أقلام حرة

الوحدة الوطنية في العراق القديم.. لوكال زاكيزي أنموذجا

والحمد الله كان الشعب العراقي أقوى من هذه الأفكار الدخيلة وحاربها بأيمان وعقيدة راسخة بالدعوة إلى الوحدة الوطنية والتقارب المذهبي والعرقي وفكرة الوحدة الوطنية هي فكرة ابتدعا الشعب العراقي فالوطن واحد والشعب العراقي شعب واحد من شماله إلى جنوبه ومنذ أقدم العصور ..

وادعى الكثير من السياسيين والمتنفذين بان فكرة الوحدة الوطنية هي من ابتكارهم واختراعهم، لكنهم قد لا يعلمون إن فكرة الوحدة الوطنية في العراق هي من ابتكار رجل عراقي سومري بطل أسمة لوكال زاكيزي، رأى العراق منقسم قبل 5000 سنة فحاول إن يوحده أرضا و شعبا وتاريخ مصيري واحد ففي حدود عام 3200 ق. م كانت الحضارة العراقية قد وصلت إلى درجة متقدمة إلى حد ما من الرقي الحضاري، ومن المعروف تاريخياً إن الفكر السياسي في العراق بدء منذ عصر فجر السلالات تقريبا، وذلك عندما نشأت المدن على ضفاف الرافدين والخليج العربي قديما . و تحولت هذه المدن إلى دويلات مدن مستقلة ومنفصلة عن بعضها .وأصبح لكل مدينة سلال حاكمة و نضام ملكي متكامل وكانت هذه المدن في نزاع وحروب مستمرة من اجل النفوذ السياسي والحصول على الأراضي الزراعية و الاستحواذ على مصادر المياه في جنوب العراق آنذاك ...

لوكال زاكيزي: وفي خضم تلك الصراعات بين دويلات المدن السومرية ولد لوكال زاكيزي في مدينة اوما جنوب العراق، بين عائلة ارستقراطية تنتمي إلى طبقة الكهنة حيث كان والدة كاهن أعلى للإلهة (نصابا) إلهة المختص بشؤون الكتابة في مدينة اوما . و قد شارك والدة والذي قيل أسمة (بوبو) أو (اوكش) في عمل الكهنوتية، ولكن قدرته ومهارته العسكرية جعلته يتبوأ عرش دولة مدينة اوما وبظروف غامضة ومعقدة . وقد عاصر لوكال زاكيزي الصراع الطويل بين دولتي اوما ولكش والذي اتسم بالشدة والاستمرارية على مدة قرن كامل ..

واستغل لوكال انصراف شعب لكش الى حياة السلم لفترة ما، ولثقته بصفاته القتالية العالية ومقدرته العسكرية الفائقة عمد الى القيام بهجوم مباغت بجيشه على مدينة لكش والتي تقع على نهر الغراف فتمكن من القضاء على سيادتها والقبض على ملكها المشرع اوروكاجينا وبذلك أنهى صراع مرير دام مئة سنة. ومن هنا بدء بتوطيد سلطته على المنطقة ونشأت لدية فكرة توحيد بلاد الرافدين ...

 ثم استولى على مدينة الوركاء الشهيرة وهنا اتخذ لنفسه لقب (ملك اورك) وأسس سلالة الوركاء الثالثة، . وهنا اضطر الى خوض حروب عديدة مع بقية دويلات المدن السومرية بعد إن شعروا بطموحة بالتوسع لتوحيد بلاد الرافدين وتمكن من ضم مدينة كيش المدينة المقدسة لدى العراقيين القدماء . وهنا استعان بالدين واربابة، ليحقق طموحة فادعى إن أرباب سومر رعوه ورددوا أسمة ونصبوه في هيا كلهم ملك للبلاد كلها وظل يعتبر نفسه كاهنا أعلى للآلهة اورك، بل ادعى أنة الابن المولود للإلهة (نصابا) وأنة رضع اللبن المقدس من الربة نيخرساج فلقب

 نفسه (ملك كيش) وبعد ذلك استمر في حروبه و فتوحاته فتمكن من خلال تلك الحروب من الاستيلاء على مدينة أور . وبعدها المدينة المقدسة (نفر) . ثم اتخذ لنفسه لقب جديد هو (ملك الإقليم) أي ملك البلاد، ثم فرض سيطرته على جميع بلاد سومر جنوب العراق فلقب (بملك سومر). وبذلك يكون قد وحد بلاد الرافدين تحت حكمة المركزي الموحد ..

وبالطبع إن لوكال كان طموحا في إن يوحد بلاد سومر (العراق) وينهي حالة انقسام دويلات المدن .

ولم يكتفي بذلك القدر، فبعد إن تلقى التهديدات من دول الجوار والأقوام التي كانت تسكن على حدود بلاد سومر، فقام بمد نفوذه وفتوحاته نحو منطقة البحر الأعلى أي البحر المتوسط شمالا، ونحو البحر الأسفل جنوبا أي الخليج العربي . فشملت فتوحاته و حكمة العراق وبلاد الشام وجنوب إيران ..

وذكرت النصوص النذرية التاريخية البدائية عن تمجيد لوكال زاكيزي لنفسه وتبجيله للسلام والرخاء والسعادة والأمان الذي عم في إرجاء بلاد سومر خلال فترة حكمة ..

لقد ترك لوكال زاكيزي نصاً مهما واحداً، جمع كتاباته (هيرمن هلبرشت) من كسر إناء من الفخار المتهشم بصف لوكال نفسه بفخر على أنة ملك الوركاء وملك البلاد وأنة شخص اخضع جميع البلدان الأجنبية حتى أنة لم يبقى شيء سوى السلم والسعادة والرخاء في كافة إنحاء مملكته التي كانت تمتد من البحر الأسفل على طول نهري دجلة والفرات إلى البحر الأعلى ..

على العموم ... فان لوكال زاكيزي كان أول حالم بوحدة العراق ووحدة أرضة وشعبة وان يعم الآمن والإسلام والرخاء ..

 

نهاية حكمة:

ودام حكمة 25 عام في حوالي (2400 إلى 2371 ق . م) . وتمكن من ائشاء أول إمبراطورية في التاريخ امتدت من جنوب العراق إلى بلاد الشام والبحر المتوسط شمالا و إلى جنوب إيران غربا .

وفي عام 2371 ق. م ظهر على الساحة السياسية سرجون الاكدي والذي كان ساقيا للملك السومري (أور ـ زبابا) في الوقت الذي كان في لوكال زاكيزي مللك لاوما ثم أصبح موظف كبير عند هذا الملك وبعد ذلك اعتلى سرجون عرش مدينة كيش واصطدم بجيش لوكال زاكيزي وحدثت بينهم حروب طاحنة انتهت بهجوم مفاجئ لسرجون على مدينة الوركاء عاصمة لوكال ذات السمعة الحضارية و العقائدية القديمة، وضربها وهدم أسوارها وسيطر عليها، ونقول ليس عند هذا الحد ينتهي مجد الملك السومري العظيم لوكال زاكيزي سياسيا بعد خمس وعشرون عام من حكم عادل وانتصارات عسكرية ناجحة وتوحيده لبلاد الرافدين في بادرة لم يجرؤ اسلافة على المضي في تنفيذها اسر لوكال زاكيزي واقتيد بالسلاسل وقيد بخشبة كانت تطوق رقبته وسحب إلى أبواب مدينة (نفر) ليلعن من قبل الناس و يبصق علية من قبل كل الذين كانوا يمرون بالقرب منة . ويمجدون سرجون ثم قتل لوكال زاكيزي وفي صدره هم كبير وشجوا وانين حيث كان يسعى لتحقيق حلمة الوحيد وهو وحدة بلاد وادي الرافدين تحت ضل حكم مركزي موحد وشعب واحد و وطن واحد لا يتجزء ونسأل الله عزوجل إن يديم حلم لوكال زاكيزي علينا إلى قيام الساعة أنة سميع مجيب ...

ونتمنى من أعضاء مجلس النواب الجدد الذين انتخبهم الشعب في يوم ديمقراطي بهيج إن يمتعوا أنفسهم بالكفاءة والنزاهة والأمانة على المال العام والحفاظ على وحدة الشعب العراقي بكل مكوناته واطيافة وان يحققوا حلم لوكال زاكيزي الذي هو حلم الشعب نفسه بان يروا بلدهم واحد موحد لايتجزء إن شاء الله ..

وقد استنتجنا من خلال ما جمعناه عن حياة لوكال زاكيزي بعض النقاط المهمة فرأينا:

1 / إن العراق كان مقسم في عصر فجر السلالات إلى مدن مستقلة ومتصارعة فيما بينها وكان لوكال هو المنقذ الذي وحد البلاد تحت حكمة المركزي وكان ذلك من دافع سياسي بحت وليس من طموح بالتوسع والاحتلال والظلم كما وصفه بعض الباحثين والمؤرخين من غير إن نذكر أسمائهم .

2 / إن لوكال زاكيزي هو مؤسس أول إمبراطورية في العالم بعد إن امتد حكمة إلى جميع البلاد الممتدة من الخليج العربي جنوبا إلى البحر المتوسط شمالا، إما سرجون الاكدي فقد ورث المجد وهذه الإمبراطورية من لوكال وليس كما يدعي بعض الباحثون والمؤرخون من دعاة القومية، }إن سرجون هو مؤسس أول إمبراطورية في العالم{، والسبب هو لكون سرجون ينتمي إلى العنصر السامي

 3 / أهملت الكثير من كتب التاريخ القديم الكتابة عن لوكال زاكيزي ومرت على ذكره مرورا عابرا دون الحديث عن انجازاته وانتصاراته وفكرة الوطني، ولذا ارتأينا إن نخصص مقالة لذكره وإحياء لمواقفه التي تنطبق على وظعنا الراهن واسمينا مؤسسا للوحدة الوطنية في العراق من خلال ما مر ذكره سلفا ... ؟؟

 

حسن الوزني

كاتب وشاعر عراقي

[email protected]

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1365 الاثنين 05/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم