أقلام حرة

متى ننتهي من الدوران في الحلقة المفرٌغة ؟

الكثيرة وحدوث التغييرات في السمات والخصائص والخصلات الخاصة به منذ تاسيسه اثر تغيير القوى والسلطات السياسية المتتالية وما حملت معها مؤثرا على الواقع الاجتماعي العام له.

 

لم يكن الشعب موحدا بمعنى الكلمة ، والمواطنة لازالت في طورها البدائي ، وكما قال الاولون ، لم تتمكن المقومات التي يمتلكها هذا بلد ان تخلق فيه الداعين الى الاصلاح الحقيقي والتغيير الجدي ، اي بقي على حاله كما هو تجمعات وقبائل وعشائر واقوام في ارياف ومدن ، وما جرى من تريف المدن خلال المراحل المختلفة بعد الانقلابات العديدة العسكرية والسياسية والسلطة المتنوعة ، وترسخت عوامل مؤثرة في حياة الفرد واصبحت من ترسبات التاريخ باقيا في كيانه، اصبح هو العائق الاكبر امام التغيير .

 

سيتم التغيير وما يليه وابعاده ومعطياته بكامله كعملية طبيعية عفوية عبر التاريخ ان لم يكن وراءه مطالب وكما هوحال التطور والتنمية العلمية اينما كانت المساحة واسعة ام ضيقة للعاملين فيها والفرق يكون فقط في مدى استغراق العملية للوقت المراد ، ولكن من الممكن ان تكون له المحطات البارزة او قفزات في الكثير من الاحيان ومن الممكن ايضا ان يدفعه الحداثويين في كل زمان ومكان للاسراع منه . لا يمكن النظر الى مفهوم التغيير من زاوية النقد فقط ، بل هو عملية مستمرة متعددة الجوانب بما فيه السياسة والوضع الاجتماعي .و يمكن تفعيل العملية وتوسيعها ودفعها من خلال تقييم ونقد مجموع المباديء والبنى التحتية لتاريخ البلد المتعدد الاوجه والتركيب والذي بنيت عليه حياة اجيالنا ، ويجب ان يشمل السياسة والثقافة والتراث والكلتور العام للشعب مع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .

 

يجب قراءة التاريخ كما هو بحياد وليس من وجهة نظر ما او خلف فكر او ايديولوجيا معينة، وبشكل علمي دقيق من كافة النواحي ، لكي نحلل الثورات واسبابها والانتفاضات والنتائج المنبثقة منها والاهداف التي حققتها ونوع السلطات التي خلفتها وما تعامل الشعب معها وما ثبت من الايديولوجيات وما اعتمد من الفلسفات في الازمنة المختلفة وما آلت اليه بعد التحولات اثر تغييرات السلطة وما حدث لها ، سوى درسنا ما كان كامنا في اية حركة كانت ثورية او اجتماعية او ظاهرا على محياه ، وما الوسائل التي اعتمدتها ونسبة اصالة الفكر والفلسفة ومدى واقعيتها وتلائمها مع ما موجود على الارض. لو تلمسنا ما التجا اليه الشعب بعد كل نكسة ، نكشف ما كان مؤثرا على عقلية ومخيلة الفرد والشعب والنخبة بالاخص ، ولو تعمقنا وعلمنا مدى تكرار واعادة ما جرى في التاريخ بين حين واخر ، نكشف نسبة التموجات والانعراجات في البنيان السياسي الاجتماعي في تاريخ الشعب . لو اردنا ان نقيٌم الوضع من اجل ايجاد مخرج سليم للقضايا الكثيرة التي استفحلت في البلد ، بحيث نبدا الخطوة الاولى من المسيرة الطويلة، لابد ان نمر على الحركات السياسية المتعددة من القومية الى اليسارية واخرى ما يمكن ان نسميها الليبرالية حسب التعبير الحديث والوطنية والدينية ، وان علمنا بدقة جوهر وما كان يكمن في لب الافكار وما طبق منها على ارض الواقع والاليات التي استخدمت من قبل الراعين للافكار ، والدوافع العديدة وراء استعمال السلاح ومانتجت عنه الانقلابات وسيطرة قطب او جهة دون اخرى ، واتباع العمل الحزبي البلشفي في العصر الحديث ومؤثراته وابعاده ، والتركيز على المفاهيم المستوردة بكافة انواعها من دون الاعتبار لما يتطلبه اي شعب من الحرية والعدالة كمظلة للجميع وكقمة الاهداف الانسانية ، حينئذ يمكننا ان نسير في الطريق السوي.

 

لو تعمقنا في الدراسة والتحليل وبشكل علمي ، وان ابتعدنا قليلاعن الصراع الحزبي السياسي المصلحي المسيطر على زمام الامور في الوقت الحاضر ، وان ابعدنا احتمال اعادة التاريخ لنفسه ، وان استندنا على المؤسساتية في الحكم ، وان عملنا على عدم سيطرة المتطلبات الاجتماعية وظروفها على الواقع السياسي، وان استغلينا الثروات في مكانها واغراضها الصحيحة الحقيقية ، وان اعتمدنا الواقعية في كافة الامور ، فسوف نخرج من الحلقة المفرٌغة والدائرة الملتفة حول الاعناق المفكرة والتي ندور فيها في المراحل المتعددة والمتتالية لتاريخنا بعد كل حادث، والتغيير الذي نمر فيه .سوف نتلقى به الباب الواسع للخروج من الازمات ونلقى الحلول الموضوعية العلمية لكافة المسائل العالقة والتي تعقدت بعد طول الزمان وما جرى في المكان .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1076  الجمعة  12/06/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم