فرحة العراقيين بعرسهم الانتخابي حين تناسوا التضحيات والمواقف البطولية للشعب العراقي تلك التي أذهلت القاصي والداني،  فمن استشهاد النقيب فيصل الى زحف الجرحى ضحايا التفجيرات الجبانة حيث مراكز الاقتراع وجروحهم نازفة، الى المقعدين وكبار السن الذي ما همهم الوعيد بالقتل وتحدوا كل شئ وأدوا الواجب إلى الأطفال الصغار الذين رافقوا آبائهم وأمهاتهم مخاطرين بحياتهم وحياة أبنائهم تلبية لنداء الواجب المقدس، هل هذه الصور المذهلة يستحقها مثل هذه العينات وغدا سيتسمّرون على الكراسي وليذهب أولاد الخايبة من الضحايا حيث المصير اللعين.

تبا لكل من يتلاعب بوطنية هذا الشعب العراقي العظيم انتماء ووفاء وصدقا وتضحيات جسيمة.

إن السياسي الرصين والرزين مطلوب منه أن ينتظر النتائج ويراقب عمليات العد والفرز وعبر مندوبيه دون ان يلعلع في وسائل الإعلام ويتباكى من التزوير والتلاعب وهو يعلم أن مهمته السياسية إن كان حقا بمواصفات السياسي الذي يحترم نفسه اللجوء إلى الطرق القانونية عبر المحكمة الاتحادية لتبت هي في الأمر إن تقدم بقرائن قانونية تدين الآخر وتفضح التلاعب وبها يكون قد كسب احترام ناخبيه واحترام رافضيه على حد سواء، أما ما نراه ونشاهده ونتبينه من السياسيين يسقط عنهم صفة تبوء المسؤولية ويضع آمال الناخب الذي وضع ثقته فيه من اجل التغيير الجذري في أوضاعه المعيشية البائسة وإيجاد الحلول لفوضى الوضع الكارثي في العراق، على كفوف العفاريت ولا يشرفه أن يكون تحت سلطة هكذا عينات لا تصلح حتى لرعي ثلاثة ابل عجاف مع تقديرنا لرعاة الإبل.

في ذات الوقت هناك سياسيون لم نسمع أصواتهم أو احتجاجاتهم وظلوا يراقبون النتائج دون تطير او إساءة مما حازوا احترام الناس.

إن الديمقراطية قيم وتربية وأخلاق وتحرر من نعرات وحقد وفكر تصفوي رث  وهي بنفس الوقت حضارة وتمدن وفكر راق، أما بعض مرشحينا من منتسبي القوائم الكبيرة (سور سليمان عليها) على قدر لا يحسدون عليه من الذاتية والعشائرية والفكر المنغلق والحاقد على الآخر والزعيق الأجوف، كل هذا السلوك سيدير مقود الوضع السياسي إلى مصير مجهول وينسف كل ثمرات التغيير التي جناها العراقيون بعد أن تخلصوا من اعتي نظام قمعي في الكون، إن لم يتحرروا من نوازعهم الذاتية المقيتة.

عليكم الهدوء والسكينة أيها السادة المنتخبون وستظهر النتائج وسنصفق لمن كسب ثقة العراقيين وبجدارة  مهما كان فكره وانتماؤه على أن يكون أهلا لثقة العراقيين لتحقيق النقلة النوعية المنشودة وإعادة الاعتبار للعراق الجريح عربيا ودوليا.

ودعواتنا بالموفقية للجميع.

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1345 الاثنين 15/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم