أقلام حرة

متى يتم الغاء المنطقة الخضراء؟

وعبد السلام عارف لم يسكن المنطقة الخضراء، هو الأخر فقد كان يسكن في بيت عادي في الأعظمية ولكن انتقل الى القصر الجمهوري بعد استكمال بناءه في 1964 .

القصر الجمهوري كما هو معروف يقع في كرادة مريم، وفي النصف الأول من السبعينات كان بناءَ رسميا عاديا مثل اية دائرة رسمية وتحيط به بيوت المواطنين من كل جانب وتمر في الشارع من امامه السيارات وعربات النقل وحافلات نقل الركاب . وكنا نسكن الحارثية او اليرموك، نخترق المنطقة عن طريق الحافلات رقم 21  و42 يوميا في طريقنا الى دوائرنا ذاهبين او عائدين .

عندما استلم البعثيون الحكم في عام 1968 بدأ الزحف التدريجي داخل المنطقة باستملاك البيوت تدريجيا . في البداية منعوا المرور من امام القصر للسيارات والأفراد . بعد ذلك استملكوا قاعة الخلد وما حولها من منشئات سياحية وبيوت ثم وضعوا مشبكا حديديا صغيرا من امام القصر في وسط الشارع القادم من جسر الجمهورية وبالعمق الى الشمال على شكل نصف قوس ينتهي عند نهر دجلة قبل بداية جسر المعلق . ثم اسسوا بوابات كبيرة مثل بوابات القلاع التاريخية  . ثم منعوا المرور في شارع كرادة مريم اطلاقا ابتداء من مستشفى الطفل العربي مقابل جسر الجمهورية واخذوا يستملكون البيوت تدريجيا . ثم استملكوا منطقة (ام العظام) المجاور للشارع القادم من جسر المعلق وشيدوا فيها عمارات للمخابرات والحرس الجمهوري وغيرهم من الربع والمحاسيب والخدم والحشم . وهكذا بدا الزحف الجنوبي الكبير فبدأوا بالزحف على منطقة الحارثية خلف حديقة الزوراء والى الشمال في العامرية وما جاورها وطريق المطار . فاستملكوا المعهد الزراعي الفني في نهاية العامرية ليتحول الى قصور وبحيرات واستملكوا الأراضي الكائنة خلفه والموازية لشارع المطار . وكان في النية استملاك الحارثية كلها والعامرية كلها ولكن ظروف الحرب مع ايران وقلة الموارد المالية وزيادة المشاكل الأمنية حالت دون ذلك . ولكنهم مع ذلك قاموا باستملاك منطقة الرضوانية وقرية المكاسب شرق المطار وتم بناء قصر كبير باسم قصر صدام . وزحفوا الى الغرب بامتلاك الأراضي غرب وشمال المطار وصولا الى نهر الفرات والفلوجة من الغرب والشمال .

بعد ان ازدادت حدة الحصار في التسعينات تفتحت شهية العائلة ببناء المزيد من القصور . فابتنوا قصر السجود على شاطئ الأعظمية والقصر الذهبي بجوار قصر الزهور وغيرها وغيرها من القصور مما يسكن فيه الأن (الرفاق) الجدد .

في الوقت الحاضر وبعد سقوط صدام وبدلا من الغاء المنطقة الخضراء واعادة الأمور الى ما كانت عليه وفتح شوارع المنطقة الخضراء  ... تم توسيعها بحيث اخذت تشمل فندق الرشيد والشوارع والأنفاق المجاورة .وفي العديد من مناطق بغداد في الوقت الحاضر اخذ تتشكل بصورة تدريجية مناطق خضراء مصغرة، فمنطقة خضراء في الكرادة واخرى في الجادرية وثالثة مصغرة في زيونة ورابعة وخامسة .

لايوجد في العالم حكام يميلون للفخفخة والحياة المظهرية مثلما يفعل الحكام في العراق .فما ان يتسنم الواحد منهم منصبا في الدولة كبيرا كان ام صغيرا مهماَ كان ام تافها حتى يبدأ بلستعراض ابتكاراته امام عباد الله . فيزداد عدد الحمايات واعدد السيارات ويزداد عدد الحراسات حول بيته .

لدى حكام العراق نزوع غريب للتعالي على الناس والأبتعاد عنهم وعزل انفسهم في كانتونات برغم ادعائهم عكس ذلك، واذا كانت حجتهم الأمن ودواعي الأمن فالأمن هو مطلب الجميع واولهم المواطن المغلوب على امره والمكشوف امام الأرهاب بكل انواعه والأضطهاد بكل اشكاله . ان الدولة عندما تضبط الأمن فانها تضبطه للجميع للمسؤل والمواطن معا اما اذا افلت حبل الامن فانما ينفلت بالنسبة للجميع ايضا .

وبعد، فقد ان الأوان لأن تفكر الدولة جدياَ .. البرلمان القادم والحكومة القادمة معاَ بالغاء كل اشكال مناطق الخضراء وبهذا يتم الغاء التمييز بين الناس في العراق على اساس المنصب واذا لم تفعل ذلك فان القادم اسوأ، وليرحم الله الجميع .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1349 الجمعة 19/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم