أقلام حرة

المرجعية الاخلاقية بين رمانة المفوضية وتوكي الكوتة النسوية

وهل توجد لدينا، عامتنا وخاصتنا، مرجعيات اخلاقية؟، هل يوجد تدخل اجنبي في عملية الانتخابات؟ وهل كان اللعب مستورا او مكشوفا؟ والان بامكاننا ان ننسج على نفس النول عشرات الاسئلة، لكنني ادعوكم جميعا الى الانصراف مؤقتا والذهاب الى لحظة من لحظات الطفولة والعابها الجميلة . كرة القدم عند الاولاد خاصة، لقد كنت انا من بين اولئك اللاعبين الحفاة الصغار، الذين لم يكن لهم شان كبير او حتى صغير في تغيير نتائج المباريات، كان المرمى الذي سميناه رمانة، وهي تسمية محلية جدا، يتكون من حجرين وكوم من النعل (اجلكم الله) التي يعرف الجميع عائديتها على وجهه الدقة، ومن الطبيعي فان الرقاع هو اول العارفين لكثرة ما ترددت اليه خلال سيرتها المشرفة ونضالها العتيد في التضاريس المختلفة، لم يكن الاسكافي مرجعا في انقاذ المواقف الصعبة فقط، بل انه كان يعرف الشخص من نظرة عابرة الى حذائه، كثيرا ما كنا نختلف في ضربة كرة، هل انها هدف ام لا عندما تمر الكرة (ام ثلاثة دراهم) من فوق الرمانة؟

لا وجود للحكم ولا مراقب خط، فالخط غير موجود اصلا ولا وجود للتسلل

عندنا، والاصابات التي تدخل المرمى كثيرة، اما الاصابات في اقدامنا الصغيرة فكثيرة هي الاخرى والجروح تختبىء تحت لفافات القماش غير الطبي..نحن اللاعبون ونحن المراجع، وقد نتخاصم، لكننا نستمتع . اما البنات فقلما يختصمن في العابهن وخاصة في لعبة التوكي التي لا تستوجب

الخلاف الا ماندر، المرجعية فيها اكثر وضوحا وهي الخط واي حجر مسطح . وفي الواقع فان مرجعينة الرمانة هي مرجعية الخط الوهمي الشاقولي الممتد الى السماء السابعة انطلاقا من رمانة فى الارض، وهذا يشبه مرجعية مفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات ولعبة الملل والنحل ولعبة الطوائف وابطالها ومريديها وانصارها من اصحاب الشمال ممن قرؤا سورة الواقعة طلبا للرزق الانتخابي الانتهابي او ممن سخروا من اصحاب اليمين و(السابقون)السابقين بعد ان اطلوا عليهم من ابراج جميرة دبي ونخلتها البحرية.اما التوكي فلا ريب انه اسس لكوتة النساء على الرغم من انهن افضلن في مكاسبهن من الحصاد كثيرا من اصحاب اللحى الكثة التي طالما طافت كروش اصحابها على مياه الجيران الاسنة او المالحة .

علمتني مهنة التدريس المقدسة ان اعمل بضوابط ومقاسات صارمة لا تميز بين الامرد والمشعر، نبيلا كان ام صعلوكا ، مؤمنا او منافقا، ومرجعيتي هذه لا تخطيء في كم هو علمه ومقدار فكره وسعيه، فهي إذن وان لم تكن معصومة فانها لا تخطىء، ليتهم استلهموا قوانين مفوضيتهم من لجاننا الامتحانية قبل ان تصاب بعدوى امراضهم وامراض الذين سبقوهم بالايمان بان الساسة العراقيين لا يموتون بعضة بقة او لدغة حية او اعصار كاترينا، اكاد اجزم ان لا مظلومية لسياسي ولا منقبة لمفوض فحص اوراق شيخ يبحث عن نور فحولَّها الى دولار وقيده لحسابات الساسة في مصرف مفلس لا محالة ولكن بعد النشور.

 

لا احد يتكلم في العراق من الساسة او حتى العامة عن دعوة المرجعية فيالنجف الاشرف للبرلمانيين الجدد ممن حصلوا على تصويت بضع مئات منالناخبين لهم ...لا احد يتكلم عن تخفيض منافعهم في اول جلسة سيعقدونهاوان يكون الله سبحانه وتعالى وضميرهم حاضرين عندما ياكلون على مائدةيشاطرهم فيها الجياع من العميان او المغلوبين على امرهم، فالناسمتيقنين، ليس الان، بل قبل ذلك بكثير بان الصراع الحالي مادته ليس خدمتهمأوالعمل على حل مشكلاتهم بل هو صراع مال ونفوذ ربما اتخذ اطرا ايديولوجيةاو تاريخية او دينية او غيرها.اما هؤلاء الساسة فدعوة المرجعية لاتعنيهم او تغير في اصل الاسباب التي ربما دفعت بهم الى محاولة الحصول علىموقع ربما سيفتح لهم ابواب السماء والارض، ولا يهمهم بعد ذلك ان انفتحتعيهم ابواب جهنم على راي من يرى ذلك او على راي مرجعياتهم او مرجعيات مناتوا بهم او من سياتوا هم بهم، وبالنسبة لكثير منهم، فهذه ليست المرةالاولى وبالتاكيد فلن تكون الاخيرة مادام جواز السفر الدبلوماسي نافذاويمكن تجديده لمرات ومرات، وان ما في الغيب آت حتى وان لم يصرف ما فيالجيب، فالفقراء فقط هم من ينفق اكثر مما يملك !.

 

مازالت المعضلة الكبيرة في العملية السياسية في العراق هي الشك في وجودالمرجعية الاخلاقية في العمل السياسي التي ربما لم تكن حاضرة عندالكثيرين، بل عند معظم المنخرطين بها والعاملين فيها او القائمين عليها، عراقيين ام غيرهم، فلا يعقل ان يتم الاختلاف في تفسير النصوص في تطبيقهاالاول وبوجود من صاغها .ان الجواب بقصدية تلك الصياغة العامة والعقيمةلهذا النص او ذاك ليقبلها الغرماء او الخلطاء ان هي الا في سبيل حملهمعلى الاتفاق على الخلاف، وذلك لعمري ضياع لوقت ومال وجهد وهو اسوء مايمكنعمله وليس افضل مايمكن عمله.

 

لو حسبت عدد التشريعات التي قام بها النواب الكرام واحصيت كلماتها كلها، ثم قمت بحساب مجمل عطائهم ومكاسبهم من مرتبات ومنافع وايفادات ومخصصاتوغيرها، ثم احتسبت كلفة صياغة الكلمة الواحدة من قانون غير قابل للتطبيقاو تشريع سقيم او سواهما مما ضرره اكبر من منفعته ..لو عملت هذا ستكفَّرهؤلاء السادة حتى وان لم تكن سلفيا متزمتا، والتكفير هنا بالمعنىالاخلاقي وليس بالمعنى الشرعي الذي اصبح الجميع في مرمى قناته ...اما ان كانت تلك الصياغة غير مقصودة فذلك لا يحصل الا بداعي الجهل اوعدم الاكتراث ونحوهما، وهذا امر يضاعف من ذنب النائب والناخب، فلربماحصل هذا في بعض الموارد، لكن االله سيغفرها كلها ربما حتى وان عادوااوعادت!.

 

لقد كان هناك الكثير من الجدل اثناء تشريع قانون الانتخابات حول القائمةالمفتوحة والمغلقة ونصف المفتوحة، وقيل في حينه ان الكثير من الجهات تعملعلى خلق الظروف باتجاه ان تكون القوائم مغلقة في حين كانت تصر وتدعو فيكل مناسبة الى القائمة المفتوحة وانها اي تلك الجهات لوحدها تعمل علىذلك وتتهم الاخرين بانهم يعملون على الضد من مصالح الشعبوارادته.لكننتائج الانتخابات جاءت بما يشبه التصويت لقوائم مغلقة، فمن هو المسؤول؟وهلنلوم الناخب البسيط الذي دفعناه للتصويت في المرة الاولى بالوعود بماءصالح للشرب ومايجعل نصل مروحته يدور في لهيب القيض الحارق، وما يمكِّنهمن الحصول على ورقة نصيحة طبية صالحة للصرف، فضلا عن ضمان وصول حصته منبعض ما افاء الله على بلاده من خيرات كانت ومازالت تذهب بقدرة قادر الىحسابات الامم المتحدة وغير المتحدة والبنوك المتحدة وغير المتحدةوالاحزاب والشخصيات المتحدة وغير المتحدة ورجال الاعمال في الاماراتالمتحدة وغير المتحدة.يريد المواطن البسيط خلاصا سريعا لمشاكله والواقعانه غير معني على الاطلاق بمصالح محترفي السياسة او هواتها، كما انه لايرغب ان يضاف اسم جديد لقائمة الاغنياء ويكون هو سببا مباشرا في ذلك، فلربما كان اي المواطن ضحية خياراته نتيجة لصفقة اقتصادية اوصفعة سياسيةتمت في احدى الملتقيات او الشركات او البنوك او المؤتمرات.. فاين كل ذلكمن المرجعية المفترضة للحاكم ؟ويقال ان هناك عدد كبير من النواب سيدخلونالبرلمان بالفي صوت، وذلك من بركات شعبية قادتهم المحنكين، في الوقتالذي يشتكي آخرون لا نعلمهم الله يعلمهم والراسخون بعلم المفوضية، يشتكونعلى فقدانه الكرسي النيابي على الرغم من حصادهم لتسعة آلاف من اصواتجمهورهم، حيث حلت محلهم نساء حضين بمباركة من لدن سيادة الرئيس والقانونرغم عدم علم السيدة اوبرا والشيخ اسامة بن لادن على حصة الربع فالسيدتطرح مبدا ان العدل تعني المساواة وان الملك اساس العدل كما قال الحيدريفي احدى قصائده، في حين يرى الشيخ أن شهادة الانثى تعدل نصف شهادة الذكركما ورد عند مرجعيته .لا بد ان تكون قضية الكوتة مما يؤمن به البرلمانيولا يغفل الظروف التي ادت الى تشريعها....فاين المرجعية الاخلاقية في كلهذا وذاك.

لقد بات اللعب مكشوفا امام الجميع، وان الجميع يبحث عن مصالحه المشروعةوغير المشروعة، اما الشعب المسكين فانهم يستكثرون عليه ان يعيش ويحلمبعيش كريم، كما يسمع ويشاهد ويقرأ.والغالب انهم وعدوه باجر الشهيد ومقامالغريق او الحريق وان له بالجنة عرشا ومَوئِلا بعد موته، فذلك عندهمخير مقاما وابقى، فهل سيكترث هؤلاء المساكين بما يقال من دور ايراني اوفعل اميركي او تدخل عربي او غيرها مادام الدستور والقانون والرئيسوالنائب والاعلام وكلنتون واوبرا وبن لادن وبن سلطان وابو مصعب وابوخريَّان وغيرهم قد ضمنوا له قصرا في الجنة و رصيد زين عراقنا .العراق ليس من بلدان المشتري وشعبه بشر كسائر الناس ولا بد ان لكلالبلدان والشعوب مرجعياتها وانهم يحتكمون جميعا الى قوانين حاكمة وتراثمكتوب اوغير مكتوب، فهل لا يوجود ذلك عندنا

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1364 الاحد 04/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم