أقلام حرة

الصحافة والحياة وأشياء ... أخرى !

 الحوار الودي سبيلا في مناقشاتك، فعند ذاك تبدو في نظر "البعض" مثالا للهشاشة والضعف، فتجد الأصوات تتعالى والفوضى تعم .. واللامبالاة تصبح سيدة الموقف والكل يعتبر نفسه هو الربان، وبدونه فإن سفينة العمل تتوقف !!

غير إن موقفك عندما يكون في الإتجاه المغاير، وتشعر من حولك بأن التنظيم ضروري لمصلحة الجميع ويصب في الخانة الجمعية لمحيط الإبداع، ولكل شخص مسؤولياته وواجباته، فستشعر بأن سهام " النقد " في الكواليس الخبيثة، تأخذ منك مأخذها وتصبحت على طرف لسان من يتعكز على مجد موهوم، يتخيل إنه صنعه من ركامات عديمة الحياة، لاتتعدى أرنبة الأنف ..

وهؤلاء، مثلهم مثل الذين اوصدوا أمامهم أبواب الحياة، وعاشوا في أعماق كهف خانق، لاخلاص لهم .. منه، فكرهوا الحرية وفضاءها، متناسين  إنها (الحرية) كالشمس لايراها

  إلا من كانت له عين نسر!!.

وفي مسيرتي المهنية الـ 45 عاما التي قضيتها في شارع الصحافة، لاحظت، كمثال، صحفيين، روضوا قلوبهم على القساوة كي لا يحبوا، فكانوا مثالا للأنانية ... ووجدت من روّض نفسه على الرذيلة  وخنق ضميره ومضى في إستباحة المحرمات فأصبح يحمل صفة غادر، شرير عن إستحقاق وجدارة وصادفت من " عوّد " نفسه على الباطل حتى (يأمن) ما قد تجلبه قولة الحق من  (مشاكل) ومثل هذا كان عندي، رمز للضعف والجبن !! وشاهدت، ايضا  آلالاف ممن ينظرون الى مهنة الصحافة ومسؤولياتها بعيون مختلفة، فتجد إن الذي نظر إليها على إنها مهنة الرقي والتقدم  وألإلتزام، بقى متواصلا معها، فيما تجد الذي نظر إليها على إنها محض مهنة لكسب العيش او للوجاهة والتظاهر وسدا لنقص فيه .. غادرها الى غير رجعة !

إنها، مهنة الحرية، ولايمكن للصحفي أن ينمو ويؤتي ثماره المبدعة إلا في جو من الحرية .. ولا قيمة للصحافة، دون حرية، والصحفي الصادق لايستطيع أن يتنفس إلا في فضاء نقي، خال من الانانية وإحتكار الافكار ...

والصحفي الحق، هو من يدعوا الى المرونة في طرح الأفكار، لإن ذلك يؤدي الى التفاهم والتسامح والتعاطف بين الناس.. و محال أن يدعوا الى المرونة في (الضمير)، لأنه يدرك إن ذلك يؤدي الى الخبث واللؤم والوصولية !!.

وعندما يعود المرء الى دفتر ذكرياته ويستعيد شريط حياته ويتعايش مع اللحظات المضطربة، القلقة القائمة على رغائب القلب، المتعطش الهائم وجنون الجنوح، المتقد في الجسد المتجه الى الشيخوخة، فإنه يجد العجب من حال الدنيا وتقلباتها !!

 وفي ضوء هذه الجزئية من التجربة اقول  إن على الصحفي (المهني) أن لا يكون منضويا تحت رؤى سوداء، ونفس مريضة .. فالصحافة مثل اية ناحية من نواحي النشاط الإنساني، هي تعبير حياتي .. والحياة متطورة .. والتطور نزعة صاعدة، متقدمة، متسعة، متسارعة دوما، لا تقف عند حلقة او حدود ولا تحجز إنطلاقها قيود او سدود.. وشتان بين من يتحدث عن الصحافة دون أن يعاني تجربة الكتابة الصحفية بجوانحه وأعصابه (خبرا، عمودا، تحقيقا .. الخ)  وبين من "تزوجها" وما إنفك يعانقها  وتصهره في كل لحظة من لحظات حياته !

أخيرا ... ربما يتساءل احدكم: هل لهذه السطور مناسبة؟ وعن سؤالهم اجيب، اقرأوا معي ما (تجود) به بعض صحافتنا من مقالات وأخبار فستجدون إن كل شىء فيها عكرا، لأن نفوس المتلونين والطارئين على الصحافة عكرة ... أصلا !!

والله من وراء القصد

 

 زيد الحلي..

[email protected] 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1361 الخميس 01/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم