أقلام حرة

هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية؟

المطروح الذي يراد به توضيح الجوانب العديدة لهذه العملية وبيان نسبة النجاح، ومن قبل اطراف عدة، وهو درجة الضرر الذي يصيب المواطن جراء تطبيق الية الانتخابات والتكنيك المستخدم فيها مقارنة بالاستفادة التي تاتي منها على المدى البعيد والقريب، وخاصة تجري هذه العملية بهذه المساحة من الحرية في منطقتنا التي لم تشهد لها مثيل كما هي في العراق اليوم، والتجربة فتية هنا ايضا،و من المنطقي ان تشوبها نواقص وخلل وثغرات وتكتنفها سلبيات، الا انها ستقل بتصقيل التجربة وانتشار جوهر المفهوم المعني بين ابناء الشعب بممارساتهم وفكرهم وعقليتهم وتطبيقه في حياتهم الاجتماعية  الخاصة قبل الحكومة.

بعيدا عن الايجابيات والمصلحة العامة التي تعود كلها بالنفع للشعب العراقي بكافة مكوناته،من الجهة الاخرى هناك جانبان اساسيان يمكن ان نعرج عليهما لبيان مدى التضرر النسبي من هذه العملية الضرورية، ومن الممكن تفاديهما مستقبلا لو بحثناها وتعمقنا في دراستهما وايجاد الحلول المناسبة لهما، وبالاخص ما يجري يمت بصلة كاملة ومباشرة بحياة افراد المجتمع ومعيشتهم ومستقبلهم وظروف حياتهم . اولهما، المبالغة في المصروفات الدعائية والترويجية، وثانيهما حدوث شروخات مختلفة في العلاقات والروابط الاجتماعية والتطرف والتشدد في دعم واسناد جهة معينة، وفي المقابل معاداة اخرى وبقاء اثارها لمدة طويلة، مما تؤثر على الحياة اليومية لافراد الشعب .

اذن، الاموال التي تصرف وتذهب هباءا دون ان تنتج شيئا ملموسا بما يمس حياة المواطن العراقي الذي يعاني الامرين منذ عقود، ويذهب هكذا لايصال جهة واخرى الى المواقع، وعلى الرغم من دخول الجزء الاكبر من الاموال عبر الحدود الا انها ليست لصالح رفاه وسعادة العراقيين ويمكن ان نعتبرها اموال خبيثة، الا ان الجزء الاخر غير القليل من الاموال المصروفة  تخرج من جيوب الشعب وما يهم المواطن وحياته بشكل غير مباشر، وهذا على العكس مما يجري في الدول المتقدمة التي تصرف هذه الاموال من الهبات وجمع التبرعات من الشركات المستفيدة واصحاب المصالح الكبيرة في تلك  البلدان، ولم تمس المواطن  من بعيد او قريب . لو مُرر قانون يحدد نسبة المصروفات واخرى للاحزاب  او ان امكن التقشف وتحديد الاطار لها لكان بالامكان ان تستغل هذه الاموال الغفيرة الهائلة في مواقعها الصحيحة وفي مشاريع استراتيجية تهم مستقبل الاجيال اكثر، وخصوصا يتم تكرار هذه العملية كثيرا، ويجري بشكل رئيسي في عمليتين انتخابيتين كبيرتين وهما انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات .

 اما الجانب المعنوي وما يحصل من تعكير للاجواء واحداث خلل في العلاقات الاجتماعية لاختلاف في الاراء والمواقف نتيجة السمات التي يتمتع بها الشعب العراقي، يمكن تفاديه بالاعتدال والوسطية والهدوء في التعامل مع الاحداث بعد ترسيخ العملية الديموقراطية بشكل مقنع بعيدا عن التعصب مهما كان نوعه، وبدلا من الاختيار الصحيح ودوره في ترطيب الاجواء وتقوية وتمتين العلاقات والعمل على وحدة الصف، نلمس الاختلافات والخلافات تمتد حتى بين العائلة الواحدة لمدة غير قليلة، مما تضر بالروابط  الاجتماعية والاهداف المنشودة لمصلحتها.

بناءا على ما يجري على الساحة السياسية العراقية، اننا نعتقد بانه وراء كل عملية انتخابية تغييرا في الطبيعة والشكل والتركيب للمرحلة  ورجٌا كاملا للحياة التي تتركد طيل الفترة بين الانتخابين، وعند اعادة الاستقرار والسكون ستحدث الافرازات وستكون لها ابعاد ومعطيات لابد ان تؤخذ بنظر الاعتبار من اجل استتباب الامن والسلام الذي يعتبر في مقدمة الاهداف الانية.

 وبعد كل عملية نشاهد تحالفات وائتلافات وتغييرات في موازين القوى، وهي التي تجبر كل طرف على اعادة حساباته ونظرته الى ما سار عليه طيل الفترة المسبقة للعملية النتخابية، ويمكن ان تستثمر هذه التجربة من اجل التنظيم والتثقيف والتوعية وتفهم جوانب العملية الديموقراطية وخفاياها بعلمية ودقة من اجل رفع مستوى ونسبة نجاح العملية الانتخابية اكثر فاكثر بتكرارها واعادتها في كل مرحلة وينعكس بالافادة للجميع، وبه نقلل الضرر وان كان هو قليلا من الاصل . واخيرا يمكن ان يهمل في الحسابات عند جمع المعادلات لعدم تاثيره على الوضع السياسي الاجتماعي الثقافي بشكل عام . وهذا ما يدلنا على ان عدم تكرار الاخطاء والالتزام بالقوانين والنزاهة والاعتماد على الذات ومنع التدخل المشبوه سيقلل من التضرر ويزيد من ثقة المواطن العراقي بالعملية الديموقراطية وينعكس ايجابيا على حياة كل فرد، وبه ينعكف هذا المواطن ويكثف جهوده في كل مرحلة من اجل نجاح العملية من تلقاء ذاته واحساسه بالمصالح العليا . 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1356 الجمعة 26/03/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم