أقلام حرة

نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع

وتحدث مفاجئات غير منتظرة مما تزيد من التصريحات المتناقضة والمواقف المتباينة بين لحظة واخرى من قبل الملمين والمهتمين بالعملية،  ولكن لو تمعنا في ما يُطرح بدقة وبحثنا في ثنايا سينكشف لدينا  ما نريد من كافة الجوانب فاننا نتيقن من ماهية العملية والمشاركين اكثر من القبل، الاسماء ومواقفها ومواصفاتها وراي الشارع العراقي بها، الارقام وخفاياها ومصير الشعب المتعلق بها، السمعة والشعبية ومعيار الاستناد عليها ومقارنتها مع النتائج، ومن ثم نسال انفسنا بماذا يفكر الشعب وما مستوى ثقافته العامة وخبرته وكيفية اختياره، على اي مقياس ارتكز واي تقييم ساد على فكره واية نظرة القاه على المرشحين في لحظة التاشير، وما الفوارق بين اختيارات الفئات الشعبية المختلفة، وكيف حكم الفرد في لحظة احس انه اعاد الحكم ليكون بين يديه ليدلو بدلوه، ستكون الصورة واضحة المعالم لنا جميعا، ويمكن قراءة ما يهتم ويفكر به الشعب والمستقبل المنظور لو ترسخت الديموقراطية ومبادئها وسارت العملية السياسية دون مفاجئات او  ردٌات غير متوقعة.

كم من الاسماء الثقيلة التي كانت لامعة حتى الامس وسقطت في اول الاختبارات، كم من الشخصيات لم تعرف قدر نفسها حتى الامس القريب واستباحت ظروف العراقيين وانتكست حاله في اول تجربة، كم من الذين انفلقوا وطفحوا الى السطح بقدرة قادر وفي لحظة غافلة من الزمن ولم ينجحوا، بل اعاد لهم الشعب نصابهم الحقيقي، وجاءت لحظة الحساب، كم وكم وهكذا نرى العديدممن يجب ان يعتبر الجميع منهم وليس بنفسهم فقط .

اما في الجانب الاخر، وهو المصوت وسماته، كيف اختار وهل ركٌز على جوهر العملية وما تعنيه، وما العوامل المؤثرة على اي فرد وكيفية ادلائه بالصوت ولمن اختار ولماذا، لا يمكن ان نقيمه ونعلن انه استند على ما هو الصح والمفيد للشعب بشكل عام، بل لابد ان نقرا الوضع الاجتماعي الثقافي العام والتجارب والخبرة والممارسة المطلوبة في هذه العملية المصيرية.

بداية، نسال هل من رشح واقحم نفسه في هذه العملية المعقدة الصعبة في هذا الوقت الحساس كان مهتما بالعملية والشعب، ولم يكن امامه الا المصالح العليا ومستقبل العراق وشعوبه ام الموقع الاجتماعي السياسي والامتيازات والتحزب الذي كان حاجزا امام اعينه لرؤية المدى الابعد والافق الواسعة، او بالاحرى قيٌم نفسه ودرس وضعه وامكانياته ومتطلبات البرلمان ومدى تلائمه وعقليته في اداء الواجب النبيل الذي يقع على عاتقه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق الحديث، من صارح نفسه وقرا تاريخه الشخصي وقدرته بنفسه واعلن مع ذاته نواقصه وسماته ومميزاته ليكن هو المقتنع بنفسه على انه الرجل المناسب في المكان المناسب قبل الاخرين، لا اعتقد ان هذه الامور حدثت ولو لمرشح واحد فقط .

ان لم تكن الحال هكذا هل كنا نرى من رشح نفسه وهو واثق ان يكون رئيسا للوزراء والجمهورية ويحصل على بضع اصوات فقط، وهذه هي شعبيته وراي المواطن به، اليس من الواجب عليه ومن على شاكلته ان يعيد النظر بنفسه حتى ولو زكاه حزبه وتياره على اعتلاء اي منصب.

من الملاحظ ان العديد من الاسماء التي اخفقت في هذه العملية الانتخابية هم ممن طرحوا نفسهم كثيرا الى الراي العام وبالاخص على الفضائيات والوسائل الاعلام المتنوعة، لا بل منهم كان الناطق الرسمي لكتلته واخرون وزراء ونواب لبقين ومنطقيين في الحديث عن كافة المواضيع السياسية الفكرية الفلسفية الاجتماعية دون اي اهتمام بالاختصاص المطلوب او المعلومات  التي تدفعهم للكلام الواقعي الصحيح، وهؤلاء من يطبق عليهم المثل العربي الدارج(سبع صنايع وبخت ضايع) في هذه اللحظة المصيرية، هل شاهد احد ان يكون المخطط العام للدولة بحجمها لم يتمكن التخطيط لنفسه والتفكير والتقييم الصحيح لذاته ومستقبله، من راى ان يكون احدا وهو العالم الخبير في بناء خطط للدفاع عن الوطن ولم يتمكن من الدفاع عن ذاته، ومن يوفر الامن والامان لشعبه ولم يؤمٌن ذاته من حكم الديموقراطية، وهنا لم ينفع الدعاء والتوسل والتوكل على المنصب والغيب من دون قراءة الواقع بشكل علمي . ان مايكتشفه لنا هذه النتائج المضحكة لبعضها حقا هو مدى التخبط في الوضع السياسي العام طيل هذه الفترة ومن كان يحكم ويفرض نفسه على الساحة السياسية العراقية، وفي المقابل هناك من لم يظهر لحد اليوم وله الامكانيات والصفات والقدرات والسمات التي تمكنه من خدمة الشعب على احسن وجه وبشكل امثل، ولكن هل يمكن ان نجزم بان الشعب اختار الاصلح ام كانت ردود الافعال هي الآمر الناهي وفعلت فعلتها والعواطف والعلاقات الاجتماعية اثرت بشكل جذري، ولم يكن التقييم علميا بنسبة مرضية كما هو المطلوب.

و يجب ان نعلن هنا وفي ظروف معلومة لما هو عليه العراق، هناك من يصلح ان يكون في هذه المؤسسة الفعالة ولكنه لم يستطع الوصول لانعدام الشعبية التي تؤهله والتي يجب ان يتمتع بها للفلاح بالموقع، وهذا موقع الخلل في بداية اية عملية ديموقراطية، والتجربة الحديثة في بلد كما هو العراق بكل ما يتسم به.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1349 الجمعة 19/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم