أقلام حرة

هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة؟

هذه التعقيدات والمناورات الادارية التي شوشت الجهات كافة، ومن هذه الاسئلة، لماذا طرح النتائج بهذا الشكل الذي لم يتعود عليه اي بلد في العالم، ويتم تجزئة وتقسيط النتيجة ربما يؤدي الى تسقيطها في عين المواطن العراقي، وهذا ما يدخل الشكوك والخشية من التلاعب بها والتزييف فيها لدى اي منا، وخاصة ما معلوم لنا ان الجهة التي تقوم بالمهام الرئيسي لتنفيذ عملية العد والفرز وهي العملية الحساسة الهامة، هو شركة اجنبية مختصة لا يعلم اي مواطن عراقي مدى نزاهتها واتصالاتها ومهنيتها وشفافيتها ومن يقف ورائها .

الجميع على دراية كافية بان العملية الانتخابية وقانونها التي سُنت من قبل البرلمان العراقي يحوي في طياته مجموعة من الخطوات التي تعقد العملية وفرضت على الجميع من اجل التوافق الذي حصل بين جميع المكونات، ومنها الكوتا بانواعها والتصويت الخاص وما فيه والقانون الشبه المفتوح والمتعدد الدوائر، وما جرى في خارج البلاد والذي شاب الانتخابات العديد من الخلل والتعقيدات غير مبررة ازدادت من الريبة لدينا.

ان ما يحمل اي متابع الشك والريبة هو التلكؤ الواضح في اداء الواجبات الضرورية والتي من المفروض ان تنهيها مفوضية الانتخابات المستقلة المتمكنة في وقت قياسي من جهة، وتدخل الكتل ونظرتها الى هذه الهيئة بعدم الثقة وتعاملهم معها وفق المصالح الذاتية بعيدا عن الحيادية والاستقلالية التي يجب ان تتمتع بها من كانت شخوصهم وما يحملون من الافكار والعقائد من جهة اخرى.

ان ما يطرح يوميا من النتائج المتتالية خلق فوضا وقلب الموازين وابعد الشيء الباقي من الثقة بهذه الهيئة، ونجح المتربصون في خلق التشكيك في نزاهتها، وساعد على ذلك الاعلام المتعدد التوجهات بشكل عام وما تحاوله الجهات المختلفة لتطبيق الاجندات الخارجية التي تعمل في السر والعلن ومن خلال القنوات المتعددة المعلومة الخلفيات والاهداف للجميع.

ان المصالح فرضت نفسها ويعمل من يكثف جهوده من اجلها بكل جد ويفعل فعلته  مهما سلك من الطرق الملتوية للوصول الى الغاية، ويمكن ان يستغل العملية الديموقراطية بشكل عام للوصول الى الاهداف والمخططات، وما نراه هذه الايام يؤكد لنا مدى انعكاس الصراعات المختلفة على جوهر العملية الاديموقراطية في العراق بشكل عام والعملية الانتخابية بشكل خاص، ومحاولة الاطراف للحصول على النتائج التي تفيدها وتسهل عليها تنفيذ مرامها ومخططاتها واجنداتها الذاتية والخارجية التي وكلت من اجل تنفيذها لتؤثر على مستقبل العراق.

حاول الجميع وخاصة الجهات الخارجية قبل الانتخابات واثناء الحملات الدعائية والترويجات اسناد من يطمح في فوزه الى ابعد الحدود ماديا ومعنويا، وليس من اجل سواد عيونه بقدر ضمان مصالحه هو، واليوم بعد اجراء العملية الانتخابية نلمس مستوى تلهف الاطراف هؤلاء انفسهم في التاثير على العملية ومعرفة درجة نجاحهم وظهورهم بشكل مفضوح في سعيهم الدؤوب الدائم في التدخل المباشر فيها طيل هذه المدة. وهذا ما يفرغ جوهر العملية الديموقراطية وحسب اعتقادهم  فقط من الايجابيات التي تحملها وتجعلها وسيلة او الية لتنفيذ الاجندات وليس لطرح الاراء والمواقف ونظرة المنتخبين الى الديموقراطية ونتائج اصواتهم . ان ما حز النفس اكثر من غيرها هو خلق المعوقات والعراقيل المتعددة امام العملية الديموقراطية بكاملها وبوسائل واليات وطرق ومخططات ومفاهيم بالية كانت ام محملة بمصطلحات ديموقراطية عصرية لتغطيتها، وبايدي العراقيين انفسهم، وهذا ما يلبد الاجواء ويعتمها بحيث لم يدع المستقبل القريب منظورا بشكل واضح ومعلوم لاحد.

اذن،هذه التدخلات تزيد من المخاض العسير للعملية الديموقراطية الحقيقية التي ابتدات ملامحها تبان للجميع من العراق وتزيد من تعقيداتها وتطيل من وقت المراحل المطلوبة لتقدمها، وهذا ما يضر بالشعب العراقي الذي اصبحت ساحته مختبرا للتجربة الانسانية الفريدة في هذه المنطقة، كما كان قدره على مدار التاريخ هو من صنع المستجدات ومهد للتغييرات وخلق الحضارات.

هذا ما يجعلنا ان نتاكد بان المشكلة الانية التي تلقي بظلالها وبنفسها على من يكون الفائز في هذه الانتخابات وما هية اهدافه وبرامجه، ولكن من ينظر الى البعد استراتيجيا يحس بخيبة امل ويراوده شكوك في نجاح العملية الديموقراطية، ويستنتج استقراءات مؤلمة لما يبدو اننا نصل اليه في المدى البعيد من الوضع السياسي الاجتماعي الثقافي العام في منطقتنا.

هذا ما يجعلنا ان نذهب بعيدا في قراءة نتائج عدم امرار العملية الانتخابية العراقية بسلاسة، وتدخل الاطراف الغفيرة فيها اخطرسوى كان التدخل اقليمي وعالمي وابعد من التدخلات في الشؤون العراقية اليومية، لانها تمس استراتيجياتهم البعيدة المدى، وستدق هذه العملية بابهم وتدخل عقر دارهم اليوم كانت ام غدا، وهذا ما يخوفهم ويحاولون بشتى الطرق خلق العقبات لها في الساحة الخارجية لهم.

من يتابع الاعلام والقنوات الفضائية بشكل خاص في هذه الايام التي لم تدخر جهدا في بيان ما ورائها وخلفياتها ودوافعها السياسية ومن خلال هذه الفترة الوجيزة من العملية الانتخابية العراقية، سيكشف لديه ان الدول والمخابرات والاجندات التي تعمل ليل نهار من اجل رسم بصمتها في العملية السياسية والديموقراطية العراقية والواقع العراقي الجديد حسب مصالحه وهواه كيف عمل وتدخل. وانها لمحطة ساحرة مبناة من المرآة وتعكس فيها وجوه وافكار واعمال المتدخلين عالميا واقليميا في الشؤون العراق الداخلية، وستوضح للعراقيين جميعا من هم البيادق التي تحركها تلك الجهات كما تشاء ومتى ما ارادت، وتفرقها عن الاصلاء والمولودين من رحم الشعب العراقي . ولكن السؤال الهام لنا هل نجحت تلك الاطراف الخارجية ام غلبتها الارادة الذاتية الصلبة ومنعت العديد من تلك الاجندات الوصول الى ارض الرافدين قبل التنفيذ، هذا ما تكشفها الايام والاوضاع السياسية المقبلة، وسيعلم الجميع مدى استغلال العملية الانتخابية برمتها ونتائجها بشكل خاصمن قبل من اراد تكثيف جهوده في تنفيذ الاجندات المختلفة.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1348 الخميس 18/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم