أقلام حرة

احذروا تبجح البعث باسم العلمانية

السياسي دون غيرها بعد سقوط الدكتاتورية، وكان لهذه الجهات الدور البارز في مقارعة النظام الجاثم على صدر العراقيين والذي تحكم بهم بالحديد والنار، والطبيعة الاجتماعية والعلاقات والروابط والسمات العامة للمجتمع العراقي زكت من صارع وقارع الظالم في تسلم زمام الامور بعد التغيير بشكل مباشر.

 ومن مساويء القدر ان يؤدي ما وصلنا اليه الى التاثيرالسلبي على وضع وموقف الاحزاب والتيارات العلمانية، واصبح نقطة بدء في مسيرة تراجعهم بشكل ملحوظ بعد الاهتمام بكل ما هو الممنوع في حينه وهو مرغوب طبعا وان لم يكن مفيدا حتى، وهذا لا يعني عدم بقاء ترسبات سياسات البعث في توجهاته للتدين والتضليل الذي اتبعها من اجل مصالح الدكتاتورية باسم الدين لبقائه على سدة الحكم مهما بلغ تعجرفه وظلمه وباية وسيلة كانت، واستغل سذاجة البعض في محاولاته ونجح لمدة، واعتقدت مجموعة ليست بقليلة بصحة تلك الادعاءات الباطلة لحزب لم يبق منه الا دكتاتورا وبلادا مدمرا. محاولات النظام في كبت المواطن من كافة النواحي وخاصة في اتباع فكر وعقيدة وفلسفة معينة، كما فعل البعث في الناحية الدينية والقومية ساعدت العديد من الجهات وصقلت من قوة هذه الاحزاب والتوجهات ودعمت ركائزهم وفتح لهم الطريق الواسع للايغال في ثنايا المجتمع العراقي بكل مكوناته، ومنذ اعتلاء البعث سدة الحكم ونُظر اليه وكما ادعى هو ايضا وجحد على انه ممثل العلمانية بطرح اراءه وافكاره وفلسفته وهو لم يمت بصلة يٌذكر بجوهر هذا المفهوم من بعيد او قريب، كما اثبت ذلك بنفسه على الارض الواقع، والانقلابات والمفاجئات التي احدثها في تكتيكاته اليومية وتقلباته من الادعاء اليسار وما فيه الى القومية العروبية ومن ثم التعلق بالقشة ومحاولاته من اجل الخلاص من السقوط وتحويل الانظار عن جرائمه باتخاذه الدين وسيلة وسمى الدكتاتور نفسه امير المؤمنين تضليلا وبهتانا .

 بعد السقوط تغيرت الاوضاع بشكل مطلق والتفت الاكثرية حول الاحزاب والايديولوجيات القومية والدينية والمذهبية، سوى من اجل الخلاص النهائي من الوضع المتردي والالتفاف حول الروحانيات كان او كرد فعل اني ومرحلي. وهكذا تسلمت احزاب المعارضة السلطة بعد حدوث الفوضى جراء التغيير غير المنظم وترك البعث بلادا خربا وتوارثت هذه الاحزاب والحكم الجديد مع التحالف واقعا مزريا من البنية التحتية والفوقية المدمرة والتي كانت السبب في افراز السلبيات،  وازدادت التدخلات الاقليمية والارهاب من حدة الفوضى ولاسباب معلومة ولمصالح اقليمية مشبوهة التي وقفت ضد ترسيخ المباديء الاساسية للحكم والسلطة الجديدة والمفاهيم الجديدة، ولكن الشعب العراقي  من منطلق ولعه بالحداثة والديموقراطية كما يؤكده في كل تجربة انتخابية افشلت المخططات والاجندات الخارجية من مهدها.

 وبعد مرور سبع سنوات وما شاهدته الساحة السياسية العراقية والمواقف التي برزت من قبل الجهات المختلفة، من عدم الاشتراك في العملية السياسية بشكل مطلق الى معاداة الديموقراطية ومحاولة ضرب كل جديد بكل وسيلة ومنها الارهاب، الى المشاركة المشروطة ومن ثم الخضوع للامر الواقع والتوجه نحو استخدام الوسيلة ذاتها والاعتماد على الديموقراطية كمفهوم والانتخابات كاهم المباديء وكآلية حديثة لنفس الاهداف وهورفض العملية السياسية والوضع الجديد في العراق، وهو من الاهداف القديمة الحديثة ومحاولة العودة الى المربع الاول من حكم العراق وزمن الانقلابات وسلطة المكون الواحد ان تمكنوا، ولم يكن هذا العمل والتوجه اتية من الفراغ بل نتيجة مخططات واجندات المخابرات الاقليمية وبوجود الامكانيات الكبرى للدول التي تقف ضد كل ما يمت بالديموقراطية بشيء، ناهيك عن الصراع المذهبي والعداءات التي تصرف  من خلالها ومن اجل سقوط الاخر المبالغ والجهود الهائلة التي لو صرفت على واقع المنطقة لازدادت من التنمية والتطور وساعدت شعوبهم بها ليتمكنوا من القضاء على التخلف والجهل والامية.

اليوم، لم يبق امام البعث الذي لم يجد طريقة ولم يتبعها الا الدخول من النافذة مستغلا الديموقراطية والوضع غير المستقر والصراعات الداخلية وملذات السلطة وانعدام الخدمات العامة للمواطنين والفساد وسيطرة توجهات معينة دون غيرها على زمام الامور وضئالة التنوع في الفكر والفلسفة والايديولوجيا، بل الكل متقاربون ويصارعون من اجل السلطة، ودخل البعث الساحة من خلال استغلال نقاط الضعف واصبح يدعي انه المنفذ لبعض المفاهيم تضليلا كعادته من اجل الوصول الى المبتغاة، ومنها التشبث بالعلمانية كصورة ومظهر مستغلا سيطرة الاتجاهات الاخرى البعيدة في خطاباتها عن هذا المسار لبيان تكبير الثغرات، ولكن العلمانية منه براء.

ليعلم الشعب العراقي ان المرحلة متنقلة، ولم نصل الى حال يمكن ان تكون فيها التوجهات والافكار والواقع على طبيعته وانما التجربة الفتية والاحداث السريعة مع قلة التجربةو الخبرة والممارسة ستولد ما يمكن ان يستغل هذا الواقع لاهداف تضليلية بحتة وباسماءو اشكال والوان براقة، واستغلال العلمانية كمظهر ليس الا وهو الباب الاسهل للدخول منها من اجل العودة، وهو بمضمون المفهوم ذاته . لذا يتوجب علينا جميعا باحزاب علمانية ودينية وقومية  اي كان موقفنا ان نحذر جميعا من تبجح هؤلاء  ومحاولاتهم المتكررة لضرب التجربة . السلام والامان والتنافس العلمي الصريح سيولد ما يدفع المضللين الى مزبلة التاريخ، ولم يبق امام المخلصين الا قراءة كافة الاحتمالات من اجل سد الطريق امام الشواذ والتقدم نحو الامام .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1360 الاربعاء 31/03/2010)

 

 

في المثقف اليوم